تنسيق الجامعات.. اكتشف برنامج فن الموسيقى (Music Art) بكلية التربية الموسيقية بالزمالك    علوم جنوب الوادي تنظم ندوة عن مكافحة الفساد    أسعار الذهب اليوم الإثنين تسجل أرقامًا قياسية جديدة: ارتفاع تاريخي    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    ضعف المياه عن مركز ومدينة بنى سويف لمدة 4 ساعات غدا وبعد غد    محافظ الدقهلية يفاجئ سيارات أنابيب البوتاجاز فى دكرنس للتأكد من الوزن.. صور    إجراءات الحكومة بشأن الكهرباء لمواجهة فصل الصيف بدون تخفيف أحمال    إسرائيل تضرب مقر الحرس الثوري الإيراني في طهران    ضربة الأعماق.. إيران تشعل جبهة النار في إسرائيل    الرئيس الإيرانى: الوحدة الداخلية مهمة ولن نتخلى عن برنامجنا النووى السلمى    صاروخ إيراني يسقط قرب السفارة الأمريكية في تل أبيب    جدول مباريات اليوم الإثنين 16 يونيو 2025: مواجهات نارية في كأس العالم للأندية    تريزيجيه يفاجئ مدرب الأهلي بطلب عاجل    حملات مرورية لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة    وزارة التعليم: ليس ضروريا حصول الطالب على نفس رقم نموذج الأسئلة بالثانوية    الأرصاد: تحسن نسبى فى حالة الطقس وانخفاض طفيف بالحرارة حتى الأربعاء    وفاة سائق في انقلاب سيارة على طريق أخميم الصحراوي بسوهاج    الحرس الثورى الإيرانى: مقتل اثنين فى هجوم إسرائيلى على محافظة زنجان    استكمالا لسلسلة في الوقاية حماية.. طب قصر العيني تواصل ترسيخ ثقافة الوعي بين طلابها    تفاصيل زيارة رئيس المكتب الثقافي الكويتي لجامعة القاهرة (صور)    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجهين البحري والقبلي    الأخضر يعيد ل سعود عبد الحميد بريقه من جديد    لهذا السبب.. لطيفة تتصدر تريند "جوجل"    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    تضرر شبكة الكهرباء فى وسط إسرائيل بسبب الضربات الإيرانية    تفاصيل مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    اليوم.. نظر محاكمة 11 متهما بخلية التهريب    بعد عمله اليومى.. محافظ قنا يتجول بدراجة فى شوارع المحافظة    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 16-6-2025.. هبوط كبير تجاوز 900 جنيه    "معتصم النهار يخوض أولى تجاربه السينمائية في مصر ب«حين يكتب الحب».. قصة رومانسية وإنتاج ضخم"    ميدو يتحدث عن أمنيته ل الأهلي في كأس العالم.. ويوجه رسالة بشأن زيزو (فيديو)    مدرب بالميراس: مباراة بورتو ستساعدنا على التحضير لمواجهة الأهلي    أحمد السقا يرد على تهنئة نجله بعيد الأب.. ماذا قال؟    ارتفاع قتلى الهجوم الإيراني على إسرائيل إلى 16 قتيلا    مراجعة اللغة الفرنسية الصف الثالث الثانوي 2025 الجزء الثاني «PDF»    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    فيديو.. الأمن الإيراني يطارد شاحنة تابعة للموساد    نجوى كرم تطلق ألبوم «حالة طوارئ» وسط تفاعل واسع وجمهور مترقب    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    نشرة أخبار الأهلي في أمريكا: صدمة تريزيجيه.. وغضب الخطيب وأزمة بن شرقي    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    لا تسمح لطرف خارجي بالتأثير عليك سلبًا.. توقعات برج الجدي اليوم 16 يونيو    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور.. "الأتوبيس النهري" من مشروع سياحي إلى "علب صفيح"
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 19 - 03 - 2014

شريان الحياة في مصر.. على ضفافه تحلو المسامرات واستعادة الذكريات الجميلة.. هو نهر النيل متعة البسطاء والأغنياء والذي تم استخدامه كوسيلة مواصلات لها طابع خاص بعيدًا عن الزحام المروري في الشوارع المزدحمة بالسيارات والمارة.
