عام 2025 يحمل أعلى استثمارات صينية في قناة السويس.. رئيس الهيئة يكشف التفاصيل    الري عن تنفيذ 327 إزالة لمخالفات على فرع رشيد: موجودة في أراضي طرح النهر ومعظمها مبان سكنية    كييف: أمريكا وأوكرانيا تتفقان على أهم النقاط في خطة السلام التي طرحتها واشنطن    الهلال الأحمر الإماراتي يطلق حملة مساعدات شتوية لدعم 1.8 مليون شخص في 24 دولة    رسميا.. عودة داري وأحمد رضا في قائمة الأهلي لمواجهة الجيش الملكي    محامي ضحايا مدرسة سيدز: المسألة ليست مجرد هوس فردي.. هناك من يديره ويستفيد منه    ضبط 24 طن بنزين وسولار مدعم داخل محطة وقود بالإسكندرية    وزيرة البيئة ومحافظ الفيوم يفتتحان الدورة الثانية من مهرجان الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة    تشيلسي يدخل المواجهة بقوة.. تشكيل ناري بقيادة إستيفاو وإنزو لإسقاط برشلونة    "الوطنية للانتخابات": تلقينا 221 شكوى على مدار يومي التصويت بانتخابات النواب 2025    غدا.. غلق المخرج أسفل كوبرى سيدى جابر بالإسكندرية للقادم من شارع المشير    مراسل إكسترا نيوز: ما رأيناه باللجان عكس حرص المواطنين على الإدلاء بأصواتهم    الصحة: ضعف المناعة أمام الفيروسات الموسمية وراء زيادة حدة الأعراض    تطوير 5 عيادات صحية ومركز كُلى وتفعيل نظام "النداء الآلي" بعيادة الهرم في الجيزة    رماد بركان إثيوبيا يشل حركة الطيران في الهند ويتمدّد نحو الصين    محافظ الإسماعيلية يتفقد المقار الانتخابية بمدرستيِّ الشهيد جواد حسني الابتدائية وفاطمة الزهراء الإعدادية    الكرة النسائية.. منتخب الشابات بالأبيض وتونس بالأحمر في بطولة شمال أفريقيا    انتخابات مجلس النواب.. إقبال كثيف على لجان الغربية    محافظ الدقهلية يتفقد جاهزية اللجنة العامة للانتخابات في السنبلاوين    إدريسا جايي: أعتذر عن صفعي زميلي في إيفرتون    انعقاد جولة مشاورات سياسية بين مصر واليونان    فى حضور 2000 من الجمهور بلندن.. ليلة استثنائية لأعمال عبد الوهاب بصوت فاطمة سعيد    أعمال محمد عبد الوهاب بقيادة علاء عبد السلام فى أوبرا الإسكندرية    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    ما حكم عمل عَضَّامة فى التربة ونقل رفات الموتى إليها؟ أمين الفتوى يجيب    «النقل» تكشف حقيقة نزع ملكيات لتنفيذ مشروع امتداد الخط الأول لمترو الأنفاق    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    استمرار حبس رمضان صبحي حتى 30 ديسمبر للنطق بالحكم    يلا شوت بث مباشر.. الهلال × الشرطة العراقي على تويتر بث مباشر مجانًا دون تشفير أو اشتراك | دوري أبطال آسيا 2025-2026    محامية فضل شاكر ل اليوم السابع: حالة المطرب الصحية جيدة ومعنوياته مرتفعة    الصفدي: الاحتلال سجل 500 خرق لاتفاق وقف النار في غزة.. ولن ننشر قوات بالقطاع    بعد انتهاء ساعة الراحة.. استئناف التصويت بمدينة 15 مايو فى انتخابات النواب    منتخب الكويت يهزم موريتانيا ويتأهل لمجموعة مصر في كأس العرب 2025    تامر هجرس يكشف تفاصيل دوره في فيلم "عائلة دياب ع الباب" مع محمد سعد    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    منح جائزة صلاح القصب للتونسى فاضل الجعايبى