كتب: أمير إبراهيم وريهام التهامي ظلت الطائفة الدرزية ومناطقها في سوريا لمدة طويلة بمنأى عن المعارك الضارية التي تشهدها البلاد منذ أكثر من أربع سنوات، ولكن هذا الوضع تغير مؤخرا نتيجة التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد، لاسيما بعد الحادث الذي وقع قبل أسبوعين وأدى إلى مصرع أكثر من عشرين قرويا درزيا على يد مسلحين من جبهة النصرة الإرهابية في قلب لوزة بمحافظة إدلب، شمالي سوريا، وتطورات الوضع الميداني بمحافظة السويداء، أهم معقل للدروز بالمنطقة، وكذلك ما تشهده بلدة حضر من أحداث تثير قلقا وجوديا لدى أتباع طائفة يعتبرها المتطرفون، وخاصة مقاتلو تنظيم "داعش" الإرهابي "كافرة". وفي هذا السياق، قال موقع "جلوبال ريسيرش" البحثي إن الوضع في جنوبسوريا تحول إلى الأسوأ خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، خاصة في قلب جنوب جبل السويداء، وهي موطن معظم الدروز في المنطقة، مضيفا أن جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، استولى على قاعدة اللواء 52 في درعا، خلال الأيام الماضية، ولكن القرويين الدروز بجانب قوات الدفاع الوطني والجيش السوري، خاضوا معارك عنيفة ضد التنظيم الإرهابي ونجحوا في اجتياح القاعدة، ومما سيجعل السويداء مكشوفة تماما من الغرب، مشيرا إلى أن الجبل الدرزي يواجه أكبر تهديد له منذ بداية الحرب في سوريا. ويلفت الموقع الكندي إلى أن إسرائيل دخلت على خط هذه الأزمة، حيث عبر الرئيس الصهيوني "رؤوبين ريفلين" عن قلقه للولايات المتحدةالأمريكية على مصير هذه الأقلية المتمركزة في منطقة جبل العرب جنوبسوريا، ففي لقاء جمعه برئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال "مارتن ديمبسي" في القدس، صرح الرئيس الإسرائيلي بأن "ما يجري في الوقت الحالي ترهيب وتهديد لوجود نصف مليون درزي في جبل الدروز"، على حد قوله. ويوضح "جلوبال ريسيرش" أن "ريفيلن" حاول تصوير أن هناك فجوة وعدم ثقة بين الدروز والجيش السوري، ولكن "شيخ جابوري" أحد رموز الدروز، أكد أن سلامة السويداء تقع على عاتق الحكومة السورية، ويشير الموقع الكندي إلى أن تل أبيب حاولت اخضاع الدروز في مرتفعات الجولان تحت سيطرتها وفرض الجنسية الإسرائيلية عليهم، موضحا أن الكيان الصهيوني يرغب في تصوير ما يحدث في سوريا على أنه حرب طائفية، لإعطاء الدولة اليهودية الشرعية التي تتعطش لها، وتحقيق مصالح خاصة تتطلع إليها عبر استغلال وتوظيف الأحداث في سوريا. التصريحات ورد الفعل التي ظهرت داخل الكيان الصهيوني عقب المجزرة التي وقعت في بلدة قلب لوزة السورية، تشير بأصابع الاتهام نحو إسرائيل وأجهزتها الاستخباراتية وتؤكد تورطها في الحادث من أجل تحقيق أهدافها القديمة منذ احتلال الجولان السورية عام 1967، لاسيما وأن العلاقات بين الكيان الصهيوني والجماعات المسلحة في سوريا، فضلا عن تلاقي مصالح تل أبيب والتنظيمات الإرهابية أمثال داعش وجبهة النصرة، هذا بالإضافة إلى سعي قيادات الاحتلال إلى إسقاط النظام السوري بقيادة الرئيس "بشار الأسد" منذ بداية الأزمة التي تشهدها البلاد. ويضيف الموقع الكندي أن وسائل الإعلام الدولية استخدمت الإيزيديين في العراق كوسيلة لتشريع حملة القصف الفاشلة التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد داعش تحت ما يسمى ب"التحالف الدولي لمواجهة داعش"، والآن اختفى الايزيديون من الصحف، وفيما يخص الدروز ترغب إسرائيل برسم صورة توحي بأن الدروز هم ضحايا لا حول لهم ولا قوة، وأن هناك حاجة لحمايتهم، وهو ما يمنحها في النهاية الضوء الأخضر للتدخل في الأزمة. ويلفت "جلوبال ريسيرش" إلى أن الواقع يؤكد خلاف ما تزعمه إسرائيل، حيث توجد علاقات وثيقة بين الدروز والجيش السوري، فضلا عن أنهم يتمسكون بالدفاع عن بلداتهم وحماية وطنهم من هذه التنظيمات الإرهابية، مضيفا أنه قد تأخذ المسألة بعدا إقليميا إذا ما دخل تنظيم داعش على الخط وارتكب مجازر في المناطق الدرزية، مما قد يؤدي إلى تطورات ذات أبعاد إقليمية أكبر الكيان الصهيوني الذي يدعي اليوم القلق على الدروز في سوريا، تناسى جرائمه بحقهم خلال عام 1967 والحصار الذي فرضه عليهم من أجل إجبارهم على التخلي عن هويتهم السورية، لكن كان ردهم على هذه الانتهاكات الصهيونية هي حرق البطاقات الإسرائيلية ورفع الشعارات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي وتأكيدهم على أنه لا بديل عن الهوية السورية.