صُنفت «النقل» كأفشل وزارة مصرية خلال العامين الماضيين، وفقًا لإحصائيات مركز المعلومات بمجلس الوزراء، فأصبحت مهمتها الأساسية نقل المصريين إلى الدار الآخرة؛ بسبب حوادث الطرق التى تزداد بشكل مخيف. ويكفي ما يعاني منه المواطن المصري خلال يومه في المواصلات العامة وتحديدًا مترو الأنفاق الذي يعد كعلبة سردين يغوص فيها المواطنين فاقدى كل معاني آدميتهم. وشهدت وزارة النقل خلال الآونة الأخيرة حالة من الفساد والتناقضات، بداية من رفع سعر تذكرة المترو، إضافة إلى الإهمال الملاحظ في السكك الحديدية، فضلًا عن الإهمال الجسيم في خطوط النقل العام، ناهيك عن قطاع النقل البحري الذي تسلسل إليه الفساد حتى أنهكه. من الطبيعي أن يكون وزير النقل، ذو خبرة كبيرة وواضحة في مجال النقل، لكن هاني ضاحي، وزر النقل الحالي، لا يمت لقطاع النقل بأى صلة، حيث إنه خبير فى مجال المنتجات البترولية، فبعد كل الشهور التى مرت على توليه المنصب، فإنه لم يفعل شيئاً يذكر أو يقدم لنا إنجازاً مؤثرا يشعر به المواطن الذى ظل لسنوات يتجرع مرارة فوضى النقل والمواصلات التى تمثل شبحاً مخيفاً لكل مواطن يسير فى شوارع المحروسة من الإسكندرية إلى أسوان، سواء كان متنقلاً بالسيارات أو القطارات أو حتى عبر وسائل النقل النهرى. «المترو».. فساد بالجملة والوزارة تتجاهل يعد مترو الأنفاق أهم مرفق فى الدولة، حيث يعد وسيلة النقل الحيوية التي تمثل الأساس بالنسبة للمواطن المصري، وعلى الرغم من ذلك، إلا إن هذا القطاع تغلغل فيه الفساد بداية من ماكينات منتهية الصلاحية التى تستخدم في قطارات الخط الأول والثاني، ثم العجز المتواجد في أفراد الأمن، مرورا بسوء المعاملة من قبل الشركة وعدم إتمام بعض الإنشاءات بمحطات المترو، فضلا عن ماكينات التذاكر التى لا تعمل في أغلب المحطات. ولعل أبرز حالات الفوضى التي يعاني منها المترو، انتشار الباعة الجائلين، فضلا عن زيادة حوادث السرقة، ومع ذلك، مازلت الهيئة القومية للأنفاق تصر على موقفها بإن المترو المصري أفضل مشروع حضاري في مصر. وتعد الأزمة المتفاقمة حاليًا في الوزارة هي زيادة سعر تذكرة المترو من عدمها، فأوضح هاني ضاحي، وزير النقل، أن القيمة الحقيقية للتذكرة تساوي 25 جنيها، وهو ما لا يتحمله المواطنون فعليا، مما يضع الوزارة تحت مأزق زيادة التذكرة من عدمها، وأن الذي يفصل في الأمر حاليًا مجلس الوزراء. كما تأتى المرحلة الرابعة في الخط الثالث من مترو الأنفاق "خط المطار" كأزمة أخرى تشهدها الهيئة، حيث تجاهلت الوزارة ما تسببته شركة "فينسي" الفرنسية من أخطاء جسيمة في المرحلة الثالثة، وتعاونت معها لإتمام المرحلة الرابعة. «النقل العام».. محاكمة السابقون لم يمنع فساد الحاليين يعيش قطاع النقل العام في مصر واقعا مؤلما يتجسد فى إهمال شبه تام من قبل الدولة ووزارة النقل، ويشهد القطاع مشاكل عدة، فالموظفون به يحتجون بشكل يومي؛ للمطالبة بتحسين أحوالهم ووقف التعيين بالواسطة، لكن تستمر الهيئة في الفشل، فلم تطور الأتوبيسات