فى أيام قرطاج المسرحية    وكيل توفيق محمد يفجر مفاجأة بشأن انتقاله للأهلي في يناير    تأجيل محاكمة الصغير المتهم بإنهاء حياة صديقه بالمنشار في الإسماعيلية    الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق دبلومة صحافة الذكاء الاصطناعي    ملحمة انتخابية علي الحدود الشرقية .. شيوخ وقبائل سيناء يقودون الناخبين لصناديق الاقتراع | صور    ضبط 4 أشخاص يستقطبون الرجال عبر تطبيق هاتفي لممارسة الأعمال المنافية للآداب بالإسكندرية    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    الداخلية تكشف تفاصيل تعطيل شخص حركة المرور    مكتب الإعلام الحكومي يوثق بالأرقام: مؤسسة غزة تورطت في استدراج المُجوّعين إلى مصائد موت    الوفد الثالث من الملحقين الدبلوماسيين يزور ستديوهات ماسبيرو    وزير التعليم: أتوجه بالشكر للرئيس السيسى تقديرا على اهتمامه البالغ بالتعليم    الصين: أجواء المكالمة الهاتفية بين شي وترامب كانت "إيجابية وودية وبناءة"    وزير الصحة: مصر وتركيا شريكان استراتيجيان في بناء أمن صحي إقليمي قائم على التصنيع والتكامل    بعثة الزمالك تتوجه لجنوب أفريقيا مساء اليوم استعدادًا لمواجهة كايزر تشيفز    بث مباشر| مؤتمر صحفي ل«الوطنية للانتخابات» لمتابعة انتخابات النواب 2025    الافتاء توضح حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    توافد المواطنين على لجان انتخابات النواب فى مدينة نصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور.. "الأتوبيس النهري" من مشروع سياحي إلى "علب صفيح"
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 19 - 03 - 2014

شريان الحياة في مصر.. على ضفافه تحلو المسامرات واستعادة الذكريات الجميلة.. هو نهر النيل متعة البسطاء والأغنياء والذي تم استخدامه كوسيلة مواصلات لها طابع خاص بعيدًا عن الزحام المروري في الشوارع المزدحمة بالسيارات والمارة.
وتعد مدينة القاهرة من أكثر العواصم ازدحامًا في العالم.. والأولى عربيًا وفي منطقة إفريقيا والشرق الأوسط الأمر الذي يجعل التنقل بين أطرافها المترامية على ضفتي النهر بمثابة مغامرة متعبة، وبسبب الازدحام والاختناق المروري اليومي بالقاهرة، كان لزامًا على المسؤولين إيجاد وسائل أخرى غير تقليدية لتخفيف الزحام عن الشوارع، حتى جاء الأتوبيس النهري في ستينيات العام الماضي.
نجاح الانطلاقة
وشهد الأتوبيس النهري ازدهارا ونجاحا منذ انطلاقته في الستينيات وكانت الأتوبيسات تجوب كل مسارات النهر بين المحطات المنتشرة على ضفافه والتي تربط بين مختلف المراكز الهامة في مناطق القاهرة الكبرى، و يستقل هذه المراكب مختلف شرائح المجتمع، وكان الأتوبيس النهري تابعًا لمحافظة القاهرة.
وكانت الشركات السياحية تضع الأتوبيس النهري دائما ضمن برامجها السياحية وكانت محطاته ضمن الدليل السياحي الذي يحتفظ به كل سائح أجنبي عند زيارته للقاهرة.
وبدأت المأساة في عام 1966، حينما تم نقل تبعية الأتوبيس النهري من محافظة القاهرة إلي هيئة النقل العام.. فأصبحت خطوطه متهالكة بسبب الإهمال وغياب التطوير للمراكب والمحطات والمراسي، وتحول من مشروع سياحي إلي وسيلة مواصلات لا يفضلها كثيرين من الركاب.
