يعد نهر النيل شريان الحياة للمصريين، وطالما ردد المعلمون على آذاننا في المراحل التعليمية المختلفة بأن النيل أيضَا شريان الحياة للسياحة المصرية، لكن يبدو أن الإهمال طال كل شىء، حتى وصل إلى النهر، فعلى الرغم من أهمية السياحة النيلية، إلا أن المراسي النيلية في محافظة القاهرة تحولت لوكر يسيطر عليه البلطجية والخارجين على القانون الذين يحولونه إلى ملاه ليلية. حاولت "البديل" اختراق هذا الوكر السري الذي سيطر عليه فئة من البلطجية دون أي رقابة. «مراكب الكورنيش».. احتفالات وأعياد ميلاد وأمور أخرى فور وصولك إلى ميدان التحرير أو كورنيش النيل، تجد العديد من المراسي التي تؤجر المركب بالساعة أو لمجموعة من الأصدقاء وتأخذ إيجارها بشكل تجاري بحت، لكن المريب، تحول هؤلاء السائقين إلى بلطجية. يروى محمد صنارة، أحد أصحاب المراسي على كورنيش النيل بميدان عبد المنعم رياض، أن النزهة النيلية في المراكب تكون مدتها من 15 إلى 20 دقيقة، وتكون على حسب الزبون، وهناك من يريد أن يجعل النزهة ساعة. وتابع: «أحيانًا يأتى أناس بصحبة فتاة، وظيفتها الرقص فقط»، لافتًا إلى أن المسئول عن المرسى هو صاحبه ولا أحد له شأن فيما يفعل بمراكبه. وأضاف أن سائقي المراكب يأخذون راتبا ثابتا 800 جنيه، إضافة إلى نسبة محددة على كل رحلة، مشيرًا إلى أن هناك مواطنين يستخدمون المراكب بشكل جيد من أجل التنزه، وآخرين يستخدمونها من أجل أشياء أخرى خارجة. من جانبه، يقول أحمد جمال، أحد سائقي المراكب، إن شرطة السياحة والمسطحات المائية تأتي كل أسبوع تقريبًا لكي تتأكد من تراخيص المرسى، لكن هناك العديد من أصحاب المراسي الذين يعطوهم الأموال مقابل عدم السؤال عن التراخيص، لافتًا إلى أن المراكب النيلية تعاني من إهمال كبير وعدم التأمين على العاملين بها. واستطرد: «نعمل بالمركب، وعلى يقين كامل بأن هناك تجاوزات أخلاقية تحدث، مشيرًا إلى أن هناك شباب يأتون من أجل إيجار فتاة ترقص لهم، وآخرون يأتون للاحتفال بأعياد الميلاد، وآخرون للاحتفال بحفل خطوبة وغيرها من الحفلات، فكل واحد على حسب متطلباته – على حد قوله. على الجانب الآخر، يقول الرائد محمد عبد ربه، المتحدث باسم الإدارة العامة لشرطة المسطحات المائية، إن وظيفة المسطحات المائية، الرقابة على المراكب النيلية من حيث مدى التزامها بما تحدده الهيئة العامة للنقل النهرى من شروط السلامة، وتوافر عناصر الأمان للراكب. وأوضح "عبد ربه" أن هناك تفتيشا دوريا كل أسبوع أو مرتين في الأسبوع على المراكب العامة والسياحية، ودائمًا ما يتم اكتشاف مراكب غير مرخصة، ويتم التعامل معها على الفور بالتنسيق مع الشرطة. ولفت المتحدث باسم الإدارة العامة لشرطة المسطحات المائية، إلى أن الفساد الذي يحدث من الشباب "المنفلت أخلاقيا" داخل المراكب أمر لا يجوز التحكم فيه؛ لأنها سلوكيات تنبع من الأشخاص وليس لها علاقة بتخصصات العمل – على حد تعبيره. «مراكب رجال الأعمال».. انفلات أمني ولّد انعدام أخلاق أما عن المراكب النيلية الكبيرة التي يمتلك بعضها رجال الأعمال، والتي تنتشر على ضفاف النيل، لم تختلف كثيرًا عن المراكب النزهة العادية من ممارسة أعمال البلطجة والسلوكيات غير الأخلاقية بداخلها. فمنذ عدة أيام نشرت وسائل الإعلام خبر يفيد بغلق إحدى المراكب النيلية بالزمالك؛ بسبب الاشتباه فى تحولها إلى مكان للدعارة، وأن النيابة تجرى التحقيقات اللازمة حول ذلك. وعن ذلك يقول مدحت الرزيقي، الخبير السياحي، إن ظاهرة الانعدام الأخلاقي التي تظهر في المراكب النيلية الكبيرة أو الصغيرة، أمر يرجع إلى الانفلات الأمني الذي أصاب مصر بعد الثورة بشكل عمومي، لافتًا إلى أن شرطة السياحة أصبح دورها معدوم في التفتيش والرقابة على المراكب. وأضاف "الرزيقي" أن هناك العديد من رجال الأعمال الذين