برغم إحالة رئيس الهيئة الأسبق نبيل المازنى وأربعة من كبار المسئولين السابقين بالهيئة إلى المحكمة التأديبية؛ لاتهامهم بالتلاعب فى إجراءات التعاقد مع إحدى الشركات الخاصة لتوريد 250 أتوبيسا للهيئة بأسعار أعلى من السعر الحقيقى. الحوادث.. عرض مستمر مع وزارة النقل لم يتوقف الإهمال في الوزارة عند هذا فقط، فالحوادث كانت السمة الأساسية، بداية من السكك الحديدية بسبب الإهمال في المزلقانات، وصولًا إلى حوادث الطرق التى لم تنته يوميًا بسبب الطرق غير الممهدة للسير السريع، فضلا عن مشكلة النقل الثقيل، وعلى الرغم من ذلك، فإننا مازلنا نسمع تصريحات وقرارات من وزارة النقل دون أو يكون لتلك القرارات الانفعالية أى وجود على أرض الواقع. «النقل البحري».. بحاجة إلى ثورة إدارية لانتشاله من مستنقع الفساد تمثل صناعة النقل البحرى طوق النجاة للاقتصاد المصرى، لكنه بحاجة إلى ثورة إدارية لانتشاله من مستنقع الفساد والإهمال الذي وقع فيه، فوزارة النقل لا تتعامل مع هذا القطاع على أنه قطاع اقتصادى فى إمكانه أن يدر دخلاً للدولة، لكن تعاملت معه على أنه قطاع خدمى يكمل الموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى أن التطوير الذى تم فى الموانى المصرية من خلال خطط وزارة النقل كان شكلياً وليس جوهرياً، بمعنى أنه لا يرفع من مستوى الأداء ولا معدلات الشحن والتفريغ، بالإضافة إلى الإجراءات العقيمة التى تعطل السفن. «النقل النهري».. نفق مظلم لا نهاية لفساده أما النقل النهرى، فلو تم استخدامه بالشكل الأمثل، فإنه كفيل بحل جزء كبير من أزمة النقل فى مصر، لكنه وضع في طي النسيان أيضًا كبقية قطاعات النقل، حيث أهملت الأتوبيسات النهرية، وتوقفت حركتها في عدد من الخطوط حتى أصبح النقل النهري في مصر بمثابة النفق المظلم لا نهاية لفساده. يقول المهندس محمد فودة، الخبير في مجال النقل، إن تفشى الفساد في كافة قطاعات النقل لا يعني فقط فساد الوزير أو العاملين بالوزارة، بل يعني أن هناك خللا واضحا في منظومة النقل، ولابد أن يعالج بشكل سريع من خلال خطة لتنمية كافة القطاعات بشكل تكنوقراطي، يضمن أن يكون هناك متخصص في كل قطاع يدرك جيدًا مشاكله ويلعب عليها. وأوضح "فودة" أن وزارة النقل من أهم الوزارات التى تتعامل مع المواطنين بشكل مباشر، والتي يكون الخطأ فيها فادح وظاهر أمام الجميع، لافتًا إلى أن كوارث النقل تخلف وراءها الكثير من الضحايا والكوارث، التى تستوجب إقالة المسئول عنها، المر الذى لا يحدث في مصر، مما يجعل الفساد يتغلغل بشكل أوسع. وأضاف أن الحل يكمن في إقالة الوزير والمجىء بآخر له خبرة في مجال النقل وعلى دراية كبيرة بالمشاكل التى تواجه كافة قطاعات النقل في مصر، ومن ثم البدء في تفعيل وتطبيق الخطط التطويرية التى يعدها الموظفون بالوزارة ووضع خطة لتنفيذها تحت رعاية وإشراف جهة أخرى بالدولة كمجلس الوزراء، مشيرًا إلى أن أي تطور في قطاع النقل سوف يشعر به المواطن سواء في الطرق أو الكباري او المترو أو القطارات.