اتجهت "بوابة أخبار اليوم" إلى إحدى محطات الأتوبيس النهري، وكانت ماسبيرو هي محطة الانطلاق، حتى محطة جامعة القاهرة، حيث رصدت عدستها الحالة المتدنية التي وصل إليها الأتوبيس النهري علي أرض الواقع بعد أن كان رمز من رموز السياحة في مصر.
علب صفيح
وفور دخولنا الأتوبيس وجدناه مكاًنًا مهجورا، عبارة عن "علب صفيح" طالها الصدأ، حيث استقبلنا عمال الهيئة بلهفة وفرحة، وأرشدونا إلى مكان الدخول، ووجدنا ركاب بداخله لا يزيد عددهم عن 15 شخصًا، معظمهم عشاق استخدموه للتنزه والهروب بعيدًا عن أنظار الناس، ووجدنا القمامة تملأ الأتوبيس تحت الكراسي وفي الطرقات، ووجدنا الكراسي متهالكة ومقطعة، والزجاج غير نظيف لدرجة أنك لا تستطيع رؤية الأشياء وراءه، كما أن السقف المعلق المصنوع من القماش والذي يغطي خلفية الأتوبيس خارج المقاعد ممزق، وأضواء الإنارة قديمة ومليئة بالأتربة المتراكمة عليها.
انتظر السائق 15 دقيقة، في محاولة منه لجذب أعداد أكبر من الركاب، ولكن دون جدوى، وفي هذا الوقت حصل الكمسري على الأجرة التي تقدر بجنيه واحد لكل راكب.
وحين بدأ السائق في التحرك، بدأ الصداع والاختناق.. حيث وجدنا صوت المحرك مرتفعًا والدخان الخانق الذي يخرج من المحرك يحيطنا من كل مكان، واستغرقت الرحلة مدة 20 دقيقة تقريبًا.
وأثناء الرحلة، قال محمد حسن – طالب 19 سنة – "استخدم الأتوبيس النهري للذهاب إلى جامعة القاهرة حيث إنني اسكن بالقرب من الكورنيش.. ولكن عندما أكون متأخرا عن موعد المحاضرات استقل المترو".
أما أحمد سيد – عامل 29 سنة – قال "اركب الأتوبيس النهري مع خطيبتي للشعور بالهدوء بعيدًا عن الضوضاء والزحمة بالشوارع، حيث اركبه فقط للتنزه.. فهو رخيص ومريح و ممتع.. وممكن اركبه رايح جاي خمس مرات ورا بعض وكأنني اجلس في مكان سياحي".
وأضاف عبد الرحمن محمود – موظف 33 سنة – "تعودت على الذهاب إلى عملي يوميًا بواسطة باصات النقل العام ولكن الازدحام المتزايد في الطرق يضطرني في أكثر من مرة لاستخدام الأتوبيس النهري لتقريب المسافة واختصار الزمن".
وروى لنا سائق الأتوبيس مهمته الشاقة والمتعبة – على حد وصفه – في هيئة النقل العام وبالتحديد في الأتوبيس النهري قائلا: "أعمل في هيئة النقل العام منذ 24 سنة وسأحال للمعاش بعد سنوات قليلة، وخلال هذه الفترة الطويلة من العمل كسائق لهذا المركب عشت معظم المراحل التي مر بها مشروع الأتوبيس النهري الذي عاش فترات جيدة وأخرى سيئة".
حالة متدنية
وأوضح السائق، الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب حصول زميله على جزاء ب15 يومًا لإدلائه بحديث في الصحافة، "الآن أصبحت حالة الأتوبيس النهري متدنية جدًا وخاصة بعد الثورة وأصبحنا نعاني من عدة مشاكل لأن المراكب اُستهلكت وصارت قديمة وتعددت أعطالها، وهذه المراكب يجب استبدالها بأخرى جديدة وحديثة أكبر سرعة وأكثر كفاءة بحيث تلبي رغبة الركاب وتحافظ على البيئة".
