الجنايني يأمر بشيك للفنان: علشان ميبقاش ماسك لنا ذلة ونجيب: عاري يستر عورته بأي حجة بمعرض«أشجان.. ووعود» الاستيعادي، بدأت -في الأيام الأولى من الشهر الجاري داخل جميع قاعات أتيليه القاهرة- احتفالات الفنان التشكيلي والناقد عز الدين نجيب بعيده الماسي، بمناسبة بلوغه سن 75 عامًا، والاحتفاء بمشواره الفني على مدار ربع قرن، ليعرض خلاله مائة لوحة تمثل مشواره الفني منذ بدايته الفنية عام 1962، بعد تخرجه في كلية الفنون الجميلة وحتى الآن، سجل فيها جزء من تاريخ الوطن، لتحمل كل لوحة فترة تاريخية من عمره، سجل بفرشاته لوحة للسد العالي شريان الخير، وآخرى دون فيها مرارة سنوات ما بعد النكسة، كما حملت لوحاته فرحة الانتصار بالعبور، ثم سنوات الانفتاح الاقتصادي وما بعدها. تجده يعترف أنه لم ينجز كل ما كان يحلم بإنجازه في الفن والحياة، لكن ما يثق فيه أنه لم يخن فرشاته وقلمه ومبادئه، بل جعل منها ركائز لبناء مشروع إبداعي بطله الإنسان، وليس بالضرورة أن يكون معرضه الاستيعادي هذا نهاية رحلته مع الإبداع، فلا تزال روحه تتغذى بالحب وطاقة العطاء. أبريل الماضي شهد اعتكاف «نجيب» لوضع اللمسات الأخيرة لمعرضه، لدرجة حرمته من الاحتفال بأعياد شم النسيم، وخرج المعرض بعنوان أراد به أن يتبع اعترافه بلحظات الألم والحزن، إقرار بأن الأمل لا يزال موجودًا ما حيينا، لذا نال ما قدمه إعجاب الجميع، لكن الاحتفالات دائمًا ما يتخللها من الأحداث ما يعكر صفوها. وسط الأجواء الاحتفالية التي أحاطت بالفنان، فوجئ جمهوره بتعرض لوحته الزيتية "آدم وحواء"، لعمليه اعتداء متعمد أدى إلى تشويهها بآله حادة، وكانت في حالة سليمة تمامًا، ما يوحي اختيار الفاعل لهذه اللوحة بالذات للاعتداء عليها بأن ذلك تم لأسباب عقائدية تتصل بموضوعها، من منظور ديني متعصب. «نجيب» أكد أن الاعتداء تم في غيابه وفي وجود الموظفيين المسؤولين عن الأتيليه، لكن بسؤالهم أنكروا مسؤوليتهم عن حماية ما يعرض في القاعات، بزعم أن ذلك مسؤولية الفنان وحده، علمًا بأن الفنان يدفع إيجارًا غير قليل نظير حجز القاعات، وأنه يعتبر أعماله أمانة لدى الجمعية. وقال: من المؤلم أن يكون هذا جزائي مقابل إصراري على العرض في هذا المكان، بالرغم من إتاحة الفرص أمامي للعرض في قاعات الدولة والقاعات الخاصة بغير حدود، رغبة مني في النهوض بمستوى القاعات التي أصبحت في حالة بائسة حتى انفض عنها كبار الفنانيين أو المعروفين منهم، متصورًا أنه بمبادرتي بالعرض في الأتيليه واستضافة كبار الشخصيات والمثقفين يمكن استعادة المكانة التاريخية الرفيعة له من الضياع. تعرض صاحب كتاب «الصامتون» لمضايقات منذ بدأ الإعداد للمعرض، حتى أن استكمال دهان القاعات ولمبات الإضاءة ونظافة الأرضيات لم تتم إلا في وجود الضيوف عند الافتتاح، فضلًا عن عدم انتظام المسؤولين عن الأتيلية بفتح قاعات المعرض في الفترة الصباحية، وإغلاقها في وجه بعض الضيوف، الذين أبدوا استعدادهم للشهاده بذلك. وتعجب من إصرار الفنان أحمد الجنايني، رئيس مجلس إدارة الأتيليه، على إنكار وتكذيب كل هذه الوقائع، ويقول: ماذا يمكن أن أقول بعد أن انفقت من عمرى 20 عامًا متصلة في خدمة الأتيليه، عضوًا في مجالس إداراته المتتالية وسكرتيرًا عامًا ورئيسًا لمجلس الإدارة، حتى أصبح جزء من تاريخي الذي أعتز به؟! ياحسره على هذه السنين! بعد الحادث مباشرة اختفت اللوحة وسافر «الجنايني» خارج القاهرة، فأعلن "نجيب" عن عزمه إبلاغ الشرطة، إلى أن تدخل الفنان