وتعد مدينة القاهرة من أكثر العواصم ازدحامًا في العالم.. والأولى عربيًا وفي منطقة إفريقيا والشرق الأوسط الأمر الذي يجعل التنقل بين أطرافها المترامية على ضفتي النهر بمثابة مغامرة متعبة، وبسبب الازدحام والاختناق المروري اليومي بالقاهرة، كان لزامًا على المسؤولين إيجاد وسائل أخرى غير تقليدية لتخفيف الزحام عن الشوارع، حتى جاء الأتوبيس النهري في ستينيات العام الماضي.
نجاح الانطلاقة
وشهد الأتوبيس النهري ازدهارا ونجاحا منذ انطلاقته في الستينيات وكانت الأتوبيسات تجوب كل مسارات النهر بين المحطات المنتشرة على ضفافه والتي تربط بين مختلف المراكز الهامة في مناطق القاهرة الكبرى، و يستقل هذه المراكب مختلف شرائح المجتمع، وكان الأتوبيس النهري تابعًا لمحافظة القاهرة.
وكانت الشركات السياحية تضع الأتوبيس النهري دائما ضمن برامجها السياحية وكانت محطاته ضمن الدليل السياحي الذي يحتفظ به كل سائح أجنبي عند زيارته للقاهرة.
وبدأت المأساة في عام 1966، حينما تم نقل تبعية الأتوبيس النهري من محافظة القاهرة إلي هيئة النقل العام.. فأصبحت خطوطه متهالكة بسبب الإهمال وغياب التطوير للمراكب والمحطات والمراسي، وتحول من مشروع سياحي إلي وسيلة مواصلات لا يفضلها كثيرين من الركاب.
اتجهت "بوابة أخبار اليوم" إلى إحدى محطات الأتوبيس النهري، وكانت ماسبيرو هي محطة الانطلاق، حتى محطة جامعة القاهرة، حيث رصدت عدستها الحالة المتدنية التي وصل إليها الأتوبيس النهري علي أرض الواقع بعد أن كان رمز من رموز السياحة في مصر.
علب صفيح
وفور دخولنا الأتوبيس وجدناه مكاًنًا مهجورا، عبارة عن "علب صفيح" طالها الصدأ، حيث استقبلنا عمال الهيئة بلهفة وفرحة، وأرشدونا إلى مكان الدخول، ووجدنا ركاب بداخله لا يزيد عددهم عن 15 شخصًا، معظمهم عشاق استخدموه للتنزه والهروب بعيدًا عن أنظار الناس، ووجدنا القمامة تملأ الأتوبيس تحت الكراسي وفي الطرقات، ووجدنا الكراسي متهالكة ومقطعة، والزجاج غير نظيف لدرجة أنك لا تستطيع رؤية الأشياء وراءه، كما أن السقف المعلق المصنوع من القماش والذي يغطي خلفية الأتوبيس خارج المقاعد ممزق، وأضواء الإنارة قديمة ومليئة بالأتربة المتراكمة عليها.
انتظر السائق 15 دقيقة، في محاولة منه لجذب أعداد أكبر من الركاب، ولكن دون جدوى، وفي هذا الوقت حصل الكمسري على الأجرة التي تقدر بجنيه واحد لكل راكب.
وحين بدأ السائق في التحرك، بدأ الصداع والاختناق.. حيث وجدنا صوت المحرك مرتفعًا والدخان الخانق الذي يخرج من المحرك يحيطنا من كل مكان، واستغرقت الرحلة مدة 20 دقيقة تقريبًا.
وأثناء الرحلة، قال محمد حسن – طالب 19 سنة – "استخدم الأتوبيس النهري للذهاب إلى جامعة القاهرة حيث إنني اسكن بالقرب من الكورنيش.. ولكن عندما أكون متأخرا عن موعد المحاضرات استقل المترو".
أما أحمد سيد – عامل 29 سنة – قال "اركب الأتوبيس النهري مع خطيبتي للشعور بالهدوء بعيدًا عن الضوضاء والزحمة بالشوارع، حيث اركبه فقط للتنزه.. فهو رخيص ومريح و ممتع.. وممكن اركبه رايح جاي خمس مرات ورا بعض وكأنني اجلس في مكان سياحي".
