وزير المالية: مضاعفة جهود تحسين الأداء الاقتصادى من خلال سياسات مالية متوازنة خلال المرحلة المقبلة    ليس بالحروب وحدها.. نُحصّن أمننا الإقليمى    عبدالعاطي يلتقي نظيره السعودي.. وكاتب صحفي: أحداث المنطقة تستدعي تكاتفًا عربيًا    خاص.. مصدر مقرب من الجزيري يكشف عن مستقبل اللاعب مع الزمالك    ريال مدريد يرفع درجة الاستعداد: معسكر تكتيكي مكثف.. صفقات قوية.. وتحديات في روزنامة الليجا (تقرير)    بعد 5 أيام.. استخراج جثة شاب سقط في بحر شبين بالغربية    لف ودوران    نصر أبو زيد.. رجل من زمن الحداثة    هنا هشام تفوز ببرونزية الوثب العالي في بطولة أفريقيا لألعاب القوى بنيجيريا    أعقبته عدة هزات.. زلزال يضرب نابولي بإيطاليا    مبادرة لمكافحة الحرائق    مجلس الشيوخ 2025.. مرشحي حزب الجبهة الوطنية بقائمة من أجل مصر    اشتباكات دامية وأزمة إنسانية خانقة في السويداء جنوبي سوريا    آمال ماهر تتصدر التريند ب «خبر عاجل» وتستعد لطرح الألبوم الأحد المقبل    إنقاذ حياة طفل يعاني انسداد الإثنى عشر بمستشفى القناطر الخيرية    فحص 1250 مواطنا ضمن قوافل مبادرة حياة كريمة الطبية فى دمياط    من قلب برلين.. أشرف منصور: الجامعة الألمانية جسْر أكاديمي وثقافي بين مصر وأوروبا    البورصة المصرية تحقق مكاسب بقيمة 27.4 مليار جنيه خلال أسبوع    مكتبة الإسكندرية تتيح كنوز التراث المصري للصم وضعاف السمع باطلاق نسخة من سلسلة عارف بلغة الإشارة    تعرف على فريق عمل مسلسل ولد وبنت وشايب.. علاء عرفة أحدث المنضمين    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    السيطرة على حريق بسيارة ملاكي بمنطقة 45 في الإسكندرية    اتفاقية بين مصر وأمريكا لمنح درجات الماجستير    وزارة الصحة تكشف نتائج التحاليل فى واقعة وفاة 5 أطفال أشقاء بمحافظة المنيا    الصحة: حملة تفتيشية على المنشآت الطبية الخاصة بغرب النوبارية بالبحيرة للتأكد من استيفائها للاشتراطات الصحية    دي مارزيو: إنزاجي يطالب الهلال بالتعاقد مع إيزاك    موعد نتيجة الثانوية العامة 2025    حماس: المقاومة جاهزة تماما لمواصلة معركة استنزاف طويلة ضد قوات الاحتلال    «النواب» يقر خطة ترامب لخفض تمويل المساعدات الخارجية ب 9 مليارات دولار    براتب 10000 جنيه.. «العمل» تعلن عن 90 وظيفة في مجال المطاعم    تقرير: نجم مانشستر سيتي على أعتاب الرحيل    «الصحة»: حملة تفتيشية على المنشآت الطبية بغرب النوبارية    حزب مصر أكتوبر: العلاقات "المصرية السعودية" تستند إلى تاريخ طويل من المصير المشترك    التفاصيل الكاملة لأزمة «الوفد في القرآن».. و«كريمة» يطالب بمحاكمة عبدالسند يمامة    الهيئة الوطنية تعلن القائمة النهائية لمرشحي الفردي ب"الشيوخ" 2025 عن دائرة الإسكندرية    وسط أجواء احتفالية وإقبال كبير.. انطلاق الموسم الخامس من مهرجان "صيف بلدنا" بمطروح    فتح طريق الأوتوستراد بعد انتهاء أعمال الإصلاح وعودة المرور لطبيعته    لموظفي العام والخاص.. موعد إجازة ثورة 23 يوليو والمولد النبوي    وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية ومحافظ كفر الشيخ يفتتحون المرحلة الأولى من تطوير مسجد إبراهيم الدسوقي    