حاكم سابق لمدينة الإسكندرية مواقفه شاهده على تاريخه الرافض للاحتلال الفرنسي، قاوم بكل أسلحتة العسكرية والسياسية والنفسية تسليم المحافظة لنابليون بونابرت قائد جيش الحملة الفرنسية على مصر. ولد محمد كريم بحي الأنفوشي بالإسكندرية، وبدأ في أول حياته بمنصب صغير في الحكومة ولكن ما لبث أن لوحظ نشاطه، فرقي إلى رئاسة الديوان والجمرك بمنطقة الثغر بالإسكندرية، ثم أصبح حاكماً للمدينة، تحكي عنه الموسوعة العربية العالمية إنه كان يعد من المناضلين في مصر ضد الاحتلال الفرنسي، ولد وترعرع في الإسكندرية، عمل في أول أمره قبانياً (أي وزاناً)، ثم تمت ترقيته إلى أن تقلد أمر الديوان والجمارك بثغر الإسكندرية. عندما علم الأسطول الإنجليزي بقيادة نيلسون خبر تجهيز نابليون بونابرت أسطوله الفرنسي لغزو مصر، في 19مايو عام 1798، أرسل نيلسون وفدا إلى محمد كريم، طالبين السماح بالانتظار خارج ميناء اسكندرية، انتظارا للفرنسيين، وأن يتزودوا بالطعام والماء بثمنه، إلا أن كان رد حاكم اسكندرية حينذاك، «ليس للفرنسيين أو سواهم شيء في هذا البلد، فاذهبوا أنتم عنا»، وظل الأسطول الانجليزي مرابطا لمدة أسبوع، ثم أقلع إلى الأناضول، ولم تمض أيام حتى ظهر الأسطول الفرنسي، فبعث محمد كريم إلى القاهرة، مستنجدا بمراد بك، واستقر الأمر على أن يسافر مراد بك لصد الفرنسيين، بينما يبقى إبراهيم بك للدفاع عن القاهرة. يعتبر "كريم" المصري الأول الذي واجه الأسطول الفرنسي عند وصوله الإسكندرية؛ فقد بدأ على الفور في العمل مع الصيادين والعمال فوق حصون الإسكندرية ليصد الفرنسيين عن مصر، وصمد مع رجاله رغم نيران مدافع الفرنسيين. لم يستسلم حتى عندما دمرت المدافع حصون الإسكندرية، إذ أنه بدأ معركة أخرى في شوارع الإسكندرية ومداخلها لمقاومة زحف الفرنسيين إلى الداخل، لكنه ولسبب ما تم اعتقاله، وحمل إلى نابليون الذي حاول إغراءه وكسبه إلى جانبه، وذلك بأن أطلق سراحه ورد إليه سيفه، وتظاهر باكرامه، وأبقاه حاكماً للإسكندرية.. ولما تم لنابليون الاستيلاء على الإسكندرية رأى أن يغادرها إلى القاهرة وعين كليبر حاكماً عسكرياً عليها وزحف إلى القاهرة في 7 يوليو عن طريق دمنهور والرحمانية. بقي كليبر في الإسكندرية، بينما أخذت دعوة محمد كريم إلى المقاومة الشعبية تلقى صداها بين المواطنين فعمت الثورة أرجاء المدينة، فاعتقل كليبر بعض الأعيان للقضاء على الثورة، ومع تزايد الثورة وارتفاع حدة المقاومة الشعبية في الإسكندرية، أمر كليبر بالقبض على محمد كريم يوم (20 يوليو 1798م) وأرسله إلى أبوقير حيث كان الأسطول الفرنسي راسياً، ثم ارسل إلى رشيد ومنها إلى القاهرة على سفينة أقلعت به في النيل من رشيد يوم 4 أغسطس ووصلت إلى القاهرة يوم 12 أغسطس ووجهت إليه تهم التحريض وخيانة الجمهورية الفرنسية. استمرت المحاكمة حتى 5 سبتمبر حين أرسل نابليون رسالة إلى المحقق يأمره فيها أن يعرض على محمد كريم أن يدفع فدية قدرها ثلاثون ألف ريال إلى خزينة الجيش ليفتدي نفسه.. ورفض محمد كريم أن يدفع الفدية، ولما ألح عليه البعض في أن يفدي نفسه بهذه الغرامة رفض وقال " إذا كان مقدوراً علىّ أن أموت فلن يعصمني من الموت أن أدفع الفدية، وإذا كان مقدوراً علىّ أن أعيش فعلام أدفعها ؟".