وأضاف عبد الرحمن محمود – موظف 33 سنة – "تعودت على الذهاب إلى عملي يوميًا بواسطة باصات النقل العام ولكن الازدحام المتزايد في الطرق يضطرني في أكثر من مرة لاستخدام الأتوبيس النهري لتقريب المسافة واختصار الزمن".
وروى لنا سائق الأتوبيس مهمته الشاقة والمتعبة – على حد وصفه – في هيئة النقل العام وبالتحديد في الأتوبيس النهري قائلا: "أعمل في هيئة النقل العام منذ 24 سنة وسأحال للمعاش بعد سنوات قليلة، وخلال هذه الفترة الطويلة من العمل كسائق لهذا المركب عشت معظم المراحل التي مر بها مشروع الأتوبيس النهري الذي عاش فترات جيدة وأخرى سيئة".
حالة متدنية
وأوضح السائق، الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب حصول زميله على جزاء ب15 يومًا لإدلائه بحديث في الصحافة، "الآن أصبحت حالة الأتوبيس النهري متدنية جدًا وخاصة بعد الثورة وأصبحنا نعاني من عدة مشاكل لأن المراكب اُستهلكت وصارت قديمة وتعددت أعطالها، وهذه المراكب يجب استبدالها بأخرى جديدة وحديثة أكبر سرعة وأكثر كفاءة بحيث تلبي رغبة الركاب وتحافظ على البيئة".
وعن وسائل الأمان، قال إن "نسب احتمالات وقوع حادثة أصبحت مرتفعة بسبب تهالك الأتوبيسات وضعف بنيتها وصدأها، لذلك فحياة الركاب في خطر محتمل في أي لحظة".
وقال أحد أعضاء هيئة النقل العام، رافضًا ذكر اسمه، إن "كل رئيس هيئة جديد يعد بأن هناك خطة تطوير ويعدد في نواحي التطوير ولا يفعل أي شيء بعد ذلك فبمجرد أن يأخذ ميزانية التطوير ينسى جميع متطلبات الهيئة ويصرف على مشروعات أخرى بخلاف الأتوبيس النهري".
ودعا إلي تحقيق تطوير فعلي وإعادة هيكلة الأتوبيسات حتى يحافظ بها علي حياة الركاب وبالفعل سيجد الجماهير تأتيه من كل جانب وسيحل أزمة التكدس المروري في شوارع القاهرة وجميع محافظاتها.
خطوط جديدة
من جانبه، قال رئيس قطاع شمال القاهرة بهيئة النقل العام المهندس سيد عبد الفتاح إن الهيئة تولي اهتمامًا بالأتوبيس النهري خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أنه سيتم فتح خطوط نهرية جديدة لتطوير الأتوبيس النهري، وتطوير الوحدات النهرية في الأشهر القليلة المقبلة.
وأضاف، أنه عقب ثورة 25 يناير تم سرقة المراسي في فترة الانفلات الأمني، ونحن بصدد إعادة بناءها وإصلاح الوحدات خلال الشهور المقبلة لإنعاش الأتوبيس النهري، حيث إنه يساهم بشكل كبير في تخفيف زحام السيارات عن شوارع القاهرة كوسيلة مواصلات ويربط ضفتي النهر ببعضهما، بالإضافة إلى طابعه السياحي.
وأشار، إلى أن الهيئة تدرس حاليًا تعديل خطة المرتبات والحوافز للعاملين بالأتوبيس النهري، بالتنسيق مع محافظة القاهرة، لتقنين أوضاع العاملين لمواكبة الغلاء في الأسعار وتحسين معيشتهم.
دعم النقل النهري
وأكد وزير النقل د. إبراهيم الدميري، أن الهيئة العامة للنقل النهري تعمل حاليًا في أكثر من اتجاه لدعم صناعة النقل النهري في مصر وتحسين أداء العاملين فيها، وإننا نعتبر التعليم والتأهيل والتدريب والبحث العلمي هو حجر الأساس لتطور صناعة النقل النهري.