مصرع عامل في حريق اندلع داخل 3 مطاعم بمدينة الخصوص    جهاز تنمية المشروعات ينفذ خطة طموحة لتطوير الخدمات التدريبية للعملاء والموظفين    تقارير: النصر يتمم ثاني صفقاته الصيفية    بعد تصريحه «الوفد مذكور في القرآن».. عبدالسند يمامة: ما قصدته اللفظ وليس الحزب    نجمهم خفيف.. مواليد 3 أبراج معرضون للحسد دائما    اليوم.. "الوطنية للانتخابات" تعلن القائمة النهائية لمرشحي مجلس الشيوخ    وزير الخارجية يواصل اتصالاته لخفض التصعيد بين إيران وإسرائيل وتفعيل المسار الدبلوماسي    المشاط تعقد اجتماعًا موسعًا مع منظمات الأمم المتحدة و التمويل الدولية لبحث تنفيذ مخرجات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية    نصر أبو الحسن وعلاء عبد العال يقدمون واجب العزاء في وفاة ميمي عبد الرازق (صور)    عاشور وناجي في القائمة النهائي لحكام أمم إفريقيا للمحليين    مجلس الوزراء: إعلانات طرح وحدات سكنية بالإيجار التمليكي مزيفة ووهمية    الرعاية الصحية وهواوي تطلقان أول تطبيق ميداني لتقنيات الجيل الخامس بمجمع السويس الطبي    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 4 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 18-7-2025 في محافظة قنا    «أمن المنافذ» يضبط قضيتي تهريب ويحرر 2460 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    أغانى ينتظرها جمهور مهرجان العلمين الجديدة من أنغام بحفل افتتاحه اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فشكراً أشرف!?    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد السيد الطناوي: في انتظار الفوضى
نشر في البديل يوم 29 - 07 - 2015

لا إرهاب اليوم أعتى من إرهاب النظام الحاكم، ولا مقاومة أوجب من مقاومة أفعاله، الحوادث تتراص يوما بعد يوم لتبرهن أن الخطر الأكبر على الدولة لا تمثله جماعات إرهابية على اختلاف مسمياتها بل تصدره مجموعة حاكمة هي أقرب في سياساتها إلى العصابات الإجرامية منها إلى الأنظمة الدستورية.
الجماعات الإرهابية التي تهدف بممارساتها إلى هدم النظام وتقويض الدولة مهما ازداد عنفها وتعددت عملياتها لا تؤسس للفوضى بقدر ما تؤسس لها ممارسات نظام لا يعلي دستورا ولا يعبأ بقانون ولا يُعنى بخدمة مواطنيه، كل همه استقرار سلطانه لا استقرار الدولة، وكل أعماله وقرارته تهدف إلى إحكام قبضته على هذه الدولة لا إعلاء شأنها، وتطويع مؤسساتها لا تطويرها.
الفترة القصيرة الماضية حملت من المؤشرات ما يثقل كاهل كل مهتم بالشأن العام، ويدفعه دفعا إلى استنتاج وحيد أن الانفجار، ومن ثم الفوضى العارمة، هو المآل المتوقع ولا نقول العقاب المستحق على انعدام وعي الجماهير وخيانة النخبة وانبطاح الإعلام.
المؤشر الأول: تقرير أصدره مؤخرا مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب عن حالة حقوق الإنسان العام الماضي، واصفا إياه بأنه الأسوأ، فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، منذ تأسيس المركز سنة 1993، حيث رصد المركز الحقوقي 272 حالة وفاة نتيجة لتعذيب تعرض له مقبوض عليهم داخل السجون وأقسام الشرطة ومقرات أمن الدولة، إضافة إلى 289 حالة تعذيب و189 حالة اختفاء قسري!
