مازال قطاع النقل النهري والبحري في مصر يسوده الإهمال، ويتحمل مسئولية جميع الكوارث التي تحدث، خاصة أن القطاع يغرق في مستنقع من الفساد؛ بعد سيطرة الشللية والعائلات عليه، وكان خير شاهد حادث غرق مركب الوراق منذ أيام، وقبلها غرق العبارة طابا وغيرها من الحوادث. فساد القطاع جعل التفتيش على الوحدات يتم في المكاتب، بجانب أن جهل القائمين عليه بطبيعة عملهم، جعلهم يتنازلون عن سيطرة الدولة وهيمنتها في إصدار الشهادات التأهيلية للأطقم البحرية، وإهمال الدورات التي من شأنها رفع كفاءة أفراد الطاقم عملياً لصالح الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، لتصبح الوكيل الحصري لإصدار هذه الشهادات وإجراء الامتحانات بالطريقة التي تراها، الأمر الذي جعل قدرات الخريجين متدنية. عشرات القتلى وخسارة ملايين الجنيهات فى حوادث النقل البحرى شهريًا كان حادث غرق مركب الوراق فى نهر النيل منذ أيام، إثر اصطدامه بصندل بضائع، مخلفا أكثر من 40 قتيلا، أحدث كوارث النقل النهرى فى مصر. وبناء على ما قاله رئيس هيئة النقل النهرى، فإن القارب غير مرخص والصندل ليس به أنوار، وبالتالي لم يره أحد، كما أنه غير مصرح له بالإبحار ليلاً، ولم يخضع لأى فحص من قبل هيئة النقل النهرى باعتباره لا يحمل ترخيصاً للإبحار، وقائده خالف جميع قواعد السير، مما أدى إلى التصادم بالقارب وغرقه بما يحمله من ركاب. وخلال الشهر الجارى أيضا، استيقظ المصريون على خبر غرق العبارة طابا على بعد 20 ميلا من ميناء سفاجا فور مغادرته وعلى متنها 37 فردا، بالإضافة إلى 43 شاحنة. في شهر أبريل 2015، غرق الصندل المحمل بالفوسفات أثناء إبحاره في نهر النيل بمحافظة قنا، ولوث النهر ب500 طن فوسفات كانت على متنه. في ديسمبر 2014، توقف أحد قوارب الصيد في الطرقة الملاحية بجبل الزيت دون إضاءة الأنوار الملاحية، مما تسبب في اصطدام سفينة الحاويات الكويتية به، وأدت لغرقه، ولقى حوالي 18 صيادا مصرعهم وفقدان 11. وفي سبتمبر 2014 أيضا، غرقت القاطرة "الدخيلة 6″ بمدخل ميناء الإسكندرية وتسببت في تعطيل حركة دخول وخروج السفن لمدة أسبوع، مما كلف الدولة غرامات تأخير للسفن المنتظرة للتراكي، بالإضافة إلى تحركها دون تعليمات، وكانت تستخدم في أعمال خاصة غير المصرح بها، مما توفى على متنها أحد الأشخاص من تجار مخلفات السفن والوقود المهرب، فضلا عن تكبيد خسائر تتعدى 65 مليون جنيه ومصاريف انتشالها. قلة الخبرة وتجاهل التفتيش البحرى.. أبرز أسباب الكوارث قال الدكتور محمد الحداد، الرئيس التنفيذي للمجلس العربي لحكماء النقل والتجارة البحرية، إنه بدراسة الكوارث التي حدثت خلال عام في قطاع النقل النهري والبحري، نجد أن القاسم المشترك الأعظم في الأسباب المؤدية للحادث تتمثل في جهل الطاقم وعدم درايته بأصول المهنة وعدم قدرته على إدارة الأزمة أثناء الحادث، مما يزيد من حجم الخسائر، بعد اعتبار التدريب مجرد شهادة يحصل عليها نظير رسوم فقط، بالإضافة إلى تجاهل "التفتيش البحري" فحص الوحدات العائمة عند ترخيصها والفحوصات الدورية والفحوص التي بموجبها تصدر تصاريح السفر، إلى جانب إهمال هيئات الإشراف والتصنيف التابع لها السفن في فحص الوحدات التى تصدر تراخيص لها. وأضاف "الحداد": "تقع مسئولية غرق العبارة طابا على وزارة الاستثمار مشتركة مع وزارة النقل لإهمال الصيانة، أما قوارب الصيد والوحدات العائمة في نهر النيل، فتقع المسئولية كلياً على وزارة النقل بوصفها المسئولة عن التدريب وإصدار الشهادات للطاقم وإصدار شهادات الصلاحية للوحدات"، محملا رئيس الوزراء وحكومته المسئولية كاملة عن إزهاق أرواح المصريين والإضرار بالاقتصاد القومي.