تصاحب ظاهرة التحرش الجنسي الاحتفالات العامة كالأعياد والمناسبات، وفي خلال الأيام القليلة المقبلة يحل عيد الفطر المبارك، حيث يفضل الكثر من المواطنين قضاء تلك المناسبات في المتنزهات العامة والحدائق، بدافع الترويح عن النفس والتخلص من أعباء الحياة وهمومها. لكن في ظل تلك الأجواء الاحفالية تتعرض الفتيات للتحرش الجنسي باللفظ والاحتكاك الجسدي، فنجد الاعتداء على الفتيات بداخل الحدائق والمتنزهات، حتى على كورنيش النيل أمام أعين المارة جميعًا. وعلى الرغم من أن المؤسسات والجمعيات المعنية بمجال المرأة تعمل على قدم وساق في كل عيد عل الحد من تلك الظاهرة بالقبض على المتحرشين وتجريمهم، وفقًا لقانون التحرش، إلَّا أنن نسبة التحرش في مصر تزداد. مصر تحتل أعلى معدلات التحرش عالميًّا في الأعياد ففي دراسة حديثة صدرت عن المركز المصري لحقوق المرأة في مارس الماضي، اعترف 62% من الرجال في مصر بالتحرش جنسيًّا بالنساء، وأفاد 83% من النساء بتعرضهن للتحرش، وقال نصفهن: إن ذلك يحدث معهن بشكل يومي، أما ريبيكا تشياو منسقة العلاقات الدولية في المركز المصري لحقوق المرأة فقد أفادت بأن التحرش ظاهرة حقيقية في مصر، وقد ساءت هذه الظاهرة خلال العشر سنوات الماضية بشكل لافت، وأضافت: "حتى السبعينيات لم يكن هناك تحرش في مصر إلَّا نادرًا، لكن الأمور مختلفة تمامًا الآن". وكشفت دراسة حديثة نشرتها صحيفة المصري اليوم عن أن نسبة المتحرشين تتفاوت حسب السن؛ حيث تبلغ النسبة لمن في سن 18 حوالي 22%، ومن 18 إلى 24 حوالي 29%، ومن 25 إلى 40 حوالي 30% بينما تنخفض النسبة لمن فوق 41 سنة إلى 14%، وتشير الدراسة إلى أن طالبات المدارس هن الأكثر عرضة للتحرش، حيث أكدت 30 طالبة شاركت في الدراسة أنه تم التحرش بهن في أماكن مختلفة، سواء في الشارع أو المواصلات العامة، وأوضحت الدراسة أن مصر تشكل أكبر نسبة تحرش في العالم خلال الأعياد والمناسبات التي بها خروج وترفيه. وفيما يتعلق برد فعل المتحرش بها، نجد السب هو النسبة الأكبر، حيث تكتفي 55% من النساء بسبّ المتحرش ولعنه وإكمال اليوم بشكل عادي، وذلك في حالة اقتصار التحرش على بعض الألفاظ، كما أوضحت الدراسة أن 32% يطلبن مساعدة الغرباء، و11% يطلبن مساعدة أفراد العائلة أو الأصدقاء، بينما تلجأ 13% إلى الشرطة وتبلغ عن الحادثة. وأشار تقرير إخباري أوردته صحيفة "ميل آند جارديان" البريطانية إلى تنامي ظاهرة التحرش الجنسي بالنساء بمصر، وأنها لم تعد قاصرة على النظرات أو الكلمات الإباحية، وإنما امتدت إلى لمس أجساد النساء من قِبَل المتحرشين، وذكرت الصحيفة في تقريرها، أن عمليات التحرش الجنسي بالسيدات في مصر بالأماكن العامة لم تعد تقتصر على استهداف السيدات في مرحلة عمرية أو طبقة اجتماعية محددة أو بعضًا من النساء، ونقل التقرير عن خبراء اجتماعيين قولهم: هناك العديد من العوامل التي تساعد على زيادة انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في مصر، يأتي أبرزها "تفاقم مشكلة البطالة وانتشار العاطلين في الشوارع، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الزواج، وغياب الوازع الديني الذي يحرم ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج". حملات تطالب الداخلية بمساعدتها في القضاء على الظاهرة وعلى الرغم من أن نسبة التحرش في مصر لم تقل يومًا، إلَّا أن المنظمات المعنية بشأن المرأة لم تتوقف عن دعمها، فقد استعدت تلك المنظمات لعمل حملات كثيرة؛ للحد من التحرش الجنسي في الشوارع خلال أيام عيد الفطر، فيما أعدت وزارة الداخلية احتياطها أيضًا. في البداية تقول السفيرة ميرفت التلاوي، الأمين العام لمجلس القومي لمرأة: هناك تعاون بين المجلس ووحدة مكافحة العنف ضد المرأة بوزارة الداخلية في اتخاذ كل التدابير، التي تكفل سرعة التدخل في حالة حدوث وقائع تحرش، وتكثيف التواجد الأمني في الشوارع والميادين والحدائق العامة لإلقاء القبض على المتحرشين خلال أيام عيد الفطر المبارك. وأكدت أن المجلس القومى للمرأة خصص غرفة عمليات تعمل خلال فترة عيد الفطر لتلقى شكاوى التحرش التي قد تتعرض لها النساء والفتيات، مشيرة إلى أن أحد محاميّ مكتب الشكاوى سيرافق قوات الشرطة خلال الحملات الأمنية لضبط وقائع التحرش، على أن يقدم مكتب الشكاوى المساندة القانونية للسيدات والفتيات في حالة الاتجاه لرفع دعاوٍ قضائية. وأكدت مبادرة «شفت تحرش» أنها ستتواجد ميدانيًّا، خلال عطلة عيد الفطر في محافظة القاهرة، والتي وصفتها بالمنطقة الموبوءة بجرائم التحرش الجنسي. وأعلنت «شفت تحرش» عن الأماكن التي ستتواجد بها خلال عطلة العيد، وهى سينما ميامي ومترو بشارع طلعت حرب، فضلًا عن تقاطع شارع طلعت حرب مع 26 يوليو وحتى دار القضاء العالي، ومحيط ميدان التحرير، بالإضافة إلى محيط ميدان عبدالمنعم رياض، ومن أمام مبنى ماسبيرو وحتى كوبري قصر النيل. من جانبة قال فتحي فريد، منسق المبادرة: دور المبادرة في الشارع وحده لا يكفي، وعلينا نشر الضابطات بكثافة في الأماكن الأخرى التي لا تستطيع المبادرة تغطيتها، مشيرًا إلى أن وزارة الداخلية عليها دور كبير، فلابد أن تدفع بقواتها لمواجهة مرتكبي جرائم العنف الجنسي. وأوضح فريد أن للداخلية دور في وضع تدابير وآليات استثنائية لتحرير محاضر التحرش بأماكن الوقائع، دون إجبار النساء والفتيات على الذهاب إلى أقسام الشرطة؛ حفاظًا على حقهن في الخوف من الوصمة الاجتماعية.