قتل نحو 25 شخصًا ووقع أكثر من 200 جريح جراء انفجار إرهابي استهدف مسجد الإمام الصادق في الكويت، لينتقل هذه المرة الإرهاب الحاقد إلى دولة شهدت في الأعوام الماضية هدوءًا منقطع النظير، فضلا عن الاستقرار والتعايش المجتمعي السلمي، ليعيد هذا التفجير على الأذهان الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة العربية في الفترة الماضية. التفجير وقع أثناء إقامة الصلاة كما في مرات سابقة مستهدفاً مصلين يبتهلون بالدعاء لربهم في هذا الشهر الفضيل الذي يدعو إلى الأعمال الصالحة، غايته كما رأه أغلب المحللون إثارة الفتن ونشر العداوة، وتمزيق النسيج الاجتماعي داخل الكويت. ويرى المراقبون أن هذه العملية الإرهابية الأخيرة في الكويت التي تشهد استقرار اجتماعي ونموذج للتعايش السلمي في المنطقة، يوضح أن هناك أجهزة استخبارات كبيرة هي من تريد إشعال الوضع في المنطقة، كون تنظيم داعش لا يعدو أن يكون أداة تتحكم فيها هذه الأجهزة، في إشارة إلى اتهام قوى عظمى بالسعي إلى تغذية الظواهر المتطرفة وإثارة النعرات الطائفية في المنطقة، ويستشهد أصحاب هذا الرأي بأن الكويت لديها خصوصية في العلاقة بين مختلف أطياف الشعب الكويتي، لا سيما العلاقة بين السُنة والشيعة بالمقارنة مع باقي الدول العربية. ولم يستبعد العديد من المحللين وقوع أحداث مماثلة في دول الخليج الأخرى، لا سيما بعد تورط أغلبها في حروب المنطقة العربية، على خلفية الحرب في اليمن والتحالف المكون ضد داعش في العراق، مؤكدين أنه على الأنظمة العربية أن تدرك ما يحاك من مؤامرات تهدف إلى التقسيم والتفتيت، بحسب ما حذر منه عضو مجلس الأمة الكويتي عبد الله التميمي. وفي السياق ذاته، وصف رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري التفجير الإرهابي الذي طال مسجد "الإمام الصادق" في منطقة الصوابر بالكويت بأنه محاولة يائسة وجبانة ضمن مخطط مشبوه لزعزعة استقرار الكويت، مضيفًا أن هذه الجريمة البشعة ما هي إلا امتداد لجرائم تنظيم (داعش) الإرهابي التي ارتكبها بحق الشعب العراقي وعدد من البلدان الصديقة والشقيقة، وهو ما يؤكد ضرورة تضافر الجهود لاستئصاله والقضاء عليه. قبل نحو 20 يومًا من تنفيذ داعش العملية الإرهابية في الكويت، ظهرت العديد من الدلالات التي تشير إلى التخطيط لها، فبين رفع علم داعش على أحد الأعمدة داخل مواقف السيارات في مجمع "مارينا"، وكتابة عبارة «لكم حرية التعبير ولنا حرية التفجير» على أحد مساجد منطقة القصور؛ تمحورت تهديدات داعش المسبقة للكويت قبل العملية. وظهر تنظيم داعش في الكويت مع إعلان أجهزة الأمن الكويتية العام الماضي، عن وجود خلية إرهابية تنتمي لتنظيم داعش على الأراضي الكويتية تخطط لتنفيذ عمليات داخل البلاد وخارجها، وفيما كشفت تحقيقات النيابة العامة في هذه القضية أن هذا التنظيم برز على خلفية «فوضى جمع التبرعات لهدم نظام الحكم في الكويت»، اعتبر خبراء أن أعضاء التنظيم كانوا يخططون لجعل الكويت قاعدة انطلاق لعملياتهم باتجاه دول أخرى منها دول مجلس التعاون الخليجي. رئيس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك الأحمد الصباح، اعتبر الهجوم يستهدف الوحدة الوطنية لبلاده، وأضاف أثناء خروجه من المستشفى الأميري: «هذا الحادث يستهدف جبهتنا الداخلية ووحدتنا الوطنية ونحن أقوى بكثير من هذا التصرف السيء، أما وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتي يعقوب الصانع فيؤكد أن الكويت كانت وستظل واحة أمنٍ وأمانٍ لجميع سكان المجتمع الكويتي وجميع الطوائف مؤكدًا على اتخاذ الحكومة العديد من الإجراءات لحماية دور العبادة والمساجد».