يستخدمون تلك المراكب في أعمال منافية لكل القيم والمعايير الأخلاقية، مؤكدا أن الحل يكمن فى عمل رقابة حقيقية عليها. وأشار الخبير السياحي إلى أن الاهتمام بقطاع السياحة النيلية، سوف يخلق لمصر فرصا عديدة، وسوف يساعد في تحسين صور مصر على المستوى الداخلي والخارجي، لافتًا إلى أن ذلك لن يحدث فقط بعودة الانفلات الأمني، لكنه أمر يحتاج إلى تنسيق بين وزارة السياحة وقطاع هيئة النقل النهري وغيرها من القطاعات؛ من أجل تقديم سياحة نيلية تليق بقدر السائح وبقدر المواطن المصري الذي يريد أن يتنزه بشكل جيد. "الأتوبيس النهري»..إهمال وفساد «الأتوبيس النهري» الذي يستخدم كوسيلة مواصلات ووسيلة تنزه، لم ينجو من الإهمال المتلاحق بهيئة النقل النهري، وعلى الرغم من تعدد المراسي المتواجدة له، إلا أن الذي يعمل في الوقت الحالي، مرسى جامعة القاهرة، والآخر المتواجد بماسبيرو. وعلى الرغم من أن الأتوبيس النهري له أهمية كبرى، إلا أن الفساد لحق به، فالمقاعد الذي يجلس عليها المواطن تكاد تكون مدمرة فعليًا، إضافة إلى أن السائق أحيانًا يحمل الأتوبيس بقدر يزيد عن طاقته، دون أن يكون هناك احتياطات تأمين داخل الأتوبيسات النهرية. وعن أحوال العاملين بها، فلم تختلف كثيرا عن حال الأتوبيس من القدم والإهمال، فجميعهم رجال تظهر عليهم ملامح مصرية بعيون دامعة، راتبهم لا تتجاوز 750 جنيهًا في مقابل العمل 8 ساعات. يقول "أ. مجدي" سائق أتوبيس نهري، إن الأتوبيس لا يستخدمه الكثيرون في الوقت الحالي كوسيلة مواصلات؛ لأنه بطىء للغاية، فالجميع في الوقت الحالي يستخدمه كوسيلة للترفية من أجل المتعة، لافتًا إلى أن هناك العديد من الطلاب الذين يهربون من مدارسهم ويأتوا للتنزه مقابل جنيه واحد حق الرحلة، ويكون أحيانًا معهم فتيات للرقص أو غير من السلوكيات غير الأخلاقية. وأكد "مجدي" أن الأتوبيس النهري يحتاج إلى إصلاحات كاملة بداية من إصلاح الأتوبيس نفسه الذي لا يتحمل سوى رحلة نيلية واحدة، بجانب توافر رقابة من عناصر الشرطة بشكل كامل لما يحث، موضحا أن الأتوبيسات بحاجة للتطوير، وإضافة مراكب جديدة وسريعة وصديقة للبيئة دون أدخنة وأصوات مزعجة للماتور. «النقل»: بدأنا فى تطوير المراسى النيلية والأتوبيسات النهرية ومن ناحيه أخرى، يقول الدكتور هشام عطية، رئيس هيئة النقل العام، إن هناك خطة عمل بدأت بالفعل لتطوير المراسي والأتوبيسات النهرية، لافتًا إلى أن التطوير بدأ بعمل مراسي فى منطقة أول ركن فاروق فى حلوان حتى القناطر الخيرية، تحت إشراف هيئة النقل العام، وفي الوقت الحالي تخضع الهيئة لتشكيل ضوابط العمل، وستحصل على نسبة من الأرباح. من جانبه، أوضح المهندس طلعت عبد الوهاب، مسئول بقطاع النقل النهري، أن المراكب النيلية تصنف داخل القطاع على اعتبارها لتنزه فقط، مشيرا إلى أن الهيئة تكشف بشكل مستمر عن العديد من المخلفات. وتابع أن مخالفات المراكب تنقسم إلى نوعين، الأول يعتبر بسيطا ويتعلق بأمور مثل صدور ضوضاء نتيجة تشغيل الأغانى، وهذه المخالفات عددها كبير جدا، والنوع الثانى يتعلق بعدم الالتزام بشروط السلامة، وهو ما يستدعى صدور قرار بإيقاف تشغيل المركب، وقد صدر قرار بإيقاف 270 مركبا بعد الثورة، مؤكدا أنه في حالة ضبط أي حالة من الانفلات الأخلاقي داخل المراكب، يتم مصادرة ومعاقبة صاحبها على الفور، ويسجن لمدة عام ويدفع غرامة وفقًا للقانون من 100 جنيه وحتى 300. واختتم: إذا اتضح أثناء حملات التفتيش المشتركة بين الهيئة العامة للنقل النهرى وشرطة البيئة والمسطحات، استعانة المراكب بعاملين دون الموافقة عليهم من الهيئة، تقوم الأخيرة بالتعاون مع الإدارة العامة لشرطة المسطحات المائية بالتحفظ على المركب، وإيقاف العاملين به عن العمل، وتحويل صاحبه إلى النيابة لمخالفته شروط السلامة والترخيص.