أعلن الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية عن التبكير في إغلاق باب توريد القمح المحلي لصباح 15 يونيو الجاري بدلاً من الربع الاخير من شهر يوليو القادم، أي بعد 60 يومًا فقط من فتح باب استلام الأقماح المنتجة محليًّا من المزارعين، مما يعرض العديد من الفلاحين لخسائر فادحة، ويجعلهم يعزفون عن زراعة أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية التي تمس بشكل مباشر الأمن القومي الغذائي لمصر. وأرجع الدكتور نادر نور الدين، المستشار السابق لوزير التموين، إغلاق باب توريد القمح قبل ميعاده بأكثر من شهر لوصول القمح المورد إلى 5.4 مليون طن، بينما المستهدف أسوة بالسنوات الأربع الماضية هو 3.7 مليون طن، مما يعد كارثة بكل المقاييس؛ لأنه ترتب عليه استنفاد الميزانية المخصصة لاستلام القمح من المزارعين والبالغة 10 مليارات جنيه مصري، لافتًا إلى أن السبب الحقيقي وراء ارتفاع حجم الكميات الموردة هو خلط القمح المستورد بالمحلي وتوريد الكمية بالكامل على أنها انتاج القمح من الموسم الحالي محليًّا وذهاب 1.7 مليار جنيه إلى التجار من مخصصات الفلاحين الغلابة؛ بسبب وزير الغرفة التجارية، وهذا الأمر سيسبب غضب الفلاحين؛ لذهاب دعم القمح من قِبَل الدولة للتجار بدلاً من الفلاحين. وأكد نور الدين أن "بعض الفلاحين ينتظرون لنهاية يونيه لتوريد إنتاجهم من القمح؛ لتجنب الطوابير والزحام أمام الشون والصوامع والبنوك والانتظار عدة أيام قبل التوريد، وبالتالي زيادة ما يتم دفعه كيوميات عديدة لأصحاب سيارات النقل، وهذا الأمر سيقتل قمح هؤلاء الغلابة". وأوضح الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي، أن عدم التنسيق بين الوزارات المعنية بتوريد القمح أدى إلى الإغلاق المبكر لباب توريد القمح؛ لزيادة الكميات الموردة عن المستهدف السنوي ونفاد المخصصات المالية لبند استلام القمح المحلي من المزارعين، لافتًا إلى أن وزير التموين لم ينفذ من ال 93 مشروعًا التي أعلن عنها منذ توليه الوزراة في 18 يونيو من العام الماضي سوى مشروع منظومة الخبز، ولم يلتفت إلى ضرورة إغلاق باب واردات القمح المستورد أثناء موسم توريد القمح المحلي؛ حتى لا يتم خلط الاثنين ببعضهما وانتفاع التجار بفارق الأسعار الذي تخطى ال 2 مليار جنيه، مشيرًا إلى أنه لا توجد منظومة تسير بها وزارة التموين لاستلام الأقماح المحلية. مضيفًا "حتى لو افترضنا أن هناك رسائل من القمح تم استيرادها، وأنها في عرض البحر، فكان لزامًا أن يصدر قرار بإيقاف المراكب في البحر أو التحفظ عليها في الموانئ؛ حتى لا يستلمها التجار، ويقوموا بتوريدها للحكومة على أنها من الأقماح المحلية". وأكد جودة أنه تم التلاعب في عملية توريد القمح المحلي، والتي تتم بناء على الحيازة وملكية الأراضي الزراعية. فمن قام بتوريد القمح المستورد هم التجار وليس الفلاحون الذين يمتلكون حيازات لا تتعدى الفدانين، والتي تمثل 30 % من إجمالي مساحة الرقعة الزراعية، وكمياتهم الموردة لا تتعدى 15 أردبًا للفدان، وهم الفئة التي وقعت ضحية هذه الكارثة التي أضرت أيضًا بالميزانية العامة. فيما أخذ محمد برغش وكيل مؤسسي حزب مصر الخضراء على عاتقه أن يلزم الحكومة باستلام القمح من الفلاحين الذين تأخروا في توريد محصولهم، شريطة الالتزام بأوراق الحيازة وكشوف التركيب المحصولي، والتي تم صرف الأسمدة بناء عليها؛ للتأكد من أنه قام بزراعة محصول القمح، وأن ما يطالب بتوريده يتلاءم مع المساحة التي قام بزراعتها، بجانب ألا يكون للفلاح سابقة توريد قمح هذا العام؛ لضمان حصول الفلاحين فقط على الدعم المخصص لمحصول القمح دون غيرهم، لافتًا إلى أن الدولة توجه الدعم للفلاحين، وأن فارق الأسعار لا يجب أن يصب في جيوب التجار الذين يسعون الآن لتوريد القمح الذي قاموا بشرائه في فترات سابقة من الفلاحين بأسعار تقل عن المعلنة بأكثر من ثلاثين جنيهًا.