تُعد حرية الصحافة الركيزة الأساسية للديمقراطية الحقيقية في بلدان العالم التي تتمتع بالحقوق المدنية واحترام حقوق الإنسان، لكن وزارة الداخلية أبت إلا أن تكمم أفواه الصحافة والإعلام، فى محاولة يائسة لطمس أخطائها التى تجاوزت كل الأعراف والقوانين. ترى وزارة الداخلية نفسها منزهة عن الخطأ، ولا يحق لأحد انتقادها أو توضيح أخطائها، فلا يمر بضعة أيام إلا ويحدث انتهاك فى قسم شرطة أو حالة وفاة داخل سجن نتيجة التعذيب والسحل، وفى حالة تعرض وسائل الإعلام المقروءة والمرئية لتجاوزات الداخلية، تدعى تشويه «جهاز الشرطة الوطنى». القبض على صحفى «الدستور» بادعاء تشويه جهاز الشرطة ألقت وزارة الداخلية، يوم الأحد الماضي القبض على حسين محمود عبدالحليم على، مراسل بصحيفة الدستور، متهمه إياه ب7 قضايا، وأنه صادر ضده العديد من الأحكام القضائية – حسب قول الوزارة، موضحة أن المتهم غير مقيد بنقابة الصحفيين، وتبنى حملة عبر صفحات الجرائد منذ 5 أبريل الجاري، تهدف تشويه جهاز الشرطة، مستندة إلى العديد من المزاعم والادعاءات، بعضها مازال محل تحقيق من النيابة العامة. من جانبها، نشرت جريدة الدستور صورة من الفيش الجنائي للمراسل علي حسين محمود بالجريدة، الذى لا يحمل أي سوابق، وتأكدت الجريدة أن الفيش صحيح 100% وغير مزور، وقد تقدم به المحرر للانضمام لصفوف المتدربين في 15 يناير 2014 للتنسيق الإشرافي علي تنظيم صفحة الداخلية وليس كرئيس للقسم. تحقيق «المصرى اليوم» يحرك المياه الراكدة.. و«الداخلية» تنتقد نشرت جريدة "المصرى اليوم" بتاريخ 19 أبريل الجارى تحقيق صحفي تحت عنوان "الشرطة شهداء وخطايا.. ثقوب فى البدلة الميرى" تنتقد فيه ممارسات الداخلية وتكشف وقائع انتهاكات لرجال الشرطة فى حق المواطنين، تضمن عدة تقارير هى.. عنابر "5 نجوم" للضباط المتهمين بالسجون، "حاميها.. حراميها".. المهمة: حماية المواطن.. والتهمة: نصب وسرقة ورشوة واغتصاب وخطف، "الأمن الوطنى" و"أمن الدولة" وجهان لعملة واحدة، الأمن المركزى.. "الغلابة" يحملون "عصا السلطان". انتقدت الداخلية قائلة: مع كامل الاحترام للمنابر الصحفية والإعلامية الحريصة على مصلحة الوطن والمواطن وتسمو بأخلاقيات المهنة تحقيقاً للصالح العام وحفاظاً على إستقرار الوطن، فإنه وجب التنويه بأن الوزارة تتحفظ على ما تضمنته الصحيفة من تناولات غير مهنية قبل وزارة الداخلية، وتؤكد على أنها ستتخذ الإجراءات القانونية قبل تلك التناولات. وأكدت وزارة الداخلية أنها تعمل لخدمة الشعب وتحت مظلة القانون، مشيرة إلي أن الدافع وراء النشر هو سابقة قيام الوزارة بتقديم بلاغاً ضد محرر الجريدة الذى أشرف علي التحقيق ورئيس تحرير الصحيفة لنشر أخبار كاذبة تثير الرأى العام، وقيد البلاغ برقم 831 لسنة 2014 حصر تحقيق أمن الدولة العليا بشأن ما تم نشره بالصحيفة بعدديها رقمى "3842″ بتاريخ 21/12/2014 ، و"3843″ بتاريخ 22/12/2014، حيث تم مثولهما أمام نيابة أمن الدولة العليا لسماع أقوالهما فى البلاغ المشار إليه، وقررت النيابة إخلاء سبيلهما من سراياها بكفالة خمسة آلاف جنية لكل منهما، ومازال البلاغ قيد التحقيق. وردت جريدة المصري اليوم بأن وزارة الداخلية تسير على خطى جماعة الإخوان، حيث تعلق أخطاءها وتجاوزاتها على شماعة الإعلام، بدلاً من أن تمتلك شجاعة الاعتراف بالأخطاء ومعالجتها، خاصة أن كثيراً منها كشفت عنه النيابة العامة والمجلس القومى لحقوق الإنسان وبعض منظمات المجتمع المدنى. قصف الأقلام.. منهج «الداخلية» يقول كريم عبد الراضي، الناشط الحقوقي، إن صحيفة المصري اليوم ومن قبلها الدستور، وغيرهما يؤدون دورهم في كشف المشكلات وتسليط الضوء علي أماكن الخطأ في مؤسسات الدولة، وإطلاع الرأي العام عليها، وهذا دور رقابي من صميم العمل الصحفي، لكن وزارة الداخلية لم تكترث بفتح تحقيقات في الواقائع التي تم الكشف عنها، ولم تهتم باتخاذ خطوات للوقوف علي صحتها ومعاقبة من أخطأ وتورط في الجرائم المنشورة. وأضاف "عبدالراضي": «تعاملت وزارة الداخلية بمنطقها السائد، من خلال القمع، فهددت الصحف وتوعدتها، في محاولة لتكميم الأفواه وكتم الأصوات التي تعالت لتنتقدها، عينت نفسها مقيّما للعمل الإعلامي، وفضّلت الاعتداء علي حرية التعبير وملاحقة الصحف قضائياً». وفى نفس السياق، أوضح الكاتب الصحفي بشير العدل، مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، أن العلاقة بين الإعلام والسلطة "عدائية" تسير على تصيد أخطاء كل طرف للآخر، مؤكداً أن المعارضة من حقها إظهار مساوئ النظام الحاكم. وأشار "العدل" إلي أنه من حق الجهات المعنية التعليق علي ما يتم نشره في الصحف بمبدأ حق الرد الذي يكفله ميثاق الشرف الصحفي للطرف الآخر، لكن دون أن يتم التلويح بتهديد الصحف ومعاقبتها. على الجانب الآخر، قال أبو السعود محمد، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن النقابة تتابع التحقيقات مع صحفي الدستور الذي تم القبض عليه ورئيس تحرير الجريدة، بعد أن كشف تجاوزات وزارة الداخلية، مشيراً إلي أن هناك 5 بلاغات مقدمة ضد الجريدة والصحفيين من ثلاثة أشخاص بوزارة الداخلية منهم بلاغ بصفة وزير الداخلية شخصياً. وأضاف "محمد" أن ما ينشر في الصحف تكفله حرية الرأي والتعبير، وما تفعله الداخلية أمر غريب بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، فكان من المفترض علي الوزارة أن تصلح أخطاء بعض رجالها بدلاً من تقويض العمل الصحفي. واختتم: «إذا كانت وزارة الداخلية ستسير على نهج قصف أقلام الصحفيين والصحف في التعبير عن الرأي، فإن نقابة الصحفيين سترد»، مطالبا وزارة الداخلية بتعديل مسارها وتصحيح أخطاء أبنائها.