الهدف الوصول بالفن الجميل للناس بطريقة شيقة وغير معتادة المعتز بالله: البلكونة تكاد تختفى من حياتنا رغم أنها كانت رمزاً للجمال من البلكونة يصدح غناء أوبرا وطرب أصيل، مشهد عاشه وتفاعل معه جمهور عشوائى فى محافظات بورسعيد، المنصورة، دمياط والقاهرة الأسبوع الماضى، فى مبادرة «أوبرا البلكونة» التى أطلقتها مؤسسة «محطات» للفن المعاصر، مع فرقة تياترو للمسرح المستقل، وهى حلقة جديدة من مشروع جولات فى المحافظات لمجموعة الفن ترانزيت، التى اختارت أن تنشر البهجة فى الشوراع بالفن مبادرة الفن الترانزيت هى واحدة من ثلاثة مشاريع فى برنامج إتاحة الفن – شبابيك، الذى تنظمه «محطات» بالتعاون موسسة دروسوس السويدية، يشمل أيضا إحياء فنون البيانولا (صندوق الدنيا) والأراجوز. بصوت مطربة الأوبرا لبنى دغيدى، والمطرب أحمد صبرى، بفرقة التراث بدار الأوبرا بمصاحبة عازف الكمان راجى عنايد، وعازف الإيقاع طارق عنانى، فريق بسيط يرتدى الملابس المنزلية (بيجاما وروب تقليدى) يقدم العروض فى بلكونات، فيما يتجمع حولهم الجمهور ليستمع إلى كارمن وأغنيات محمد قنديل فى برنامج واحد، يضفر بين كلاسيكيات الغناء الغربية والشرقية، حيث تقوم فكرة أوبرا البلكونة على الجمع بين الأوبرا والطرب الشرقى، خارج الأطر المعتادة. يرى مخرج العرض عمر المعتز بالله، مؤسس فرقة تياترو للمسرح المستقل، أن الهدف هو الوصول بالفن الجميل للناس، خارج مؤسساته المعتادة، دون تنازل عن المستوى الفنى، فاللغناء الأوبرالى يقدم بمصاحبة تسجيل موسيقى، يظهر جمال الموسيقى الكلاسيكية، وكذلك اختيار الأصوات والفنانين المشاركين فى المبادرة، قال عمر ل«البديل»: طوال الوقت نسمع أغانى قد لا تعجبنا فى الشارع، وقد لا نفهمها وفى نفس الوقت نطلق أحكامًا مسبقة، مثل أن الموسيقى الكلاسيكية والأوبرا فن بعيد عن ذوق الناس، والأوبرا نفسها كمسرح ومكان، قد يكونا مكانًا غريبًا وطاردًا للبعض، فلماذا لا تذهب الأوبرا للناس، ونترك لهم الحق فى التقييم، دون مصادرة على ذائقتهم، عايشنا تجربة مشابهة أثناء اعتصام المثقفين فى وزارة الثقافة، وشاهدنا تعطش الناس للفن الجميل وتجاوبهم الرائع مع الغناء والموسيقى والباليه، وفى هذه الجولة فوجئنا بالناس تطلب إعادة أغنيات كارمن أكثر من مرة، وبجمهور يجتذبه الصوت الجميل فيترك ما يقوم به لمشاهدة العرض. البلكونة تكاد تختفى من حياتنا اليوم، رغم أنها فى الماضى كانت رمزا للجمال وساعات الصفاء والسمر، نجد فيها ورودًا، ويصدح منها صوت غناء الراديو فى العصارى، أردنا تقديم عرض يعيد إحياء هذه الحالة، لذلك يرتدى الفنانون الملابس المنزلية لتذكير الناس بالحالة الجميلة والحميمة للبلكونة. المبادرة التى أطلقتها محطات وتياترو لإتاحة الفنون الرفيعة بالأماكن العامة، تلاقت مع مبادرات أخرى لإنقاذ الأماكن والمناطق الأثرية من الإهمال، كما حدث فى المنصورة، بتعاونها مع حملة «أنقذوا المنصورة» حيث قدمت إحدى عروض الجولة فى بلكونة قصر إسكندر، الذى يطلق عليه «القصر الأحمر»، نظرا للونه الخارجى، والذى ارتبط بالعديد من الأقاويل المرتبطة بالأشباح، يقع القصر بشارع المختلط بمدينة المنصورة، بناه الخواجة ألفريد دبور عام 1920، وطلاه باللون الأحمر، ومن هنا جاءت تسميته ب«القصر الأحمر»، ينتمى للطراز القوطى ويشبه نمط بناء الكنائس فى أوروبا، يغطى برجه قرميد بشكل قشر السمك ذى الدلالة فى الديانة المسيحية. وهنا يقول عمر المعتز بالله: أردنا المساهمة فى لفت الانتباه لمثل هذه المبانى الجميلة وتوثيق ذكرها للناس، بدلًا من فكرة القصر المهجور المسكون بالأشباح، والذى يحمل ذكريات قرن من عمر المدينة، بخطوات بسيطة وإضاءة ملائمة، أظهرنا جماله للناس، لأن من حقهم أن يستمتعوا بالجمال حولهم، خاصة أن غالبية هذه المبانى تباع وتهدم لتتحول إلى أبراج ومولات، ورغم قيمتها الفنية والأثرية تتعرض للتدمير المتعمد.