أول رئيس لكينيا، ولد في نيروبي 20 أكتوبر 1894 وتوفي في مومبازا 22 أغسطس 1978، كان سياسيًّا من قبيلة كيكويو، وكان أمينًا عامًّا للاتحاد الكيني الإفريقي من أجل استقلال كينيا. أصبح كينياتا رئيس حكومة كينيا المستقلة 12 ديسمبر 1963، وبعد عام أي في 12 ديسمبر 1964 أصبح رئيسًا لكينيا حتى عام 1978 تاريخ وفاته، أنشأ العملة الوطنية الهارومبي التي أصبحت رمزًا للمقاومة والشجاعة ضد الاحتلال والكفاح، من أجل توحيد الطوائف كافة الدينية والعرقية في البلاد. بعد الاستقلال تغير الوضع قليلًا فقد احتلت صورة جومو كينياتا، الرئيس الجديد، مكان صورة الملكة اليزابيت التي كانت معلقة في كل مكان وخاصة المحال التجارية، ويعتبر كينياتا أحد رموز ورواد الكفاح الإفريقي البطولي ضد الاحتلال الاستعماري للقارة، وواحدًا من بين أكثر المنادين بالوحدة الإفريقية والداعين لها والمحرضين عليها داخل إفريقيا وخارجها. لقب بجومو كينياتا، ومعناه رمح كينيا الملتهب، ولم يتبنَّ هو هذا اللقب إلَّا في الثلاثينيات من القرن الماضي، تلقى جوموكينياتا تعليمه الابتدائي بمدرسة داجوريتي، وبعد انتهائه من الدراسة التحق للعمل ببلدية نيروبي على وظيفة كاتب، وظل فيها من عام 1921 إلى 1926، وخلال هذه الفترة بدأت ميوله ونشاطاته السياسية تظهر وتتضح للعيان، وأفصح عنها علانية عام 1924 بانضمامه إلى عضوية رابطة كيكويو المركزية، التي كانت تدعو المستعمرين البريطانيين إلى التوقف عن انحيازهم المطلق للأقلية البيضاء في البلاد، ومنعها من الاستيلاء على أفضل الأراضي الزراعية وأخصبها هناك، وعمل جوموكينياتا داخل هذه الرابطة مترجمًا فمحررًا، ثم أصبح رئيس تحرير الصحيفة، التي تصدر عن تلك الرابطة. في عام 1929 شد الرحال إلى بريطانيا في أول زيارة لها، من أجل دعوة حكومتها للاعتراف بالحقوق الطبيعية والمشروعة للمواطنين الكينيين، وتمكينهم من استرجاع أراضيهم، وإنشاء المدارس الخاصة بهم، وقد كانت له في تلك الأثناء اتصالات وتنسيق مع ما كان يعرف بعصبة مكافحة الإمبريالية آنذاك، مما أثار غضب السلطات البريطانية وحنقها عليه. بعد عام تقريبًا أي في 1930، عاد جوموكينياتا إلى بلاده، وهو أكثر تحمسًا لإبراز شخصيتها وهويتها المستقلة، فأسس مدرسة كينية لترسيخ العادات والتقاليد الإفريقية الأصيلة بين أبناء شعبه، واصطدم في ذلك بمعارضة ورفض المبشرين الميسحيين، لكنه تمسك بمواقفه، ولم يتنازل عنها، وضمنها أطروحته لنيل الدكتوراه، التي كان عنوانها في مواجهة جبل كينيا. في عام 1931 عاد جوموكينياتا مرة أخرى إلى بريطانيا، مبعوثًا عن رابطة كيكويو المركزية، وبقي فيها خمسة عشر عامًا، كثف خلالها كل وقته وجهده للدراسة في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية، والنضال والمطالبة بمزيد من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية المنصفة لأبناء وطنه. في عام 1946 عاد جوموكينياتا إلى بلاده متسلحًا بالمعارف والعلوم السياسية الواسعة، ووزع نشاطاته الفاعلة بين حقلي التعليم والعمل السياسي، وكان ناجحًا ولامعًا في كليهما، وفي عام 1947 تم انتخابه رئيسًا للاتحاد الكيني الإفريقي، الذي تغير اسمه فيما بعد إلى اتحاد كينيا الوطني الإفريقي، الذي تولى بقيادة جوموكينياتا حركة النضال التحرري الواسع والمؤثر ضد الوجود البريطاني، لتحقيق الاستقلال، وهي الحركة التي أخذت رقعتها تتسع، ونفوذها يزداد رسوخًا وتعاظمًا في جميع أنحاء كينيا، حتى ضيقت الخناق على سلطات الاحتلال، وأثارت قلقها، وزعزعت استقرارها، فما كان من تلك السلطات إلَّا أن أعلنت حالة الطوارئ عام 1952، واعتقلت قائدها وزعميها جوموكينياتا، وحكمت عليه بالسجن مع الأعمال الشاقة لمدة عشر سنوات، لكنه خرج من السجن عام 1959 قبل انقضاء تلك المدة، وبقي تحت الإقامة الجبرية حتى عام 1961. في شهر مايو عام 1963 فاز حزب كانو الذي يترأسه جوموكينيا في الانتخابات، التي جرت آنذاك بنتيجة كاسحة، فعين كينياتا رئيسًا للوزراء، ثم انتخب عقب الإعلان عن استقلال كينيا في الثاني عشر من ديسمبر عام 1963 رئيسًا للجمهورية، فشرع في إعادة بناء بلاده على نمط جديد، يكرس للانتماء الوطني والإفريقي، حيث ألغى كل ما يرمز لحقبة الاستعمار البريطاني من شعارات وملصقات وتعاملات، واستخدم بدلًا منها شعارات وملصقات ومعاملات معبرة عن الهوية الكينية والإفريقية. مضى جوموكينياتا في مسيرة البناء والتعمير الداخلي لبلاده ولقارته الإفريقية، فكان أحد مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية في أديس أبابا عام 1963، وأحد حكماء وقادة إفريقيا، الذين كانت لهم رؤية ثاقبة لمستقبل القارة، ولم يتوقف عطاؤه وجهده ونضاله على مختلف الجبهات، التي تخدم قضايا شعوب إفريقيا ولو للحظة واحدة، حتى توفى عام 1978، ليترك من بعده صفحة مليئة بمواقف الصمود والتصدي للغزاة والمحتلين، والكفاح في سبيل وحدة القارة وعزتها وحريتها واستقلالها الحقيقي.