شأنه شأن جل المسؤولين والقادة السياسيين داخل الكيان الصهيوني الذي تطارد قضايا الفساد والرشوة كثير من رموزه السياسية خلال السنوات الماضية وحتى الأيام التي نعيشها، فمعظم القيادات الإسرائيلية متورطون في قضايا فساد إما تم الكشف عنها وتعرضوا للمحاكمة بسببها، أو أخرى قائمة لم يتم اكتشافها بعد أو لم تنته المعركة القضائية وما زالت مستمرة هناك. هذه المرة تطال تهم الفساد رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو"، بعدما تم الكشف عن تجاوزات قانونية كثيرة ارتكبها "نتنياهو" خلال السنوات القليلة الماضية، يتعلق معظمها بميزانية منزل رئيس الحكومة، وتكاليف رحلات الطيران والجولات الخارجية التي كانت تقدم له في كثير من الأوقات على سبيل الرشوة من كبار رجال الأعمال، لكن الأيام القليلة الماضية كشفت جانبا كبيرا من هذه المخالفات التي ارتكبها "نتنياهو"، لا سيما بعد أن قرر المدير السابق لمنزل "نتنياهو" ميني نفتالي إزاحة الستار عن كل هذه التجاوزات القانونية وإخبار الشرطة بها من أجل محاسبة رئيس حكومة الاحتلال عليها، خاصة وأن مدير المنزل السابق حصل على حصانة وتأمين حياته مقابل الكشف عن هذه المعلومات. الميزانية التي تلاعب بها "نتنياهو" وحجم النفقات التي تم صرفها خلال الأعوام الثلاثة الماضية تضاعف بشكل لافت عن السنوات السابقة، خاصة وأن معظم بنود المصروفات تتعلق بأعمال النظافة ونفقات الغذاء والضيافة التي يتم عقدها بمنزل رئيس حكومة الاحتلال، أضف إلى هذا كله أن "نتنياهو" وأفراد عائلته أجروا عدة جولات خارجية وتنزهات داخلية على حساب رجال الأعمال وبأموال خاصة تم تقديمها لرئيس الحكومة على سبيل الرشوة. أكد موقع "واللا" الصهيوني مطلع الأسبوع الجاري أنه لا مناص من فتح تحقيق جنائي ضد رئيس الحكومة بتهمة التبذير وسوء الإدارة، مضيفا أن التحقيق والاتهامات سوف تطال رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو" وزوجته "سارة نتنياهو"، مشيرا إلى أنه سوف يتم استجواب عدد من ذوي المناصب في مسكن رئيس الحكومة الرسمي، بجانب بعض المسؤولين في مكتب "نتنياهو"، ليتم إحالة الأمر برمته في النهاية إلى النيابة ومراقب الدولة والمستشار القانوني. لفتت بعض المصادر الخاصة بالإذاعة العبرية إلى أن رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" بدأ الاستعداد فعليا لخوض معركة قضائية بعد تهم التبذير وسوء الإدارة التي تم توجيهها له وزوجته خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة وأن الأسابيع الماضية شهدت تردد أنباء كثيرة وتقارير إعلامية حول حجم الفساد والتبذير داخل مسكن رئيس الحكومة الرسمي، الأمر الذي ترتب عليه تضاعف حجم ميزانية النفقات. أثرت هذه التقارير الإعلامية التي تتحدث عن قرب بدء المعركة القضائية بين "نتنياهو" من جهة والمستشار القانوني من جهة أخرى على شعبية حزب الليكود بزعامة رئيس الحكومة الحالي، حيث أكدت نتائج استطلاع رأي نشرته القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي أواخر الأسبوع الماضي تقدم تحالف "هرتسوج – ليفني" على حزب الليكود بمقعدين في انتخابات الكنيست المقررة 17 مارس المقبل، وكذلك القناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيلي نشرت نتائج استطلاع رأي خلال الأيام القليلة الماضية ظهر من خلالها تساوي المقاعد بين حزب الليكود بزعامة "نتنياهو وتحالف "المعسكر الصهيوني" بقيادة زعيم المعارضة "اسحاق هرتسوج" ووزيرة القضاء المقالة "تسيبي ليفني". لا شك في أن "نتنياهو" سيحاول جاهدا تلاشي هذه المعركة القضائية خلال الوقت الراهن، أو انهائها في أسرع وقت ممكن قبل انتخابات الكنيست التي يتبقى عليها أقل من ثلاثة أسابيع، لكن الأمر الأكيد أن هذه التحقيقات سوف تؤثر بشكل أو بآخر على شعبية حزب الليكود وحظوظ "نتنياهو" في تشكيل حكومة جديدة عقب الانتخابات، أو بالأحرى فإن هذه المعركة القضائية سوف ترسم ملامح نفوذ رئيس الحكومة الصهيونية في الساحة الساسية خلال السنوات المقبلة. سيبقى مستقبل "نتنياهو" السياسي خلال السنوات المقبلة رهين نتائج المعركة القضائية التي يقف اليوم رئيس حكومة الاحتلال على أعتابها، لتفتح هذه الأوضاع آفاقا جديدة أمام الجمهور العربي والقائمة المشتركة لشق طريق لها وسط هذه الاضطرابات السياسية التي تضرب الكيان الصهيوني قبيل الانتخابات، لا سيما بعد أن أكدت نتائج استطلاع الرأي الأخيرة على أن القائمة العربية المشتركة سوف تحصل على 12 أو 14 مقعدا خلال جولة الانتخابات المقبلة، نظرا لارتفاع توقعات نسبة مشاركة عرب الداخل المحتل خلال انتخابات 17 مارس المقبلة، ما يعني أن الأحزاب العربية سوف يكون لها تأثير في مجرى الأحداث داخل الكيان الصهيوني خلال المرحلة المقبلة.