في الوقت الذي يبدأ فيه الحديث عن طي صفحات التأزم والخلاف بين القاهرة وحركة "حماس"، وفتح قنوات جديدة للاتصال والتنسيق فيما بينهما، وعودة العلاقات الودية التي دائمًا ما تحرص مصر عليها مع كافة الفصائل الفلسطينية، يبدأ الدور الصهيوني ليبث سموم الفتنه بين الطرفين عبر حملات دعائية في وسائل إعلامه التي لم تترك شاردة أو واردة تحدث في سيناء إلا وتستخدمها لتضرب الطرفين بعضهما البعض، ليخرج الكيان الصهيوني في صورة ضحية إرهاب المقاومة الفلسطينية والمدافع عن أرض سيناء. بات واضحا استغلال إسرائيل لأي عملية إرهابية في أرض سيناء لتحميل حركة حماس مسئوليتها حتى إن لم تحملها مصر المسئولية، ففي العملية الإرهابية الأخيرة التي وقعت في الشيخ زويد بسيناء، لم تتهم القاهرة حركة حماس بالتورط في الهجوم، وهو ما أثار استفزاز القيادات الصهيونية فسارعت إلى توظيف اعتداءات "داعش" في سيناء لخدمتها وتعزيز حربها ضد الحركة، وذلك من خلال إلقاء الاتهامات على الحركة وتحميلها مسئولية العملية الإرهابية. ذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي "أفيخاي أدرعي" أن حركة المقاومة "حماس" دعمت تنظيم "ولاية سيناء" إلى ارتكاب أحداث سيناء الأخيرة، وعبر "أدرعي" على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "هناك اثباتات أن ذراع حماس العسكري قدم الدعم الإداري وبالتسليح لولاية سيناء التابعة لداعش، في ارتكاب الاعتداءات الإرهابية في سيناء"، ونقل تصريحًا عن الجنرال "يواف مردخاي" يزعم فيه أن "وائل فرج قائد كتيبة في ذراع حماس العسكري كان يهرب جرحى من عمليات سيناء الإرهابية إلى قطاع غزة"، وأضاف "أدرعي" على لسان "مردخاي"، "عبد الله قيشي مسئول تدريب رفيع في حماس كان يدرب عناصر من تنظيم ولاية سيناء الإرهابي". هذه التصريحات التي تصدر عن المسئولين الإسرائليين وما سبقها من اتهامات تحمل دلالات التحريض على الشعب الفلسطيني ضمن محاولات إلصاق التهم الجزافيه بحق المقاومة الفلسطينية بأنها تشكل حاضنه لتنظيم"داعش"، وهو ما دفع حركة "حماس" لنفي هذه الاتهامات الصهيونية، حيث أدانت الحركة سلسلة الهجمات التي شنها تنظيم "داعش" ضد عدد من المواقع العسكرية بسيناء وبالتحديد في "الشيخ زويد"، وأكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس "موسى أبو مرزوق"، على تحسن العلاقات مع مصر، قائلًا "إن هذه العلميات تضر بأمننا، وبذلنا جهودًا كبيرة لتوطيد العلاقات مع مصر وهي الآن معززة بالفعل"، وأضاف "أبو مرزوق"، "نهتم دائمًا بعلاقتنا الطيبة مع مصر، أدين وبشدة هجمات سيناء". الشائعات والإدعاءات الصهيونية حول وجود توتّر في العلاقات بين حركة "حماس" ومصر في أعقاب الهجوم الأخير، نفته القيادات الحمساوية، حيث قالت إن العلاقات الرسمية بين مصر وحماس لم تشهد تبادلًا للاتهامات، بل شهدت انفراجًا وتنسيقًا. وقالت مصادر مطلعة في حركة "حماس" في تصريحات إعلامية، "العلاقة الرسمية بين حماس ومصر لم تشهد تبادلاً للاتهامات"، لافتة إلى أن "العلاقة تشهد تطوراً إيجابياً في المرحلة الأخيرة، وهو ما أغضب البعض ودفعه إلى محاولة إثارة الفتنة من جديد". وأضافت المصادر أن "هذه الاتهامات المعلّبة التي سرعان ما تنتشر بعد أي عمل إرهابي في سيناء ضد أشقائنا في مصر، تعوّدنا عليها"، وكشفت عن أنه "خلال اليوم الدامي الذي شهدته سيناء، تلقت الحركة اتصالات رسمية مصرية طالبت الحركة بضرورة تشديد الرقابة على الحدود بين غزةوسيناء لمنع هروب أي من العناصر التي هاجمت مراكز القوات المسلحة إلى غزة"، وتابعت أن "الحركة استجابت للجانب المصري مباشرة، حرصاً على أمن سيناء الذي يمثّل عمقًا وأمنًا استراتيجيًا لأهل غزة". قرار محكمة الأمور المستعجلة في القاهرة بإلغاء حكم قضائي سابق بإعتبار حركة حماس "تنظيمَا إرهابيَا" شكل مفاجأة للجميع وخاصة للقيادة الصهيونية، حيث اعتبرته بداية لضبط إيقاع العلاقة الثنائية بين الطرفين، وهو ما أثار قلق شديد لدى القيادة الصهيونية من انفراج العلاقات بين مصر وحركة حماس. المصالحة بين مصر وحركة حماس وإعادة العلاقات إلى طبيعتها منذ عامين هي أكثر ما تخشاه إسرائيل، حيث يترتب عليه تنسيق أمني على الحدود بين مصر والحركة، وبالتالي فشل المخطط الصهيوني في دعم الفوضى في مصر وإشغالها بمشاكلها الداخليه، وإضعاف وإنهاك الجيش المصري في الحرب بسيناء ليكون على غرار باقي الجيوش العربية التي انهكتها الحرب مع الجماعات الإرهابية، كما أن العمليات الإرهابية التي تحدث في سيناء من وقت لأخر واتهامات الحركة بالوقوف خلفها هي أكثر ما يُفيد إسرائيل، حيث تعتبرها الأخيرة الذريعة التي تبرر بها الحرب على الحركة والحصار المفروض على قطاع غزة، لتصور نفسها بأنها ضحية الإرهاب وأن المقاومه الفلسطينيه ما هي إلا "إرهاب يهدد أمن إسرائيل ومصر"، وهو ما دفع رئيس الوزراء الصهيوني "بنيامين نتنياهو" إلى وضع بلاده ومصر في خندق واحد لمحاربة الإرهاب، على حد زعمه. التحريض الإسرائيلي هدفه إبعاد مصر عن القضيه الفلسطينيه، كما يعتبر تحريض واضح لدفع مصر لضرب قطاع غزة لتخوض بالوكالة حربا على الفلسطينيين ويتحقق الأمن للكيان الصهيوني، لكن القيادة المصرية دائمًا ما تسعى إلى تفويت الفرصة على إسرائيل وإحباط تحريضهم، حيث تعي القيادة المصريه جيدًا أهداف تل أبي ومخططاتها التي لا ترى فيها إلا مصالحها الشخصية دون النظر إلى غيرها.