«يوم لن ينمحي من ذاكرة ووجدان المصريين».. تلك العبارة التي اتفق عليها السياسيون في رصدهم للأحداث التي وقعت منذ 4 سنوات بميدان التحرير، أثناء ثورة يناير، حيث شهد يوم الثاني من فبراير لعام 2011 هجوم مجموعات كبيرة من البلطجية علي معتصمي وثوار التحرير فيما عرف بعد ذلك بموقعة الجمل، فجاء الهجوم من جانب الموالين للحزب الوطني لإرغام الثوار على إخلاء الميدان وفض الاعتصام بالقوة، والذى كان قد دخل يومه الخامس، فى محاولة يائسة لإنقاذ نظام حسنى مبارك، الذى كان يترنح تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية وتنامى الضغوط عليه لدفعه لمغادرة السلطة، وقد نتج عن تلك الاشتباكات الدامية سقوط 14 قتيلاً و1500 مصاب بحسب بيانات وزارة الصحة. الغريب في الأمر أن تلك الواقعة كانت بعد يوم واحد من خطاب مبارك الذى وجهه إلى المصريين وحاول فيه استدرار عطفهم وامتصاص موجة الغضب الشعبى العارم جراء أحداث العنف الدامية فى يوم "جمعة الغضب" 28 يناير، عبر الادعاء برغبته عدم البقاء بالحكم، مستهدفًا من ذلك توجيه ضربة مضادة للحشود بميدان التحرير، من أجل إخماد لهيب الثورة المتصاعد وتفريق المعتصمين بالميدان، وهو ما جعل قطاعًا ليس بالقليل من الشعب المصري يتجه للتعاطف مع مبارك بالفعل، ولكن جاء هجوم أنصاره في اليوم التالي بالجمال والبغال والخيول على المتظاهرين السلميين بميدان التحرير، ليزيد من تمسك الشباب باستكمال ثورتهم، وليجلب مزيدًا من التدفق الشبي لميدان التحرير لاستكمال مسيرة إسقاط النظام. أجهزة الأمن ساهمت في سقوط الشهداء ولم يحاسب أحد يقول المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكي، إن تلك الذكرى ستظل في ذاكرة المصريين؛ لأنها كانت المحاولة الأخيرة من جانب النظام الفاسد لإجهاض الثورة بمساعدة أجهزة الأمن حينها، باستخدام حيلة مخزية بهجوم مجموعة من البلطجية معتلية جمال وخيول لميدان التحرير، ولكنها باءت بالفشل؛ لتثبت للنظام أن أية محاولة أخرى ستزيد من اشتعال الثورة. وأضاف شعبان أن الجهاز الأمني يتعامل حتى الآن بنفس المنهاج مع القوى السياسية، وأنه ما زال يعتبر نفسه هو الأساس لقيام الدولة، والدليل على ذلك هو عدم إدانة أي من قبادات الداخلية في قضايا قتل المتظاهرين؛ مما ساهم في ازدياد الاحتقان بين صفوف الشباب والقوى الثورية. وشدد رئيس الحزب الاشتراكي على ضرورة حسم تلك الملفات الشائكة بمحاسبة المسئولين والمقصرين ومن غدر بالثورة المصرية، لافتاً إلى بقاء فجوة عميقة بين الشرطة والشعب طالما لم تتم محاسبة المسئول. تواطؤ أجهزة الدولة العنوان الرئيسي لموقعة الجمل يقول محمد لطفي، مدير المفوضية المصرية لحقوق الإنسان، إن موقعة الجمل لحظة فارقة في ثورة يناير، وإنها ساهمت في حشد الملايين من المصريين للمشاركة في الثورة، فبعد أن كان البعض منهم مترددًا بين الرغبة في التغيير والخوف من المجهول، أدت تلك الواقعة لتجمع المصريين على قلب رجل واحد لإسقاط النظام. وأشار لطفي إلى أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في محاسبة المسئولين فقط، وإنما معرفة حقيقة ما حدث في موقعة الجمل وأحداث الثورة كاملة، بالإضافة إلى القرارات السياسية والأمنية التي تم اتخاذها من جانب المسئولين حينها، كذلك معرفة المسئول عن تأمين محيط الميدان ومن سمح بدخول البلطجية للثوار، موضحاً أن الإجابة عن تلك الأسئلة ستبين تورط العديد من الشخصيات البارزة في الدولة في تلك الأحداث، على حد قوله. وطالب بضرورة إعادة هيكلة المنظومة الأمنية ومحاسبة المسئولين عن تقصيرهم؛ حتى لا يتكرر ما حدث ويقع المزيد من الشهداء، لافتاً إلى أن القضاء لم يقصر وفقاً للقرائن والأدلة المتاحة أمامه، وإنما التقصير الذي يصل إلى حد التواطؤ يقع على عاتق الأجهزة المسئولة عن إحالة القضية وتجميع الأدلة. وأكد مدير المفوضية المصرية لحقوق الإنسان أن أجهزة الدولة كانت متورطة وتواطأت في الحادث، وأن المحاكمات العادية لم تفلح حتى اللحظة في إعادة الحقوق لأصحابها؛ مما يتطلب تعويض أسر الشهداء باعتراف رسمي من الدولة بالخطأ والتقصير والتواطؤ.