الكاتب التشيكي فرانتس كافكا، له مقولة عظيمة يتجلي فيها قيمة الكتاب وهي «يجب أن يكون الكتاب فأسًا للبحر المتجمد فينا»، بكلمات قليلة نلخص تجارب عايشنها لسنوات، كالأعمال الأدبية التي سطرت عن الحروب العالمية الأولي والثانية، كذلك يكون الكتاب سلاحًا قويًا نحارب به الأفكار الظلامية، وفي هذا الصدد نقرأ كتابان صدرا مؤخرًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ «المهدي» للكاتب عبد الحكيم قاسم، و«من الأرشيف السري للثقافة المصرية» للكاتب الكبير الراحل غالي شكري. في رواية المهدي، يقدم الناقد الدكتور جابر عصفور- وزير الثقافة السابق، دارسة وتحليل لما أورده المؤلف عبد الحكيم قاسم في روايته، إذ رأى "عصفور" في هذه الرواية أن مؤلفها أراد بها أن تكون احتجاجًا على بداية تصاعد تطرف الجماعات الدينية في مصر وجنوحها إلى العنف تأكيدًا لحضورها السياسي، وفرضا لتأويلاتها التي لا تقبل الاختلاف ولا تعترف بوجوده أصلًا. ويوضح «عصفور» أن اعتداءات هذه الجماعات على المجتمع المدني في مصر قد بدت واضحة تمامًا في عينى عبد الحكيم قاسم، عندما كتب روايته أواخر عام 77، أثناء غيابه عن مصر وإقامته في ألمانيا بعد أن أرقته أخبار هذه الجماعات وما سمع عن تصعيدها العنف الذي بدأته جماعة الفنية العسكرية (شباب محمد) سنة 1974 وذلك في المتوالية التي وصلت إلى جماعة التكفير والهجرة سنة 1977، السنة نفسها التي فرغ عبد الحكيم قاسم في نهايتها من روايته الرافضة لتطرف هذه الجماعات وجنوحها إلى العنف، والسنة نفسها التى انتهى فيها تحالف السادات والجماعات الإسلامية في أعقاب زيارته للقدس، ومن ثم توتر العلاقات بين هذه الجماعات والدولة إلى أن انتهى الأمر باغتيال السادات عام 1981. الرواية تستخدم بعض العلامات الزمانية التي تشد الرواية إلى الزمن الخارجي لنشرها وازدواج أو التباس الدلالة الزمنية ملازمة لدرجة متعمدة من التجريد التي تجعل أحداث الرواية أمثولة دالة دينيًا واجتماعيًا وسياسيًا في الوقت نفسه. وضمن سلسلة علوم اجتماعية، صدر كتاب «من الأرشيف السري للثقافة المصرية» للناقد الكبير الراحل غالي شكري، الذي قال في مقدمة كتابه: هذا الكتاب مجرد قطرة في بحر الخطايا والجرائم التي ارتكبها اليمين المصرى ضد الثقافة والمثقفين، فالملف الكامل ما زال ممنوعًا من الفتح لأن الذين يملكونه ليسوا طرفًا واحدًا ولا يملك الفرد منا أكثر من بضعة أسطر أو قليل من الصفحات، وعلى من يريدون فتح ملف ثورة يوليو أن يفتحوا كل الملفات، حينذاك سوف تتبدي حقيقة اليمين المصري الذي يطالب الآن بمراجعة الماضي ومناقشته، وسيكون الطرف الوحيد الذي يحرق الملفات ويطويها للأبد، لأنه كان وما زال المتهم بل المجرم الوحيد.