وأضاف، أن هيئة النقل النهري تعمل على عدة محاور أهمها "محور البنية التشريعية، ومحور البنية الأساسية، ومحور البنية التحتية، ومحور البنية التدريبية، ومحور المشروعات المستقبلية، ونظام الشباك الواحد"، مؤكداً على احتياج قطاع النقل النهري إلى العديد من الدراسات المتخصصة التي تؤدي بدورها إلى رفع كفاءة القطاع على عدة مراحل من خلال خطط عمل قصيرة الأجل مثل توفيق أوضاع الموانئ النهرية الحالية وتشجيع القطاع الخاص على تشغيل الموانئ النهرية المتوقفة عن العمل، وخطط عمل طويلة الأجل وتشمل تطوير المجرى الملاحي والأسطول النهري والعمالة النهرية والبنية التحتية.
أولى خطوات التطوير
وفي أولى خطوات تطوير هذا القطاع، شهد الدميري التوقيع على مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للنقل النهري والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، والمتعلقة بتفعيل دور النقل النهري والسعي للوصول إلى نسبة مساهمة تصل إلى 10% من حجم النقل داخل مصر خلال الخمس سنوات القادمة، كما تم وضع خطة لتطوير المعهد الإقليمي للنقل النهري ليصبح صرحًا علميًّا قادرًا على تحسين وتطوير خدمة النقل النهري.
وأكد محافظ القاهرة د. جلال مصطفي سعيد، أن هناك مشروعًا يجري دراسته حالياً بوحدة الشراكة مع القطاع الخاص بوزارة المالية لإمكانية طرحه على القطاع الخاص، يتضمن زيادة عدد الوحدات النهرية، واستبدال الموجود حالياً بوحدات سريعة وصديقة للبيئة مع العمل على زيادة المسافة المغطاة لتصل من القليوبية إلى جنوب حلوان والجيزة، وتشجيعاً للمستثمرين يتضمن المشروع زيادة عدد المراسي إلى 30 مرسى، ويمكن استغلالها سياحياً بشكل لائق بما يعود بالنفع على المواطن والعاصمة.
شريان الحياة في مصر.. على ضفافه تحلو المسامرات واستعادة الذكريات الجميلة.. هو نهر النيل متعة البسطاء والأغنياء والذي تم استخدامه كوسيلة مواصلات لها طابع خاص بعيدًا عن الزحام المروري في الشوارع المزدحمة بالسيارات والمارة.
وتعد مدينة القاهرة من أكثر العواصم ازدحامًا في العالم.. والأولى عربيًا وفي منطقة إفريقيا والشرق الأوسط الأمر الذي يجعل التنقل بين أطرافها المترامية على ضفتي النهر بمثابة مغامرة متعبة، وبسبب الازدحام والاختناق المروري اليومي بالقاهرة، كان لزامًا على المسؤولين إيجاد وسائل أخرى غير تقليدية لتخفيف الزحام عن الشوارع، حتى جاء الأتوبيس النهري في ستينيات العام الماضي.
نجاح الانطلاقة
وشهد الأتوبيس النهري ازدهارا ونجاحا منذ انطلاقته في الستينيات وكانت الأتوبيسات تجوب كل مسارات النهر بين المحطات المنتشرة على ضفافه والتي تربط بين مختلف المراكز الهامة في مناطق القاهرة الكبرى، و يستقل هذه المراكب مختلف شرائح المجتمع، وكان الأتوبيس النهري تابعًا لمحافظة القاهرة.
وكانت الشركات السياحية تضع الأتوبيس النهري دائما ضمن برامجها السياحية وكانت محطاته ضمن الدليل السياحي الذي يحتفظ به كل سائح أجنبي عند زيارته للقاهرة.
وبدأت المأساة في عام 1966، حينما تم نقل تبعية الأتوبيس النهري من محافظة القاهرة إلي هيئة النقل العام.. فأصبحت خطوطه متهالكة بسبب الإهمال وغياب التطوير للمراكب والمحطات والمراسي، وتحول من مشروع سياحي إلي وسيلة مواصلات لا يفضلها كثيرين من الركاب.
اتجهت "بوابة أخبار اليوم" إلى إحدى محطات الأتوبيس النهري، وكانت ماسبيرو هي محطة الانطلاق، حتى محطة جامعة القاهرة، حيث رصدت عدستها الحالة المتدنية التي وصل إليها الأتوبيس النهري علي أرض الواقع بعد أن كان رمز من رموز السياحة في مصر.
