ظل ما تشهده القاهرة من حالة ازدحام مروري شديد نتيجة زيادة أعداد السيارات وعدم جاهزية الطرق والكباري بشكل كامل يستوعب هذا الكم الرهيب من السيارات، تبدو أهمية العودة إلي النقل النهري لتخفيف العبء عن شوارع وكباري العاصمة، وبخاصة أن الأتوبيس النهري كان قديماً وسيلة مواصلات يستمتع بها الفقراء والعشاق والموظفون، قبل أن يتحول إلي مرتع للإهمال وتسكنه الحيوانات الضالة، حيث رصدت عدسة "آخر ساعة" احتلال الكلاب للأتوبيس النهري في مشهد مخز. أزمة الأتوبيس النهري الذي يتمتع بحوالي 15 مرسي تكمن في رداءة حال الأتوبيسات وقصر مسافات المحطات ما جعل المواطنين يعزفون عن استقلاله والبحث عن وسائل المواصلات البديلة، وكل هذا دفع الحكومة للاتجاه إلي مشروع قومي لتطوير الأتوبيس النهري خلال الفترة المقبلة. الأتوبيس النهري وسيلة لنقل الركاب يتبع هيئة النقل العام ويربط بين القاهرة والجيزة وحلوان والقليوبية، ومن المفترض أنه يخفف من الضغط المروري علي الطرق، إلا أن الاهمال الذي يغرق فيه يحول دون ذلك، حيث إنه غير مفعّل بشكل كلي. تجولنا بين محطات الأتوبيس النهري من محطة الساحل إلي محطة جامعة القاهرة مروراً بمحطة ماسبيرو للتعرف علي أهم المشكلات التي يمكن أن تواجه المواطنين أثناء استخدامهم للأتوبيس النهري. وخلال الجولة التي رصدنا حاجة المراسي إلي التطوير، فبداية من محطة الساحل لم نجد مواطنا واحدا في استراحة المرسي التي لا تصلح لاستقبال المواطنين فهي مهملة إلي حد كبير والكراسي متهالكة ومحطمة. وعلي الجانب الآخر من المحطة يصطف حوالي 10 أتوبيسات نهرية في حاجة للصيانة فهي محطة وورشة صيانة للأتوبيسات المعطلة علي الرغم من أن مصدرا مسئولا - رفض ذكر اسمه - قال إنه حتي الآن لا يوجد مهندس بحري متخصص، فكل أعمال الصيانة التي تتم لأتوبيسات النقل النهري معتمدون فيها علي الخبرة، ولم تتم صيانة دورية لها وإن حدث عطل يعمل عليه مجموعة من الميكانيكية دون وجود مهندس مختص، وإن حدث عطل جسيم لابد من تدخل الورش الخارجية وكعادة القطاع الحكومي لا يحدث إصلاح العطل دون عمل المناقصات وعرض الأسعار، ويمر الوقت دون فائدة، لذا أري ضرورة إدخال القطاع الخاص لحل هذه الأزمات. وأوضح المصدر أنه منذ العام 2009 كان هناك نية لتطوير الأتوبيس النهري لكن ذلك لم يحدث، مضيفاً أن خاطر حنورة مدير إدارة الشراكة بوزارة المالية أعلن عن توقيع اتفاقية مع مكتب إستشاري عالمي في انجلترا وسيتم طرح المناقصة خلال شهر للشركات الخاصة الاستثمارية بحيث تشارك هيئة النقل العام لعمل مشروع قومي وتطوير النقل النهري. أما عن رحلات الأتوبيس النهري ومدي الإقبال عليها فأوضح أن هناك خمسة اتوبيسات رحلتها للقناطر الخيرية تعمل حسب ضغط الركاب، فلو كان هناك إقبال من المواطنين عليها يتحرك أتوبيس كل ربع ساعة، وغالباَ يكون ذلك في أيام العطلات والأعياد، أما في الأيام العادية تنطلق رحلتان يوميا فقط، أما الأتوبيسات