في الوقت الذي يتطلب فيه، خوض الوطن معركتة ضد الإرهاب، وخطة الأمريكان والصهانية لتقسيم المنطقة باستخدام جماعات الإرهاب، تمساك الجبهة الداخلية، وتوحيد الصف، نجد السلطة تستخدم هذه المعركة في تمرير قوانين، وقرارات أقل ما توصف بأنها حربا على الفقراء. يبنما كان المصريون يتابعون، بحزن وآلم، صور ذبح 21 من المواطنين على أيدي تنظيم "داعش" الإرهابي، وبينما تعالت أصوات، التوحد خلف الجيش في عملياته العسكرية ضد معاقل الأرهاب في ليبيا، كان خبراً أخر لم يحظ بنفس الاهتمام، مفاده عزم الحكومة رفع أسعار الكهرباء بدءً من يوليو المقبل بنسبة 20 %، في تجاهل تام لاحتياجات المواطنين، وفي تحد لمطلب رئيسي من مطالب ثورة ال 25 من يناير هو العدل الاجتماعي، لم يكن هذا هو الجزء الأخطر في الخبر، ففي نهايته، جاء جملتين، مثلت توجه السلطة، وانحيازاها ضد الفقراء بشكل واضح، بشأن موافقة الحكومة علي مشروع قانون "الكهرباء" و إحالته إلي مجلس الدولة لمراجعته تمهيداً للعرض علي رئيس الجمهورية لإقراره. ويتضمن مشروع هذا القانون نصوصاً في غاية الخطورة تنسحب بموجبها الدولة من إدارة هذا القطاع الحيوي تاركة إياه لشركة مستقلة يجري حالياً إعادة تيقيم أصولها و ديونها بالتعاون مع مكتب إستشاري عالمي، ما يعني اتجاه الدولة لخصخة هذا القطاع الحيوي. كما كشفت وزارة الإسكان، عن المشروعات التي ستقدمها في قمة مارس الاقتصادية، التي جاءت بعيدة الصلة عن احتياجات الفقراء، وفي مقدمتها، مشروع "واحة أكتوبر" بتكلفة 150 مليار جنيه، يهدف إلى إنشاء مدينة متكاملة عبارة عن فيلات، وملاعب جولف، والواحة الترفيهية وغيرها، ما يخدم الأغنياء في الاساس، مشروع سيكتفي الفقراء بالنظر إليه دون الاستفادة منه. لم يقتصر، الأمر على ذلك، بل إن إعلامي السلطة، شنوا هجوماً واسعاً ضد المصريين المتواجدين في ليبيا، وباتت الأسئلة، تنطلق من أفواههم في بلاهة معتادة، من قبيل،" إيه اللى وداهم هناك؟ ، طيب مرجعتوش ليه بعد عملية الخطف الأولي؟، انتو مش عايزين ترجعوا"، وكأن فقراء مصر اختاروا الغربة حباً فيها، وليس هرباً من واقع اقتصادي مرير، وفقر، أجبرهم على اختيار الموت بدلا من الجوع، ويكفي نظرة واحدة على صور أهالي الشهداء ومنازلهم، لتعرف حجم الفقر الذين يعيشون فيه. وفي النهاية، بدل من أن تسعي السلطة، لتوحيد الصف في مواجهة الإرهاب، باتت تستخدم الحرب على الإرهاب لتمرير قوانين وقرارات أقل ما توصف بأنها حرباً على الفقراء.