علب صفيح
وفور دخولنا الأتوبيس وجدناه مكاًنًا مهجورا، عبارة عن "علب صفيح" طالها الصدأ، حيث استقبلنا عمال الهيئة بلهفة وفرحة، وأرشدونا إلى مكان الدخول، ووجدنا ركاب بداخله لا يزيد عددهم عن 15 شخصًا، معظمهم عشاق استخدموه للتنزه والهروب بعيدًا عن أنظار الناس، ووجدنا القمامة تملأ الأتوبيس تحت الكراسي وفي الطرقات، ووجدنا الكراسي متهالكة ومقطعة، والزجاج غير نظيف لدرجة أنك لا تستطيع رؤية الأشياء وراءه، كما أن السقف المعلق المصنوع من القماش والذي يغطي خلفية الأتوبيس خارج المقاعد ممزق، وأضواء الإنارة قديمة ومليئة بالأتربة المتراكمة عليها.
انتظر السائق 15 دقيقة، في محاولة منه لجذب أعداد أكبر من الركاب، ولكن دون جدوى، وفي هذا الوقت حصل الكمسري على الأجرة التي تقدر بجنيه واحد لكل راكب.
وحين بدأ السائق في التحرك، بدأ الصداع والاختناق.. حيث وجدنا صوت المحرك مرتفعًا والدخان الخانق الذي يخرج من المحرك يحيطنا من كل مكان، واستغرقت الرحلة مدة 20 دقيقة تقريبًا.
وأثناء الرحلة، قال محمد حسن – طالب 19 سنة – "استخدم الأتوبيس النهري للذهاب إلى جامعة القاهرة حيث إنني اسكن بالقرب من الكورنيش.. ولكن عندما أكون متأخرا عن موعد المحاضرات استقل المترو".
أما أحمد سيد – عامل 29 سنة – قال "اركب الأتوبيس النهري مع خطيبتي للشعور بالهدوء بعيدًا عن الضوضاء والزحمة بالشوارع، حيث اركبه فقط للتنزه.. فهو رخيص ومريح و ممتع.. وممكن اركبه رايح جاي خمس مرات ورا بعض وكأنني اجلس في مكان سياحي".
وأضاف عبد الرحمن محمود – موظف 33 سنة – "تعودت على الذهاب إلى عملي يوميًا بواسطة باصات النقل العام ولكن الازدحام المتزايد في الطرق يضطرني في أكثر من مرة لاستخدام الأتوبيس النهري لتقريب المسافة واختصار الزمن".
وروى لنا سائق الأتوبيس مهمته الشاقة والمتعبة – على حد وصفه – في هيئة النقل العام وبالتحديد في الأتوبيس النهري قائلا: "أعمل في هيئة النقل العام منذ 24 سنة وسأحال للمعاش بعد سنوات قليلة، وخلال هذه الفترة الطويلة من العمل كسائق لهذا المركب عشت معظم المراحل التي مر بها مشروع الأتوبيس النهري الذي عاش فترات جيدة وأخرى سيئة".
حالة متدنية
وأوضح السائق، الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب حصول زميله على جزاء ب15 يومًا لإدلائه بحديث في الصحافة، "الآن أصبحت حالة الأتوبيس النهري متدنية جدًا وخاصة بعد الثورة وأصبحنا نعاني من عدة مشاكل لأن المراكب اُستهلكت وصارت قديمة وتعددت أعطالها، وهذه المراكب يجب استبدالها بأخرى جديدة وحديثة أكبر سرعة وأكثر كفاءة بحيث تلبي رغبة الركاب وتحافظ على البيئة".
وعن وسائل الأمان، قال إن "نسب احتمالات وقوع حادثة أصبحت مرتفعة بسبب تهالك الأتوبيسات وضعف بنيتها وصدأها، لذلك فحياة الركاب في خطر محتمل في أي لحظة".