أحمد الصعيدي، أمين صندوق الأتيلية، وأفرج عن اللوحة، وقتها قرر صاحب كتاب «مواسم السجن والأزهار» اتخاذ رد فعل تجاه عدم اكتراث إدارة الأتيليه بالتحقيق في الواقعة، أو الاعتذار عنها، فنكس لوحاته المعروضة، وكتب على أبواب قاعات العرض: اعتذر أنا الفنان عز الدين نجيب عن تنكيس لوحات معرضي احتجاجًا على الاعتداء الذي تعرضت له لوحة "آدم وحواء" على يد مجهول، وعلى رفض الأتيليه تحمل مسؤوليته عن حماية المعرض أو اعتذاره عما حدث، بالرغم مما يوحي به الحادث بأن وراءه رسالة تخريبية هي أن القادم أسوأ. العجيب في الأمر هو تصريحات رئيس الأتيلية التي خرج يقول فيها: عز الدين تحدث عن اللوحة وهو بمنزله قبل أن يرها، وكأنه يفتعل تمثيلية، إنه يمن علينا بالعرض في الأتيلية، وهذا شىء لا نقبله، المكان ليس بحاجة لأي فنان، يذهب المبدعون ويبقى الأتيليه منارة للثقافة والإبداع، لا فضل لأحد عليه، بل هو من يعطي المبدعين، والقطع في اللوحة صغيرًا لا يتجاوز 2سم، والنسيج لا يزال موجودًا، لكنه بدأ في نسج قصة بأن الإرهابيين الإسلاميين جاءوا واقتحموا معرضه وقاموا بقطع اللوحة، ومن ثم أضحك كثيرًا وأتعجب. كيف تسول له أفكاره وثقافته أن يفكر فى هذا الشىء؟ هذه نهاية سيئة لتاريخ عز الدين نجيب، أؤكد أن هذه اللوحة قُطعت أثناء نقل اللوحات من مرسمه إلى الأتيليه، الغريب هو حرصه على أن يصنع هالة وهو في حل من ذلك لأنه رجل وصل إلى 75 عامًا، وله تاريخ وكان في حل أن يصنع تاريخًا مزيفًا على حساب أتيليه القاهرة وحسابي. لكن ما لا يعرفه أحد أن «الجنايني» أمر بعض موظفي الأتيليه أن يطلبوا من «نجيب» أن يكتب تعهدًا بمسؤليته عما أصاب اللوحة، وأنه لن يلجأ إلى الجهات الرسمية لشكوى الأتيليه وتحميله أي مسئولية، وهذا ما أكده الأخير، وأضاف: مجلس الإدارة لم يتخذ أي موقف تجاه اللوحة، وإخفاء اللوحة مسؤولية الجنايني وحده، وليس بقرار المجلس، والدليل على ذلك أن "الصعيدي" هو من أفرج عن اللوحة على مسؤوليته. وصف «نجيب» تصرف رئيس الأتيليه بالمنفرد الذي يظهره يتصرف بحماقة، وقال: لو ذهبت للنيابة واتهمته بإخفاء اللوحة سيكون سبيله السجن فورًا، ولو رئيس الأتيليه دخل السجن الأتيليه كله هيكون في مأزق، وموقفه على عكس أحمد الصعيدي الذي تصرف بإحساس بالمسؤولية تجاه الأتيليه. الجنايني أمر أمين الصندوق أن يكتب شيك لنجيب بمبلغ التبرع اللي دفعه للأتيليه "علشان ميبقاش ماسك لنا ذلة"، رغم أن هذا الموقف سابق للحادث بعدة شهور، وجاء من أجل رفع مستوى الأتيليه ونظافته، بعد أن أصبح صورة قبيحة ومظلم ومنفر، لا علاقة لمبلغ التبرع بثمن تأجير القاعات ولا الحادث، لذا رفض الصعيدي وقال له "لا يليق بأتيليه القاهرة أنه يتصرف هكذا". جمهور المعرض التقط صورًا للوحة قبل الافتتاح وبعده، ولم يكن فيها أي تشويه، والشاعر زين العابدين فؤاد بعد ما قرأ تصريحات الجنايني نشر صورة ألتقطها للوحة في المعرض، تظهر ساعة وتاريخ الالتقاط، ما يبطل كافة ادعاءات رئيس الأتيليه، لذا يقول «نجيب»: الجنايني كالعاري الذي يستر عورته بأي حجة، هل نصدق أنني افتعل تمثيلية أم أنها خدشت أثناء النقل، وهل يعقل أن أتلف لوحتي المقدر ثمنها 30000 جنيه من أجل افتعال تمثيلية! لم يكن في نية نجيب تصعيد الموضوع للإجراءات القانونية، لأن القضية تخص الأتيلية الذي ينتمي إليه، ولا يسعده أن يدفع الأمور إلى أن يذهب الأتيليه لطريق اللاعودة، لكنه سيظل يندد بالفعل الإجرامي وتلك الإدارة السلبية الفاسدة.