رحبت المنظمات النسائية، وعلى رأسها "مؤسسة المرأة الجديدة"، بقرار مجلس القضاء الأعلى فتح باب القبول لتلقي أوراق دفعة جديدة من عضوات النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة لاعتلاء منصة القضاء. وقالت "مؤسسة المرأة الجديدة" إن هذا القرار يعد خطوة إيجابية نحو تفعيل نصوص الدستور وحقوق النساء الواردة بها، ومن أبرزها حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. تجدر الإشارة إلى أن النساء خضن معارك طويلة من أجل اعتلاء منصة القضاء، بدأت بنضال الدكتورة عائشة راتب عام 1951 في معركة ضد مجلس الدولة؛ بسبب رفض تعيينها. ورغم فشلها وقتها، واستمرار المجلس تبني هذا الموقف، إلا أن إصرار الدكتورة عائشة راتب على تحقيق هذا المطلب آتى ثماره بعد مرور سنوات طويلة، حيث تم تعيين المستشارة تهاني الجبالي في المحكمة الدستورية العليا عام 2003 بموجب قرار رئاسي. وبعد مرور 4 سنوات، أي في عام 2007، تم اختيار 31 عضوة من أعضاء النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة للتعيين بموجب قرار رئاسي كقاضيات في بعض المحاكم الابتدائية، مثل محاكم الأسرة والمحاكم الاقتصادية. وواصلت القاضيات السالف ذكرهن تقدمهن المهني في السلك القضائي حتى اعتلت على سبيل المثال المستشارة سالي الصعيدي منصة القضاء الجنائي عام 2009 كعضوة في هيئة محكمة جنح أحداث القاهرة. ورغم هذه الخطوات ظلت النيابة العامة متمسكة برفض تعيين المرأة بعضويتها، وقد أعلنت النيابة العامة في 2010 عن تعيين دفعة جديدة من أعضاء النيابة العامة، مع وضع جملة "لا للفتيات" في إجراء تمييزي واضح وعاصف لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص. ثم حدث التطور الأبرز فى هذا السياق على صعيد مجلس الدولة، ففي أغسطس 2009 وافق المجلس على الإعلان عن قبول تعيين مندوبين مساعدين بمجلس الدولة من خريجي وخريجات كلية الحقوق دفعتي 2008 – 2009. وبناء على ذلك تم الإعلان عن فتح باب تقديم الطلبات، ولكن في تحول مفاجئ، انعقدت الجمعية العمومية لمجلس الدولة، في فبراير 2010، بحضور 380 مستشارًا، وصوّت 334 منهم ضد عمل المرأة قاضية، و42 مستشارًا قبلوا عملها، وامتنع 4 مستشارين عن التصويت، فيما انسحب رئيس المجلس قبل بدء التصويت. وبنتيجة ذلك، انقلبت أغلبية المجلس ضد تعيين المرأة قاضية، وقرروا وقف إجراءات التعيين، الأمر الذى أثار غضب النساء والمنظمات النسوية بسبب هذا التمييز الصارخ بعد إسقاط كلمة "خريجات" من الإعلان. وبعد مرور 4 سنوات، وبالرغم من إقرار الدستور المصرى الجديد الذى يؤكد فى المادة "11″ منه على أحقية النساء فى العمل فى الهيئات القضائية، إلا أن مجلس الدولة ظل متمسكا بنفس موقفه السابق من تعيين النساء، وذلك حين تم الإعلان فى يناير 2014 عن قبول دفعة جديدة لوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة تحت شعار " للذكور فقط"؛ مما تسبب فى أزمة جديدة مع المجلس، تصدرها المجلس القومى للمرأة والمنظمات النسوية فى مصر. إلا أنه وبعد مرور عام تقريبًا على هذه الأزمة أعلن مجلس القضاء الأعلى فى فبراير الجارى عن فتح باب القبول؛ لتلقي أوراق دفعة جديدة من عضوات النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة؛ لاعتلاء منصة القضاء فى خطوة إيجابية نحو تفعيل نصوص الدستور وحقوق النساء الواردة بها، ومن أبرزها حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. ومع التأكيد على أن هذا القرار هو بالطبع خطوة للأمام نحو الاعتراف بقدرات النساء واحترام وتفعيل الدستور، فلا يجب أن يغيب عنا أنه فى كل قضايا النساء، خاصة القضاء، كانت المنظمات النسوية دائمًا تبادر بإعلان موقفها، واستمر نضالها عبر عشرات السنوات من أجل تمكين النساء من شغل المناصب القيادية وأحقيتها في شغل جميع مجالات العمل، ومنها القضاء، وإلغاء جميع أشكال التمييز ضد النساء.