إلى الشمال من قطاع غزة، تقع منطقة أم النصر وبيت لاهيا المهددتان بكارثة بيئية حقيقية، فمواطنو قرية أم النصر ومنطقة جامعة القدس المفتوحة ومناطق أخرى محيطة يشتكون من عدم وصول مياه البلدية لمنازلهم منذ 6 أيام بسبب عدم تناسق جدول وصول الكهرباء مع وصول المياه، موجهين دعوات للمسؤولين بضرورة حل الإشكالية بأقصى سرعة. كان هناك سابقة لانهيار الساتر الترابي الذي أدى إلى إغراق قرية أم النصر بالكامل عام 2007 نظراً لوجودها بجانب برك تجميع الصرف الصحي لمنطقة شمال قطاع غزة كاملاً. ومقارنة بالخسائر الناجمة عن انهيار الساتر الترابي لمحطة معالجة بيت لاهيا بما حدث في قرية أم النصر عام 2007 فإنه في حيٍّ واحد عدد سكانه لا يتعدى ألف نسمة قتل خمسة أشخاص ما بين أطفال ومسنين، وتدمرت أغلب بيوت الحي حينها، فإنه إذا ما انهارت السواتر الترابية لمحطة المعالجة نتيجة تعديات عليها فإنه من المتوقع أن تغمر المياه العادمة حيَّ المنشية وحيَّ سكنة فدعوس ويبلع عدد سكانهما حوالي 30 ألف نسمة، ولو حدثت الكارثة فإنه من المتوقع أن يكون عدد الضحايا يفوق 20 شخصاً على أقل التقدير، إضافة إلى تدمير عشرات البيوت وآبار مياه الشرب وتدمير شبكة الطرق وما يترتب عليها من هجر للناس بيوتهم وانتشار الأمراض المعدية بين السكان. رجب الأنقح مدير محطة معالجة الصرف الصحي في شمال غزة، صرح للبديل بأنه يحذر وبشدة من خطورة الأمر الناجم عن الإقدام على أخذ الجزئية المتبقية من البركة العشوائية لصالح إنشاء جمعية في تلك المنطقة. وقال الأنقح: "في حال استمر الأمر، هذا يعني أنَّ غمر منطقة بيت لاهيا الواقعة غرب الأحواض بالمياه العادمة هو مسألة وقت فقط"، مضيفاً: "المحطة في كثير من الأوقات تحول المياه إلى المنطقة المذكورة بسبب ارتفاع منسوب الأحواض، وبعد ضخ الكميات اليومية وذلك تجنباً لطفح المياه وكسر سواتر الأحواض، وأن كمية المياه الواردة تفوق القدرة الاستيعابية وتفوق قدرة تحمل الأحواض بكثير". ويشير الأنقح بأنه خلال العدوان الاسرائيلي عام 2014 بلغ منسوب المياه العادمة في الجزئية المذكورة مترين ونصف، ولو لم تكن هذه الجزئية المتبقية من البركة العشوائية في ذلك الوقت لحدثت كارثة إنسانية وبيئية، ولكان عدد كبير من الضحايا، و في حال تم استقطاع هذه الجزئية من الأرض فإن الكارثة لا محال منها. من جهته أفاد المواطن توفيق جميعان بأنَّ بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة ستغرق بمياه المجاري خلال أيام، قائلاً: "كارثة بيئية ستحل بمدينتنا في الأيام المقبلة, وذلك بسبب التعديات على البرك الاحتياطية -برك التفريغ الاحتياطي- التابع لمحطة معالجة الصرف الصحي في مدينة بيت لاهيا من قبل جهة غير حكومية ولم يتبقى إلا حوض واحد يتم تحويل مياه الصرف الصحي إليه عند ارتفاع منسوب مياه الصرف الصحي في الأحواض الرئيسية بشكل يومي حيث يتم استقبال 25 ألف كوب يومياً تقريباً من جميع المناطق, ويتم تحويل تقريبا 10 ألاف كوب يومياً إلى المضخة الشرقية, ولكن باقي الكمية يتم تحويلها إلى هذه البرك الاحتياطية, ولكن الآن تم التعدي على هذه البرك, فأين سيتم ضخ الكميات اليومية التي تقارب 15 ألف كوب أو أكثر المفروض ضخها لتلك البرك المعتدي عليها. ولم يتبقى إلا بركة واحدة لا يمكنها أن تتحمل هذه الكميات الهائلة من مياه الصرف الصحي, وستكون معرضة للانهيار في أي وقت, وهكذا ستحل كارثة إنسانية مؤكدة إذا لم يتم وقف هذه التعديات فوراً من قبل بلديات شمال غزة. وهذا يعتبر جريمة بحق المواطنين لأنهم هم المتضررين من هذه الكارثة التي ستحل بشكل مؤكد حسب ما قال المسئولون، وحسب ما عايناه على أرض الواقع, وبناءاً على ذلك, فإن قيام جهة غير حكومية بالتعدي على هذه البرك وعلى سواترها الواقية يشكل خطراً محدقاً بالسكان خلال الأيام القادمة من حيث: غرق البيوت السكنية المجاورة، غمر الاراضي الزراعية المجاورة من الناحية الغربية، انتشار الامراض والأوبئة الناتجة من غمر مياه الصرف الصحي للمنطقة في حال حدوث هذه الكارثة. إضافة إلى انجراف التربة وتغيير في نوعيتها مما يؤثر على خصوبتها وجودة المحاصيل الزراعية، هذا إلى جانب احتمال غمر مياه الصرف الصحى لآبار مياه الشرب المحيطة بالمنطقة المجاورة". في حال بقي الأمر على ما هو عليه فإن معظم البيوت السكنية المجاورة مهددة بالغرق، وستغمر المياه العادمة الأراضي الزراعية المجاورة من المنطقة الغربية ما يترتب عليه كارثة في المحاصيل الزراعية، انتشار الامراض والأوبئة. وأيضاً تكمن الخطورة في جانب المسؤولية الإدارية حيث أنَّ المسئولين لديهم معرفة مسبقة برسائل رسمية بانذار من قبل المهندسين المختصين, ولكنهم لم يحركوا ساكناً لوقف هذه التعديات على الأراضي بحسب ما أفاد المواطنون هناك. الجدير ذكره بأن تلك المنطقة شهدت كارثة عندما فاضت مياه الصرف الصحي من أحد أحواض تجميع المياه العادمة، بتاريخ 27/3/2007، باتجاه منازل السكان، وأدت إلى مقتل خمسة أشخاص من سكان القرية غرقاً، فضلاً عن إصابة نحو 20 مواطناً آخراً، وتدمير وتضرر العشرات من المنازل السكنية والممتلكات العامة فيها.