تحت عنوان «لا للمكارثية الثقافية العربية».. وقع أكثر من 400 شخصية مصرية وعربية، فضلا عن أكثر من 20 منظمة حقوقية على بيان تضامن مع الدكتورة نيفين مسعد، أستاذ العلوم السياسية فى أزمتها مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الالكسوا" التابعة لجامعة الدول العربية. أدان الموقعون بشدة ممارسات الدكتور عبدالله حمد محارب، مدير المنظمة العربية للتربية العربية والعلوم، التى تمثلت فى اختلاق مفضوح لتهم أدت إلى التحقيق مع الدكتورة نيفين مسعد، مدير معهد البحوث والدراسات العربية التابع للمنظمة، ومن ثم عزلها عن وظيفتها وتخفيض درجتها الوظيفية فى أول سابقة من نوعها فى تاريخ الجامعة العربية بعد سبعين عاماً من عمرها. رفض الموقعون حالة الإرهاب الفكرى التى تعرضت لها الدكتورة نيفين، ووصفوا قرار عزلها على خلفية اتهامات تمثل تفتيشا فى عقل الكاتبة، قمعا لحرية الرأى والتعبير. اقتربت «البديل» من الأزمة عبر عدد من الشخصيات الذين وقعوا على البيان؛ لنعرف ردود أفعالهم حول عزل الدكتورة من المنصب وسبل الدعم لها. قال الدكتور وحيد عبد المجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الأزمة بدأت بخلاف إدارى بسبب تدخل مدير المنظمة العربية بشكل عشوائى وبغير فهم فى عمل المعهد، وعندما أبدت الدكتورة نيفين مسعد اعتراضها على التدخل وتحذيرها من العواقب الوخيمة لمستقبل المعهد، استاء مدير المنظمة الذى تصور أنه فوق النقد، فاتخذ إجراءات تعسفية ضدها. وأضاف "عبد المجيد" أن مدير المنظمة العربية، انتهج نفس الطريقة التى يستخدمها المتطرفون فى التعامل مع النصوص الأدبية، من خلال إلقاء الاتهامات على الدكتورة نيفين مسعد، متابعا: «لا يعقل أن يكون بين الاتهامات الموجهة للدكتورة وتؤدى لعزلها من المنصب، محاسبتها على مواقف تبنتها فى برامج تليفزيونية ومقالات رأى تدافع فيها عن الكرامة الوطنية المصرية، وعلى مقالات نشرتها بحجة أنها موظفة دولية لا يجوز لها ذلك، مع أنها كتبتها بصفتها الأكاديمية وليست الوظيفية، وهو عرف سائد لدى عديد من الموظفين الدوليين دون أن تطولهم يد المكارثية». من جانبها، أوضحت راوية عبد الرحمن، مؤسس تنسيقية العمل الجماهيرى لنساء مصر، إن ما حدث مع الدكتورة نيفين مسعد، أشد أنواع الاضطهاد الفكرى، بعد عزلها عن منصبها بسبب بعض المقالات العلمية التى نشرتها وبعض الكتابات السياسية في الجرائد العربية والمصرية، مشيرة إلى أنها حملة لم تمارس من قبل ضد من شغلوا نفس المنصب من الرجال الذين كانوا يكتبون نفس النوع من المقالات العلمية والسياسية، الأمر الذى يؤكد أن الدكتورة نيفين مسعد تعاقب أيضا لكونها امرأة. وناشدت "عبد الرحمن" السلطات المعنية فى دولة الكويت صاحبة الأيادى البيضاء على الثقافة العربية والمبادرات الخلاقة بشأنها والإنجازات النوعية فى نشرها، أن تمنع المدير الحالى للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الذى يشرف بحمل الجنسية الكويتية، من الاستمرار فى تخريب الثقافة العربية والإساءة إلى الصورة الناصعة لدولة الكويت، وأن تختار من يعكس صورتها الحقيقية المشرفة لدى المثقفين العرب. وفى نفس السياق، قالت الدكتورة أمانى الطويل، مدير وحدة الدراسات الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن احترام حرية المثقف العربى فى التعبير عن آرائه مسألة مقدسة، ودور المثقف فى تقييم الأداء السياسى والثقافى والبحثى والإدارى، غير مشكوك فيه، ولا يمكن محاسبته بالعصا الإدارية فى مواجهة آرائه، مضيفة أن قرار عزل الدكتورة نيفين لم يأخذ بعين الاعتبار التغييرات العميقة التى تمت بالمنطقة العربية خلال الفترة من 2011- 2015. وتابع: «تحرر المثقف العربى فى المرحلة الراهنة من الأبنية الإدارية ومؤسسات الدولة، فعقل المثقف العربى أدرك أن هذه الهياكل المؤسسية فى طريقها للتغيير، وأنها لم تستطع الاحتفاظ بآليات عملها مثل الماضى». وأكد الدكتور معتز عبد الفتاح، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، أن قرار عزل الدكتورة نيفين عن منصبها يتصف بالغموض، وتعسف غير مبرر، وبدا كأنه موقف شخصى من مدير المنظمة، لافتا إلى أن كتاب "صنع القرار فى الوطن العربى" أحد الاتهامات ضد الدكتورة نيفين، ليس من تأليفها بل محررته، وغير مسئولة عنه كنص، كما يعتبر من أهم الكتب التى تقدم دراسة أكاديمية بحثية بحته حول النظم السياسية فى البلدان العربية فى حقب مختلفة. وأوضح: «لا يعقل أن نعاقب الدكتورة نيفين على نقدها وبحثها وآرائها السياسية، فنقدها يصب فى مصلحة مصر والدول العربية، ويجب أن يدرك الجميع وعلى رأسهم القائمون على الفكر والثقافة والعلم، ومنهم المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، أن هناك مساحة وهامش من حرية الرأى والتعبير، ودونها لا نقيم حياة علمية وجامعية وسياسية». وأشارت إيمان فخرى، باحث اقتصادى بوزارة التعاون الدولى، إلى أن ما حدث مع الدكتورة نيفين يعد إرهابا فكريا يواجه كل مختلف فى الرأى أو يتبنى وجهة نظر معينة، مضيفة أن الدكتورة نيفين نجحت فى تحقيق إنجازات ملحوظة بعدما تولت إدارة المعهد، وتمكنت من توقيع مذكرات تفاهم عديدة بين المعهد وهيئات ومؤسسات علمية أخرى لتقديم أكبر دعم لشباب الباحثين بالمعهد وتثرى حقل البحث العلمى، وموضحة أن إجراءات العزل من المنصب وتخفيض الدرجة الوظيفية، إجراءات غير مفهومة على الإطلاق. من جانبها، رفضت الدكتورة نيفين مسعد، الإدلاء بأى تصريحات خاصة بأزمتها مع المنظمة العربية؛ لأن القضية منظورة الآن أمام المحكمة الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية، وأنها فى انتظار انعقاد جلسة للمحكمة خلال مايو 2015.