ما زالت العملية الإرهابية التي شهدتها تونس في الفترة الأخيرة بمدينة سوسة السياحية والتي راح ضحيتها 38 شخصًا تلقي بظلالها على الأوضاع الداخلية في البلاد، فبين التحقيقات التي تجريها الحكومة التونسية و خطاب الرئيس التونسي القائد السبسى، شهدت تونس الأيام القليلة الماضية جدلًا واسعًا بين مختلف الأطياف لاسيما بعد إقرار السبسي قانون الطوارئ مرة أخرى. قانون الطوارئ في تونس أقره الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة عام 1978، يعلن عنه في الحالات الاستثنائية، حين يحدث خطر داهم يهدد كيان وأمن البلاد، مدة الطوارئ أقصاها ثلاثون يوما، وينص القانون على منع تجول الأشخاص والعربات، ومنع كل إضراب أو اعتصام حتى ولو تقرر قبل الإعلان عن حالة الطوارئ. يتيح القانون للسلطات الأمنية تفتيش المحلات بالنهار وبالليل في المناطق الخاضعة لحالة الطوارئ وأن تتخذ فيها كل الإجراءات لضمان مراقبة الصحافة وكل أنواع المنشورات وكذلك البث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية. يمكن لوزير الداخلية أيضا أن يضع تحت الإقامة الجبرية أي شخص يعتبر نشاطه خطيرًا على الأمن والنظام العامين، كما يمكن أن يأمر بغلق قاعات العروض ومحلات بيع المشروبات وأماكن الاجتماعات بشكل مؤقت مهما كان نوعها، ينص القانون على حجر الاجتماعات التي من شأنها الإخلال بالأمن أو التمادي في ذلك، والحجر على أي شخص يحاول بأي طريقة كانت عرقلة نشاط السلطة العمومية، كما يتيح القانون اللجوء إلى تسخير الأشخاص والمكاسب الضرورية لحسن سير المصالح العمومية والنشاطات ذات المصلحة الحيوية بالنسبة للأمة. وقال الوزير رضا إن «قانون حالة الطوارئ والدستور الجديد يمنحان رئيس الدولة أن يقوم بهذه الخطوة التي تمنح صلاحيات أمنية وسياسية أكبر للمحافظين (الولاة) إلى جانب تعزيز دور مؤسسات الأمن المدنية ووزارة الداخلية خلال الحرب على الإرهاب». وأشار في السياق نفسه إلى أن الفصل 80 من الدستور التونسي الجديد نص على أن من بين نتائج الإعلان عن حالة الطوارئ منع توجيه مساءلات للحكومة أو تغييرها أو حل البرلمان على غرار المطالب التي صدرت عن بعض المثقفين والسياسيين التونسيين. وتعني هذه الخطوة سياسيا إيقاف الجدل الذي برز في بعض وسائل الإعلام والمواقع الاجتماعية التونسية عن ضرورة إقالة بعض الوزراء أو رئيس الحكومة أو كبار المسؤولين في الدولة أو حل البرلمان احتجاجا على فشل سياسات الدولة الأمنية في إجهاض الهجمات الإرهابية المتعاقبة على المؤسسات العسكرية والسياحية من قبل مسلحين قيل إن لديهم علاقات بتنظيمات مسلحة موالية سياسيا ل«القاعدة في المغرب الإسلامي» و«داعش». كما يعتبر البرلمان خلال مرحلة الطوارئ في حالة انعقاد دائم ويستبعد سيناريو حله خلافا لبعض الدعوات التي حاولت إعادة إنتاج سيناريو عام 2013 عندما تسببت عمليتا اغتيال ناشطين سياسيين في تحركات قوية للإطاحة بالحكومة والبرلمان الانتقالي – المجلس الوطني التأسيسي. إعلان حالة الطوارئ بعد أكثر من أسبوع على اعتداء مرسى القنطاوي أثار العديد من التساؤلات، حيث قال المحلل التونسي المستقل سليم خراط "لماذا بعد ثمانية أيام؟ هل ثمة معلومات جديدة عن اعتداء جديد؟ وكيف سيطبق الإجراء على الارض؟"، ونبه إلى أن "حالة الطوارئ قد تكون أداة قمع بامتياز، هذا يتوقف على الإرادة السياسية". ثمة تقارير إعلامية كشفت بأن إعلان حالة الطوارئ بالبلاد، يعود إلى ورود تقارير استخباراتية مشتركة تونسية وجزائرية، حول عزم مجموعة من العناصر الإرهابية، تنفيذ مخططات إرهابية بسيارات مفخخة، تستهدف منشآت حيوية وفنادق سياحية بتونس بنهاية شهر رمضان. من جانبه قال بلقاسم حسن (ناشط سياسي) إن «مثل هذه الإجراءات الاستثنائية قد تكون لها تأثيرات سلبية للغاية على صورة تونس في الخارج، وأنها قد تنفر منها الاستثمارات الخارجية كما أنها قد توتر الأوضاع الداخلية في حال مهاجمة الشباب المطالب بالتنمية والتشغيل بصفة سلمية». واعتبر حسن أن تبعات القرار ستكون وخيمة على الجميع وتمنى أن يكون هذا الإجراء وقتيا وألا تطول مدته كثيرا حتى لا يغمر الإحساس بالفشل كل التونسيين على حد تعبيره. وإثر هجوم سوسة الإرهابي الذي خلف مقتل 38 سائحا أجنبيا و40 جريحا، اتخذت الحكومة التونسية مجموعة من الإجراءات الاستثنائية من بينها نشر نحو ألف شرطي تونسي مسلح بنحو 690 فندقا سياحيا وكذلك وحدات مسلحة داخل الفنادق السياحية، كما قررت الحكومة غلق 80 مسجدا لا تخضع لسيطرة وزارة الشؤون الدينية أو التي حادت عن الخطاب المعتدل وبثت الكراهية، إلى جانب إعادة النظر في قانون تمويل الأحزاب والجمعيات، والتي أكدت الحكومة أن بعضها يقف وراء عمليات الإرهاب.