الخاصة بجامعة القاهرة فالإقبال عليها كبير يومياً لذلك تتحرك رحلة كل 20 دقيقة تقريباً. وأكد أن عدد الأتوبيسات النهرية 27 أتوبيساً، وخمسة أتوبيسات سياحية مكيفة حمولة 150 راكبا، كما أن هناك نوعين من السائقين ريس بحري وبحار مساعد للريس البحري ، وهناك 180 ريس بحري وبحار لعربات الأتوبيس النهري الصغيرة التي لابد أن يرافقها ريس واثنان وبحاران مع كل رحلة والكبيرة السياحية المكيفة يرافقها ريس بحري وثلاثة بحارة وميكانيكي. وبالتنقل بين المحطات لم يختلف الوضع كثيراَ فالإقبال علي الأتوبيس النهري كوسيلة نقل ضعيف جداَ وبسؤال المواطنين قالت هبه عاطف - طالبة - أن الأتوبيس النهري يسبب إزعاجا لكثير من الركاب نظرا لصوت محركاته المرتفع، والعوادم التي تتطاير علي الركاب، كما أنه بطيء جداً ولذلك قد يفضل المواطنون استخدام وسائل النقل الأخري، أما مني محمد فقد وجدت في الأتوبيس النهري وسيلة ترفيهية قائلة: الأتوبيس النهري النزهة المفضلة بالنسبة لي، وأعتقد بالنسبة لعدد كبير من المواطينين وهو ما يتضح من نسبة الإقبال الكبير عليه في الأعياد والعطلات، وهو ما أكد عليه مجدي نوح رئيس محطات الاتوبيس النهري بقوله إن الأتوبيس النهري يشهد إقبالا كبيراً أثناء الأعياد أكثر من أي وقت آخر، وتكون الرحلات مضاعفة يومياً. يضيف نوح: خدمة النقل النهري متاحة للمواطنين بجميع محطات الأتوبيس النهري التابعة لهيئة النقل العام بمحطات ماسبيرو والساحل وجامعة القاهرة ومصر القديمة والقناطر الخيرية، معللاً عدم إقبال المواطنين عليه كوسيلة للنقل أن وسائل المواصلات الأخري أصبحت متاحة وبشكل كبير وهي بالطبع أسرع ، كما أن محطات مترو الأنفاق اصبحت تغطي معظم أنحاء القاهرة لذلك يعتمد المواطنون عليه كوسيلة سريعة للتنقل أكثر من غيره. من جانبه صرح الدكتور جلال السعيد محافظ القاهرة أن هناك مشروعا قوميا لتطوير الأتوبيس النهري و15 مرسي له علي طول المسار، واستغلال المجري النهري بالمساهمة في تسهيل حركة المرور وقال إن الحوادث المتكررة يومياً نتيجة للاختناق المروري وازدحام الطرق الرئيسية وانهيار شبكة الطرق بالقاهرة هو ما دفعه إلي التفكير في تطوير النقل النهري من خلال تطوير المراسي الحالية وتحديث الأتوبيسات، فيما أوضح اللواء هشام عطية رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام خطة مشروع تطوير النقل النهري بقوله إنه يوجد الآن فعلياَ 15 مرسي للأتوبيسات النهرية سيتم زيادتها إلي 28 مرسي لتغطية الوحدات الحالية والحديثة ابتداء من ركن فاروق بمنطقة حلوان إلي القناطر الخيرية، هذا بالإضافة إلي شراء وحدات "أتوبيسات" نهرية حديثة لنقل الركاب، وسيتم ذلك عن طريق وحدة مشاركة مع القطاع الخاص التابع لوزارة المالية، حيث سيتم عمل مناقصة لشراكة القطاع الخاص لتدبير الأتوبيسات الجديدة لنقل الركاب مع عدم المساس بالعاملين بالأتوبيس النهري والاستمرار في تنفيذ الخدمات الترفيهية للمواطنين.