وقال أحد أعضاء هيئة النقل العام، رافضًا ذكر اسمه، إن "كل رئيس هيئة جديد يعد بأن هناك خطة تطوير ويعدد في نواحي التطوير ولا يفعل أي شيء بعد ذلك فبمجرد أن يأخذ ميزانية التطوير ينسى جميع متطلبات الهيئة ويصرف على مشروعات أخرى بخلاف الأتوبيس النهري".
ودعا إلي تحقيق تطوير فعلي وإعادة هيكلة الأتوبيسات حتى يحافظ بها علي حياة الركاب وبالفعل سيجد الجماهير تأتيه من كل جانب وسيحل أزمة التكدس المروري في شوارع القاهرة وجميع محافظاتها.
خطوط جديدة
من جانبه، قال رئيس قطاع شمال القاهرة بهيئة النقل العام المهندس سيد عبد الفتاح إن الهيئة تولي اهتمامًا بالأتوبيس النهري خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أنه سيتم فتح خطوط نهرية جديدة لتطوير الأتوبيس النهري، وتطوير الوحدات النهرية في الأشهر القليلة المقبلة.
وأضاف، أنه عقب ثورة 25 يناير تم سرقة المراسي في فترة الانفلات الأمني، ونحن بصدد إعادة بناءها وإصلاح الوحدات خلال الشهور المقبلة لإنعاش الأتوبيس النهري، حيث إنه يساهم بشكل كبير في تخفيف زحام السيارات عن شوارع القاهرة كوسيلة مواصلات ويربط ضفتي النهر ببعضهما، بالإضافة إلى طابعه السياحي.
وأشار، إلى أن الهيئة تدرس حاليًا تعديل خطة المرتبات والحوافز للعاملين بالأتوبيس النهري، بالتنسيق مع محافظة القاهرة، لتقنين أوضاع العاملين لمواكبة الغلاء في الأسعار وتحسين معيشتهم.
دعم النقل النهري
وأكد وزير النقل د. إبراهيم الدميري، أن الهيئة العامة للنقل النهري تعمل حاليًا في أكثر من اتجاه لدعم صناعة النقل النهري في مصر وتحسين أداء العاملين فيها، وإننا نعتبر التعليم والتأهيل والتدريب والبحث العلمي هو حجر الأساس لتطور صناعة النقل النهري.
وأضاف، أن هيئة النقل النهري تعمل على عدة محاور أهمها "محور البنية التشريعية، ومحور البنية الأساسية، ومحور البنية التحتية، ومحور البنية التدريبية، ومحور المشروعات المستقبلية، ونظام الشباك الواحد"، مؤكداً على احتياج قطاع النقل النهري إلى العديد من الدراسات المتخصصة التي تؤدي بدورها إلى رفع كفاءة القطاع على عدة مراحل من خلال خطط عمل قصيرة الأجل مثل توفيق أوضاع الموانئ النهرية الحالية وتشجيع القطاع الخاص على تشغيل الموانئ النهرية المتوقفة عن العمل، وخطط عمل طويلة الأجل وتشمل تطوير المجرى الملاحي والأسطول النهري والعمالة النهرية والبنية التحتية.
أولى خطوات التطوير
وفي أولى خطوات تطوير هذا القطاع، شهد الدميري التوقيع على مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للنقل النهري والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، والمتعلقة بتفعيل دور النقل النهري والسعي للوصول إلى نسبة مساهمة تصل إلى 10% من حجم النقل داخل مصر خلال الخمس سنوات القادمة، كما تم وضع خطة لتطوير المعهد الإقليمي للنقل النهري ليصبح صرحًا علميًّا قادرًا على تحسين وتطوير خدمة النقل النهري.
وأكد محافظ القاهرة د. جلال مصطفي سعيد، أن هناك مشروعًا يجري دراسته حالياً بوحدة الشراكة مع القطاع الخاص بوزارة المالية لإمكانية طرحه على القطاع الخاص، يتضمن زيادة عدد الوحدات النهرية، واستبدال الموجود حالياً بوحدات سريعة وصديقة للبيئة مع العمل على زيادة المسافة المغطاة لتصل من القليوبية إلى جنوب حلوان والجيزة، وتشجيعاً للمستثمرين يتضمن المشروع زيادة عدد المراسي إلى 30 مرسى، ويمكن استغلالها سياحياً بشكل لائق بما يعود بالنفع على المواطن والعاصمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.