المؤشر الثاني: ما فعله ويفعله الجيش بسيناء فيما يعد "تدميرا ممنهجا وواسعا ومتعمدا لكل أشكال الحياة"، والعبارة للناشط السيناوي وعضو لجنة الخمسين مسعد أبو فجر، التدمير الذي ازدادت وتيرته بعد محاولة داعش الأخيرة السيطرة على مدينة الشيخ زويد، محاولة عدها أبو فجر، مجرد بروفة لاحتلال المدينة من قبل داعش فيما بعد، ترتب على هذه المحاولة ترك الأهالي لمنازلهم فرارا من الموت الذي يطلقه خلفهم الجيش كما داعش، في استهتار بالأرواح يدفع ثمنه باهظا أهالي سيناء قتلا عشوائيا وتهجيرا وشللا لحياتهم بفعل حالة الطوارئ المطبقة منذ أمد.
المؤشر الثالث يتمثل في قرار بقانون أصدره الرئيس السيسي، يجيز له إعفاء أعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، فيما عده كثيرون موجها ضد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، بعد تقديم الرجل لسلسلة من البلاغات وصلت إلى 933 بلاغا ضد فساد الأجهزة السيادية، فكان الرد قرارا بقانون ينتهك الدستور، ويتعارض مع قوانين الأجهزة الرقابية، وفي مقدمتها قانون الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي ينص على أن رئيس الجهاز غير قابل للعزل، بجانب هذا القانون هناك آخر حاول النظام تمريره، مستهدفا من ورائه بسط مزيد من النفوذ على المجتمع، وهو قانون الإرهاب، الذي أقر:
-الحبس سنتين لكل من نشر أخبارا أو بيانات عن العمليات الإرهابية مخالفة للبيانات الرسمية! (المادة 33)
-حظر قيام أى فرد أو جهة بتسجيل أو تصوير وقائع جلسات المحاكمة بأية وسيلة كانت أو بثها عبر وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة أو المقروءة أو على شبكات الاتصالات أو التواصل الاجتماعي أو على أية وسيلة أخرى، وذلك كله ما لم تأذن المحكمة! (المادة 37)
-لا يُسأل جنائياً القائمون علي تنفيذ أحكام هذا القانون إذا استعملوا القوة لأداء واجباتهم، أو لحماية أنفسهم من خطر محدق يوشك أن يقع على النفس أو الأموال، وذلك كله متى كان استخدامهم لهذا الحق ضرورياً وبالقدر الكافي لدفع الخطر! (المادة 6)
-المؤشر الرابع: تخطي الدين المحلي حاجز ال2 تريليون جنيه، وذلك لأول مرة في تاريخه بزيادة قدرها 199.9 خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالي (2014 -2015)، وفقا لما أعلنه البنك المركزي مؤخرا، واكب الإعلان كشف الحكومة عن موازنة العام الجديد (2015-2016) وخفض ميزانية وزارتي الصحة والتعليم بها، إضافة إلى تقليص دعم المواد البترولية سدا للعجز، ليدفع المواطن البسيط ثمن فشل الحكومة في تحقيق أي طفرة اقتصادية تخفف من حدة معاناة اكتوى بنارها طويلا، في الوقت نفسه ما فتأ يسمع بين الحين والآخر بزيادات في مخصصات القضاء والشرطة والجيش، أما هو فمطالب بأن "يجوع كي يبنى الوطن"!
المؤشرات جميعها تقول بأن السيسي -لا التنظيمات الإرهابية ولا الإخوان -هو الخطر الأكبر على الدولة اليوم، بنهجه الأمني الذي يفرخ الإرهاب ويشرعنه، وتوجهاته الاقتصادية التي تهرس الفقراء وتئد أي أمل لهم في تحسن أحوالهم، إضافة إلى تعطيله للمسار الديمقراطي عبر عرقلة الانتخابات التشريعية واستمرائه إصدار قوانين هي معاول هادمة للدستور، كذلك إدارته للدولة التي تصمها العشوائية وانعدام الكفاءة، ولو ربطنا كل هذا بتهويمات يعتقدها الرجل في نفسه، وتمنعه التراجع عن مسار خطه لحكمه؛ فإن الفوضى هي المآل المحتوم، وإذا كان ثمة أمل فمرهون بأن تخلق الفوضى المتوقعة بداية لعهد جديد يقطع الصلات بتاريخ طال في ظل أنظمة مستبدة فاسدة، أهلكت الزرع والضرع، وخربت العقول، وأمرضت الأبدان، وأفسدت الضمائر، وأهدرت الكرامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.