وعن وسائل الأمان، قال إن "نسب احتمالات وقوع حادثة أصبحت مرتفعة بسبب تهالك الأتوبيسات وضعف بنيتها وصدأها، لذلك فحياة الركاب في خطر محتمل في أي لحظة".
وقال أحد أعضاء هيئة النقل العام، رافضًا ذكر اسمه، إن "كل رئيس هيئة جديد يعد بأن هناك خطة تطوير ويعدد في نواحي التطوير ولا يفعل أي شيء بعد ذلك فبمجرد أن يأخذ ميزانية التطوير ينسى جميع متطلبات الهيئة ويصرف على مشروعات أخرى بخلاف الأتوبيس النهري".
ودعا إلي تحقيق تطوير فعلي وإعادة هيكلة الأتوبيسات حتى يحافظ بها علي حياة الركاب وبالفعل سيجد الجماهير تأتيه من كل جانب وسيحل أزمة التكدس المروري في شوارع القاهرة وجميع محافظاتها.
خطوط جديدة
من جانبه، قال رئيس قطاع شمال القاهرة بهيئة النقل العام المهندس سيد عبد الفتاح إن الهيئة تولي اهتمامًا بالأتوبيس النهري خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أنه سيتم فتح خطوط نهرية جديدة لتطوير الأتوبيس النهري، وتطوير الوحدات النهرية في الأشهر القليلة المقبلة.
وأضاف، أنه عقب ثورة 25 يناير تم سرقة المراسي في فترة الانفلات الأمني، ونحن بصدد إعادة بناءها وإصلاح الوحدات خلال الشهور المقبلة لإنعاش الأتوبيس النهري، حيث إنه يساهم بشكل كبير في تخفيف زحام السيارات عن شوارع القاهرة كوسيلة مواصلات ويربط ضفتي النهر ببعضهما، بالإضافة إلى طابعه السياحي.
وأشار، إلى أن الهيئة تدرس حاليًا تعديل خطة المرتبات والحوافز للعاملين بالأتوبيس النهري، بالتنسيق مع محافظة القاهرة، لتقنين أوضاع العاملين لمواكبة الغلاء في الأسعار وتحسين معيشتهم.
دعم النقل النهري
وأكد وزير النقل د. إبراهيم الدميري، أن الهيئة العامة للنقل النهري تعمل حاليًا في أكثر من اتجاه لدعم صناعة النقل النهري في مصر وتحسين أداء العاملين فيها، وإننا نعتبر التعليم والتأهيل والتدريب والبحث العلمي هو حجر الأساس لتطور صناعة النقل النهري.
وأضاف، أن هيئة النقل النهري تعمل على عدة محاور أهمها "محور البنية التشريعية، ومحور البنية الأساسية، ومحور البنية التحتية، ومحور البنية التدريبية، ومحور المشروعات المستقبلية، ونظام الشباك الواحد"، مؤكداً على احتياج قطاع النقل النهري إلى العديد من الدراسات المتخصصة التي تؤدي بدورها إلى رفع كفاءة القطاع على عدة مراحل من خلال خطط عمل قصيرة الأجل مثل توفيق أوضاع الموانئ النهرية الحالية وتشجيع القطاع الخاص على تشغيل الموانئ النهرية المتوقفة عن العمل، وخطط عمل طويلة الأجل وتشمل تطوير المجرى الملاحي والأسطول النهري والعمالة النهرية والبنية التحتية.
أولى خطوات التطوير
وفي أولى خطوات تطوير هذا القطاع، شهد الدميري التوقيع على مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للنقل النهري والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، والمتعلقة بتفعيل دور النقل النهري والسعي للوصول إلى نسبة مساهمة تصل إلى 10% من حجم النقل داخل مصر خلال الخمس سنوات القادمة، كما تم وضع خطة لتطوير المعهد الإقليمي للنقل النهري ليصبح صرحًا علميًّا قادرًا على تحسين وتطوير خدمة النقل النهري.
