تعلمنا أن تكرار الخطأ والإصرار عليه ينم عن الغباء وانعدام الرؤية والبصيرة.. كشفت أحداث سيناء الأخيرة وقبلها اغتيال المستشار هشام بركات، النائب العام، مدى ضعف وغباء القائمين على الدولة المصرية أمنيًا. عندما تتكرر العمليات الإرهابية باستهداف جنودنا فى سيناء بشكل أكثر شدة وضراوة فى كل مرة، ولم ننتبه، فهذا غباء، وعندما تتكرر محاولات اغتيال الشخصيات العامة، ولم تفلح فى مرة، وتفلح فى أخرى، كمحاولة اغتيال وزير الداخلية السابق، اللواء محمد إبراهيم، التى فشلت، لكنها نجحت مع النائب العام، ولم نتعلم فهذا غباء، عندما نغض الطرف عن تهديدات الجماعات الإرهابية، التى تتوعد بالتصعيد فى عملياتها وحصد مزيد من الأرواح، وتنجح فى ذلك، فهذا غباء. طالما خرج علينا المسئولون معلنون أن سيناء تم تطهيرها من الإرهاب بنسبة 90 أو 95%، لكن يبدو أن هذه النسبة تسير بشكل عكسى، فلا يمر شهر إلا وتحدث عملية إرهابية أكبر مما تسبقها، فضلا عن العمليات اليومية التى تشهدها القاهرة والمحافظات الأخرى، لتكشف مدى ضعف أجهزة الدولة الأمنية "شرطة، وجيش، وأمن وطنى، ومخابرات حربية، ومخابرات عامة، وغيرها" فى مواجهة الجماعات الإرهابية، لتبسط يدها فقط على الضعفاء والكادحين. بعد كل حادث مباشرة، تشحذ الأجهزة الأمنية الهمم، معلنة حالة الطوارئ والاستنفار العام، لكن سرعان ما تهبط ويحل الكسل "وتعود ريما لعادتها القديمة"، فتتكرر الحوادث التى تحصد أرواح الأبرياء، دون إدراك أو التعلم من الأخطاء القديمة وابتكار وسائل جديدة من شأنها التصدى للإرهابيين والقضاء عليهم قبل شروعهم فى تنفيذ عمليات جديدة، حتى أصبح للمخربين السبق فى خطواتهم، بعد إدراكهم حدود وتفكير الأجهزة الأمنية. أكد الرئيس السيسى أن يدهم مغلولة فى محاسبة المخربين والإرهابيين بسبب ضعف القوانين، لكننى أقول له "ألم تعتقل قوانينكم مئات الأبرياء؟ ألم تغتل قوانينكم عشرات المظلومين؟ ألم تبسط لكم قوانينكم يد البطش والقمع؟ ألم تمنحكم قوانينكم إطلاق الإعدامات؟".. المشكلة ليست فى القوانين، لكنها فى طريقة التنفيذ والقائمين عليها. وأصبحت محطة مترو السادات "التحرير" تمثل هاجزًا أمنيًا، فكلما حدثت عملية تفجير أو عنف فى منطقة ما بالقاهرة، تسارع الدولة لإغلاق المحطة المحورية، الأمر الذى يكبد ملايين المواطنين ممن يركبون المترو معاناة يومية؛ كون المحطة تبادلية بين الخطين "الأول والثانى"، وكأن غلقها يقى البلد كوارث لا حصر لها، فبعد غلقها لمدة عامين منذ أحداث فض اعتصامى النهضة ورابعة فى شهر أغسطس عام 2013، فتحتها الدولة قبل بدء شهر رمضان الجارى بيوم واحد، بعد مطالبات عديدة، لكن عادت أدراجها مرة أخرى بغلقها على خلفية اغتيال النائب العام منذ أيام، ثم فتحها ثانيًا، الأمر الذى يثير تساؤلًا مهمًا، إذا كانت أجهزة الدولة الأمنية عاجزة عن تأمين محطة مترو.. فكيف تستطيع تأمين ملايين المواطنين على ربوع أرض مصر كافة؟. المحزن، أن الرئيس السيسى كان مديرًا للمخابرات الحربية، ثم وزيرًا للدفاع وقائدًا عامًا للقوات المسلحة، أى تربى على العسكرية وعاش فى كنفها لعقود من عمره، إلا أن الحوادث الإرهابية تتزايد فى عهده!.