«مقتل 269 محتجزا بالسجون المصرية منذ 30 يونيو 2013 وحتى اليوم، بينهم 32 مسجونا وثقت مقتلهم بالتعذيب على يد أفراد الشرطة».. إحصائية تم رصدها من جانب المفوضية المصرية للحقوق والحريات في تقرير أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب تحت عنوان "الموت في أماكن الاحتجاز"، ليعبر عن حالة تردي الوضع الحقوقي في مصر في أعقاب 30 يونيو، وليؤكد علي عودة استخدام القمع والتعذيب من قبل النظام الحالي في تكميم الأفواه المعارضة كما كان يفعل سابقيه. كما رصد مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب ظهور أشكال مختلفة من التعذيب كالاختفاء القسري والوفاة داخل السجون لأسباب مجهولة للعامة معلومة للمسئولين دون محاسبة، بالإضافة تهديد المعتقلين بالقبض علي زوجاتهم وبناتهم لإجبارهم علي الاعتراف، وذلك وفقاً لتصريحات أدلت بها الدكتورة سوزان فياض الطبيبة بالمركز، والتي أكدت تزايد حالات الاختفاء القسري بمعدل 42 مرة خلال النصف الأول من 2015 عنها في النصف الأخير من عام 2014، فضلا عن رصد 289 حالة تعذيب داخل السجون، خلال الفترة من يونيو 2014 إلى يونيو 2015. «محاربة الإرهاب».. حجة أطلقت يد الداخلية في تعذيب المواطنين يقول محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، إن حالة التردي الحقوقية التي يعيشها المجتمع المصري حالياً نتيجة لإطلاق يد الداخلية لفعل ما تريد بحجة الحرب علي الإرهاب، مشيراً إلي أن السبب الرئيسي لما ترتكبه الداخلية من حالات تعذيب داخل السجون، عدم وجود رادع للمقصر أو محاسبة للمسئولين عن الوقائع التي يثبت فيها تورط أشخاص في تعذيب مواطنين، مما كرس شعورا لدي رجال الداخلية بأنهم فوق الدستور والقانون، ولهم حق ارتكاب أي فعل دون رقيب. ويضيف "زارع" أنه في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب نستطيع القول بإن مصر أصبحت من الدول صاحبة الريادة في ذلك المجال باختلاف وسائل وطرق التعذيب المستخدمة من قبل رجال الشرطة، لافتاً إلي أن حالات الاختفاء القسري التي ظهرت علي الساحة السياسية خلال الفترة الأخيرة بمثابة دليل الإثبات علي صحة بيانات المنظمات الحقوقية في أن الوضع الحقوقي في مصر أصبح شيء من الماضي. وتابع: الأوضاع داخل وزارة الداخلية لم تتغير منذ أيام المخلوع مبارك، وجرائم التعذيب ترتكب بحق المواطنين، فضلا عن عدم احترام آدمية وحقوق المواطن المصري، لافتاً إلي أن النظام الحالي لا تتوفر لديه الإرادة السياسية للتغيير وخاصة الهيكل الإداري للوزارة الذي طالب الجميع بإعادة هيكلته، لكن دون جدوي. ويوضح رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي أن الوضع الحقوقي لن يتحسن في مصر بانتفاء الإرادة السياسية للدولة في تغيير الوضع، فوزارة الداخلية مازالت تتعامل مع المواطنين باعتبارهم متهمين حتي تثبت براءتهم، بعكس المبدأ القانوني، مطالباً النظام الحالي بوضع القوانين التي تحمي المواطن المصري وتقنن تعامل الداخلية معه، حيز التنفيذ كي يثبت للرأي العام أنه يسعي لمصلحة المواطن بالفعل وليس بالقول فقط. عودة القمع والاستبداد سبيل النظام لتكميم أفواه معارضيه من جانبه، يقول محمد لطفي، مدير المفوضية المصرية لحقوق الإنسان، إن التزايد المستمر لحالات التعذيب في مصر خلال الفترة الأخيرة، دليل علي عودة سبل القمع والاستبداد مرة أخري بيد النظام الحالي في محاولة لتكميم أفواه معارضيه، مشدداً علي أن الحديث المستمر عن تطبيق القانون وحماية الحقوق والحريات مجرد تصريحات وردية لا تمت للواقع بصلة. وألمح "لطفي" إلي أن المنظمات الحقوقية حاولت أن تلفت نظر النظام الحالي إلي التجاوزات التي تحدث من أجل التصدي لها، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل ولم تجد من يستمع لها علي الجانب الآخر، مما يمنح الفرصة للمؤسسة التي تستخدم وسائل التعذيب والقمع من استكمال مهمتها واستمرارها في ارتكاب تلك الجريمة دون عقاب. وحذر مدير المفوضية من أن عدم احترام آدمية المواطن من قبل المؤسسات الشرطية وخرقها لقوانين حقوق الإنسان، قد ينتج عنه حالة من الغضب الشعبي والتي من الجائز أن تتطور إلي ثورة كرامة، مطالباً الدولة بضرورة التدخل قبل أن تتفاقم الأمور ويصبح الوضع قابل للانفجار.