وأكد محافظ القاهرة د. جلال مصطفي سعيد، أن هناك مشروعًا يجري دراسته حالياً بوحدة الشراكة مع القطاع الخاص بوزارة المالية لإمكانية طرحه على القطاع الخاص، يتضمن زيادة عدد الوحدات النهرية، واستبدال الموجود حالياً بوحدات سريعة وصديقة للبيئة مع العمل على زيادة المسافة المغطاة لتصل من القليوبية إلى جنوب حلوان والجيزة، وتشجيعاً للمستثمرين يتضمن المشروع زيادة عدد المراسي إلى 30 مرسى، ويمكن استغلالها سياحياً بشكل لائق بما يعود بالنفع على المواطن والعاصمة.
شريان الحياة في مصر.. على ضفافه تحلو المسامرات واستعادة الذكريات الجميلة.. هو نهر النيل متعة البسطاء والأغنياء والذي تم استخدامه كوسيلة مواصلات لها طابع خاص بعيدًا عن الزحام المروري في الشوارع المزدحمة بالسيارات والمارة.
وتعد مدينة القاهرة من أكثر العواصم ازدحامًا في العالم.. والأولى عربيًا وفي منطقة إفريقيا والشرق الأوسط الأمر الذي يجعل التنقل بين أطرافها المترامية على ضفتي النهر بمثابة مغامرة متعبة، وبسبب الازدحام والاختناق المروري اليومي بالقاهرة، كان لزامًا على المسؤولين إيجاد وسائل أخرى غير تقليدية لتخفيف الزحام عن الشوارع، حتى جاء الأتوبيس النهري في ستينيات العام الماضي.
نجاح الانطلاقة
وشهد الأتوبيس النهري ازدهارا ونجاحا منذ انطلاقته في الستينيات وكانت الأتوبيسات تجوب كل مسارات النهر بين المحطات المنتشرة على ضفافه والتي تربط بين مختلف المراكز الهامة في مناطق القاهرة الكبرى، و يستقل هذه المراكب مختلف شرائح المجتمع، وكان الأتوبيس النهري تابعًا لمحافظة القاهرة.
وكانت الشركات السياحية تضع الأتوبيس النهري دائما ضمن برامجها السياحية وكانت محطاته ضمن الدليل السياحي الذي يحتفظ به كل سائح أجنبي عند زيارته للقاهرة.
وبدأت المأساة في عام 1966، حينما تم نقل تبعية الأتوبيس النهري من محافظة القاهرة إلي هيئة النقل العام.. فأصبحت خطوطه متهالكة بسبب الإهمال وغياب التطوير للمراكب والمحطات والمراسي، وتحول من مشروع سياحي إلي وسيلة مواصلات لا يفضلها كثيرين من الركاب.
اتجهت "بوابة أخبار اليوم" إلى إحدى محطات الأتوبيس النهري، وكانت ماسبيرو هي محطة الانطلاق، حتى محطة جامعة القاهرة، حيث رصدت عدستها الحالة المتدنية التي وصل إليها الأتوبيس النهري علي أرض الواقع بعد أن كان رمز من رموز السياحة في مصر.
علب صفيح
وفور دخولنا الأتوبيس وجدناه مكاًنًا مهجورا، عبارة عن "علب صفيح" طالها الصدأ، حيث استقبلنا عمال الهيئة بلهفة وفرحة، وأرشدونا إلى مكان الدخول، ووجدنا ركاب بداخله لا يزيد عددهم عن 15 شخصًا، معظمهم عشاق استخدموه للتنزه والهروب بعيدًا عن أنظار الناس، ووجدنا القمامة تملأ الأتوبيس تحت الكراسي وفي الطرقات، ووجدنا الكراسي متهالكة ومقطعة، والزجاج غير نظيف لدرجة أنك لا تستطيع رؤية الأشياء وراءه، كما أن السقف المعلق المصنوع من القماش والذي يغطي خلفية الأتوبيس خارج المقاعد ممزق، وأضواء الإنارة قديمة ومليئة بالأتربة المتراكمة عليها.
