ليس جديدًا ما تشهده العلاقات الصينية الروسية من تعاون وثيق في هذه الفترة، فدائمًا ما كان الحليفان يلتقيان عند نقطة واحدة، لاسيما وأن هذا التقارب يحدث نوع من التوازن الإقليمي، الذي لم تتنازل عنه دولتين بحجم الصينوروسيا، إلا أن ما أعطي اهتمامًا أكثر بمتابعة هذه العلاقات في الفترة الأخيرة، هو ما يدور في أذهان الجانب الآخر، حيث يثير لدى الدول الغربية تخوفات كثيرة بأن هذا التعاون قد يكون موجه ضدهم، خاصة مع اشتداد الصراع بين روسيا والغرب في كثير من الملفات الإقليمية. وعلى هامش اجتماع رؤساء دول مجموعة "بريكس" (البرازيلوروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) في مدينة أوفا، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الصيني شي جين بينغ، وأكد الرئيس بوتين خلال اللقاء اهتمامه بتطوير التعاون الاقتصادي بين روسياوالصين، مشيرا إلى أن التعاون مع الصين يساعد روسيا على تذليل الصعاب في المجال الاقتصادي ومجال السياسة الخارجية، والتي يسببها ما يتخذه الغرب من إجراءات ضد روسيا. وتعد الصين أكبر شريك تجاري واقتصادي لروسيا، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين، في العام الماضي، قرابة 90 مليار دولار، ويسعى البلدان إلى زيادة حجم التبادل التجاري إلى 200 مليار دولار في السنة بحلول عام 2020، ولكن الغرب يعبرون عن قلقهم من تركيز روسياوالصين على تطوير التعاون في كثير المجالات خاصة العسكرية، ويزعمون أنهما تسعيان إلى تشكيل "المحور الاستراتيجي". مع ذلك هناك تقارب في الرؤية الروسية الصينية، والتي تعتمد على فكرة عالم متعدد الأقطاب، لذلك هناك رغبه تجمعهما في تحجيم الدور الغربي في الساحة الدولية، لإحداث نوع من التوازن بين مختلف الأقطاب.ويظل التقارب الروسي الصيني مقصورا على المجال الاقتصادي، ولكن الخبراء لا يستبعدون إمكانية تخطي التعاون الروسي الصيني لحدود الاقتصاد في المستقبل في حال تعمدت الولاياتالمتحدة إعاقة تقدم أهم بلدين في الشرق، وهذا ما يثير غضب الغرب. يقول ديميتري تارنين، مدير مركز أبحاث "كونجي" في موسكو؛ إن روسياوالصين، من ناحية سياستهما العالمية، تعملان على تطبيق فكرة "العالم ثنائي الأقطاب" ضد السيادة الأمريكية، كما أنهما تدعم كل منهما الأخرى بصمت في محاولات حماية مناطق النفوذ، فعلي الرغم من نفي بوتين أن هذا الاجتماع يهدف لتدشين حلف جديد في الشرق، وقوله إنه يأتي ضمن تقارب عالمي تعمل عليه روسيا، إلا أن المعطيات والأرقام تشير إلى غير ذلك، فإن العلاقات التجارية بين روسياوالصين، اللتين تطالبان بالحد من قوة الولاياتالمتحدة، تتعزز بسرعة وبشكل كبير. واتفق الزعيمان الروسي والصيني خلال مفاوضات عقدت على هامش قمتي "بريكس" و"منظمة شانغهاي للتعاون في مدينة أوفا الروسية، اتفقا على توسيع التعاون في مجال الطاقة، والطيران، والفضاء، بالإضافة إلى تنمية الشرق الأقصى الروسي. وأصبحت روسيا عام 2015 مصدر النفط الأكبر للصين، بدلاً من المملكة العربية السعودية، وضاعفت التصدير لها منذ 2010، وفي هذا السياق يتوقع محللون أن يزداد التعاون في مجال الطاقة أكثر فأكثر، وهنا يذكر أنه في عام 2014 احتلت الصين مكان ألمانيا كالمستورد الأكبر للنفط الخام من روسيا. أما على الصعيد العسكري فتبلغ قيمة صفقات السلاح السنوية بين روسياوالصين ما يقارب المليار دولار في السنة، كما أن روسيا ترددت في الماضي في بيع أسلحة متقدمة لعدوتها العسكرية السابقة، لكن مؤخراً نشرت كل من الدولتين تقارير تشير إلى أن موسكو ستزود الصين بصواريخ أرض-جو من نوع "إس 400″، الأمر الذي عزز العلاقات بينهما. إلى جانب ذلك، تزامن هذا التطور في مجالات الصفقات العسكرية مع تعاون في مجال التدريب العسكري المشترك، فبحسب ما ورد من أخبار في مايو 2015 فقد عقدت مناورات عسكرية تدريبية مشتركة بين الجيش الروسي ونظيره الصيني في البحر الأبيض المتوسط، وحملت هذه التدريبات رسالة للولايات المتحدة مفادها أن روسيا يمكن أن تصبح حليفة عسكرية مهمة للصين.