انتظر السائق 15 دقيقة، في محاولة منه لجذب أعداد أكبر من الركاب، ولكن دون جدوى، وفي هذا الوقت حصل الكمسري على الأجرة التي تقدر بجنيه واحد لكل راكب.
وحين بدأ السائق في التحرك، بدأ الصداع والاختناق.. حيث وجدنا صوت المحرك مرتفعًا والدخان الخانق الذي يخرج من المحرك يحيطنا من كل مكان، واستغرقت الرحلة مدة 20 دقيقة تقريبًا.
وأثناء الرحلة، قال محمد حسن – طالب 19 سنة – "استخدم الأتوبيس النهري للذهاب إلى جامعة القاهرة حيث إنني اسكن بالقرب من الكورنيش.. ولكن عندما أكون متأخرا عن موعد المحاضرات استقل المترو".
أما أحمد سيد – عامل 29 سنة – قال "اركب الأتوبيس النهري مع خطيبتي للشعور بالهدوء بعيدًا عن الضوضاء والزحمة بالشوارع، حيث اركبه فقط للتنزه.. فهو رخيص ومريح و ممتع.. وممكن اركبه رايح جاي خمس مرات ورا بعض وكأنني اجلس في مكان سياحي".
وأضاف عبد الرحمن محمود – موظف 33 سنة – "تعودت على الذهاب إلى عملي يوميًا بواسطة باصات النقل العام ولكن الازدحام المتزايد في الطرق يضطرني في أكثر من مرة لاستخدام الأتوبيس النهري لتقريب المسافة واختصار الزمن".
وروى لنا سائق الأتوبيس مهمته الشاقة والمتعبة – على حد وصفه – في هيئة النقل العام وبالتحديد في الأتوبيس النهري قائلا: "أعمل في هيئة النقل العام منذ 24 سنة وسأحال للمعاش بعد سنوات قليلة، وخلال هذه الفترة الطويلة من العمل كسائق لهذا المركب عشت معظم المراحل التي مر بها مشروع الأتوبيس النهري الذي عاش فترات جيدة وأخرى سيئة".
حالة متدنية
وأوضح السائق، الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب حصول زميله على جزاء ب15 يومًا لإدلائه بحديث في الصحافة، "الآن أصبحت حالة الأتوبيس النهري متدنية جدًا وخاصة بعد الثورة وأصبحنا نعاني من عدة مشاكل لأن المراكب اُستهلكت وصارت قديمة وتعددت أعطالها، وهذه المراكب يجب استبدالها بأخرى جديدة وحديثة أكبر سرعة وأكثر كفاءة بحيث تلبي رغبة الركاب وتحافظ على البيئة".
وعن وسائل الأمان، قال إن "نسب احتمالات وقوع حادثة أصبحت مرتفعة بسبب تهالك الأتوبيسات وضعف بنيتها وصدأها، لذلك فحياة الركاب في خطر محتمل في أي لحظة".
وقال أحد أعضاء هيئة النقل العام، رافضًا ذكر اسمه، إن "كل رئيس هيئة جديد يعد بأن هناك خطة تطوير ويعدد في نواحي التطوير ولا يفعل أي شيء بعد ذلك فبمجرد أن يأخذ ميزانية التطوير ينسى جميع متطلبات الهيئة ويصرف على مشروعات أخرى بخلاف الأتوبيس النهري".
ودعا إلي تحقيق تطوير فعلي وإعادة هيكلة الأتوبيسات حتى يحافظ بها علي حياة الركاب وبالفعل سيجد الجماهير تأتيه من كل جانب وسيحل أزمة التكدس المروري في شوارع القاهرة وجميع محافظاتها.
خطوط جديدة
من جانبه، قال رئيس قطاع شمال القاهرة بهيئة النقل العام المهندس سيد عبد الفتاح إن الهيئة تولي اهتمامًا بالأتوبيس النهري خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أنه سيتم فتح خطوط نهرية جديدة لتطوير الأتوبيس النهري، وتطوير الوحدات النهرية في الأشهر القليلة المقبلة.
وأضاف، أنه عقب ثورة 25 يناير تم سرقة المراسي في فترة الانفلات الأمني، ونحن بصدد إعادة بناءها وإصلاح الوحدات خلال الشهور المقبلة لإنعاش الأتوبيس النهري، حيث إنه يساهم بشكل كبير في تخفيف زحام السيارات عن شوارع القاهرة كوسيلة مواصلات ويربط ضفتي النهر ببعضهما، بالإضافة إلى طابعه السياحي.
وأشار، إلى أن الهيئة تدرس حاليًا تعديل خطة المرتبات والحوافز للعاملين بالأتوبيس النهري، بالتنسيق مع محافظة القاهرة، لتقنين أوضاع العاملين لمواكبة الغلاء في الأسعار وتحسين معيشتهم.
دعم النقل النهري
وأكد وزير النقل د. إبراهيم الدميري، أن الهيئة العامة للنقل النهري تعمل حاليًا في أكثر من اتجاه لدعم صناعة النقل النهري في مصر وتحسين أداء العاملين فيها، وإننا نعتبر التعليم والتأهيل والتدريب والبحث العلمي هو حجر الأساس لتطور صناعة النقل النهري.
وأضاف، أن هيئة النقل النهري تعمل على عدة محاور أهمها "محور البنية التشريعية، ومحور البنية الأساسية، ومحور البنية التحتية، ومحور البنية التدريبية، ومحور المشروعات المستقبلية، ونظام الشباك الواحد"، مؤكداً على احتياج قطاع النقل النهري إلى العديد من الدراسات المتخصصة التي تؤدي بدورها إلى رفع كفاءة القطاع على عدة مراحل من خلال خطط عمل قصيرة الأجل مثل توفيق أوضاع الموانئ النهرية الحالية وتشجيع القطاع الخاص على تشغيل الموانئ النهرية المتوقفة عن العمل، وخطط عمل طويلة الأجل وتشمل تطوير المجرى الملاحي والأسطول النهري والعمالة النهرية والبنية التحتية.
أولى خطوات التطوير
وفي أولى خطوات تطوير هذا القطاع، شهد الدميري التوقيع على مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للنقل النهري والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، والمتعلقة بتفعيل دور النقل النهري والسعي للوصول إلى نسبة مساهمة تصل إلى 10% من حجم النقل داخل مصر خلال الخمس سنوات القادمة، كما تم وضع خطة لتطوير المعهد الإقليمي للنقل النهري ليصبح صرحًا علميًّا قادرًا على تحسين وتطوير خدمة النقل النهري.
وأكد محافظ القاهرة د. جلال مصطفي سعيد، أن هناك مشروعًا يجري دراسته حالياً بوحدة الشراكة مع القطاع الخاص بوزارة المالية لإمكانية طرحه على القطاع الخاص، يتضمن زيادة عدد الوحدات النهرية، واستبدال الموجود حالياً بوحدات سريعة وصديقة للبيئة مع العمل على زيادة المسافة المغطاة لتصل من القليوبية إلى جنوب حلوان والجيزة، وتشجيعاً للمستثمرين يتضمن المشروع زيادة عدد المراسي إلى 30 مرسى، ويمكن استغلالها سياحياً بشكل لائق بما يعود بالنفع على المواطن والعاصمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.