في عملية انتقامية لاغتيال 6 قياديين من "حزب الله" وجنرال إيراني في القنيطرة الاسبوع الماضي قتل ضابط وجندي اسرائيليين وأصيب 17 آخرين بجروح إثر تعرض دورية عسكرية مؤللة لاطلاق صواريخ مضادة للدروع في منطقة جبل روس على الحدود مع لبنان اطلقها حزب الله. عملية القنيطرة وضعت "إسرائيل" منذ اللحظة الأولى لارتكابها في وضع مرتبك جداً رغم اتخاذها قراراً من أعلى المستويات العسكرية بتنفيذها، لتقوم مجموعة شهداء القنيطرة الأبرار في المقاومة الإسلامية باستهداف موكب عسكري إسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانيةالمحتلة، والذي يتألف من عدد من الآليات، ويضم ضباطاً وجنوداً اسرائيليين استهدفتهم بالأسلحة المناسبة؛ ما أدى إلى تدمير عدد منها ووقوع إصابات عدة في صفوف الاسرائيليين. ردود أفعال كثيرة جاءت عقب هذه الأحداث في الجنوباللبناني، خصوصاً عقب خطاب نصر الله الذي أكد فيه على أنَّ جرائم الاحتلال كان يجب أن توضع لها حداً لوقف هذا التمادي والاستكبار على الشعبين الفلسطينيواللبناني. وبيَّن أنَّ الاحتلال الإسرائيلي منذ اللحظة الأولى اتخذ كافة الاجراءات والتدابير اللازمة من استنفار قواته ومنع الحركة في المناطق الشمالية، إلى وقف حركة الطيران وهذا أكبر دليل على خوفه وخشيته من رد حزب الله على تلك العملية الجبانة. الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين صرحت بأنَّ العملية أكدت على مصداقية الحزب وقدرته في رد الصاع صاعين، وعلى أهمية الثقة بالنفس وامتلاك الإرادة والشجاعة لقوى المقاومة في التعامل مع العدو ووجوده الغاصب على أرض فلسطين وأي بقعة في الأراضي العربية. أما عن كتائب المقاومة الوطنية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية فقد أكدت على أنَّ العملية رد طبيعي على جرائم الاحتلال، وندعو لتشكيل جبهة مقاومة وغرفة عمليات موحدة لوضع استراتيجية جديدة للمقاومة في الأراضي الفلسطينية، واللبنانية، والعربية المحتلة. من جهتها باركت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي عملية مزارع شبعا في جنوبلبنان، أما عن حركة حماس فقد أكدت على حق حزب الله في الرد على الاحتلال الإسرائيلي، خاصة بعد عدوانه الأخير على القنيطرة. من جهةٍ أخرى، وصف بعض الفلسطينيين في غزة العملية بالمتوقعة، وقال المواطن أبو خالد للبديل: "لا يمكن للمقاومة أن تجعل العدو الاسرائيلي يتمادى في انتهاكه للأرض الفلسطينيةواللبنانية، خصوصاً بعد عملية القنيطرة التي لا يمكن للاحتلال الاسرائيلي أن يتنصل منها، وهذه طبيعة الاحتلال، هو ينتهز أي فرصة، ويأخذ أي قطعة جبن موجودة أمام عينيه، وعليه كان من الضرورة أن يكون هناك رداً على هذه الانتهاكات التي لا يمكن لها أن تنتهي إلا بأيدي فلسطينيةولبنانية". أما عن الطالبة في كلية العلوم السياسية خلود عادل فقد وصفت الحالة العربية "بالمزرية" وقالت: "إنه لولا تخاذل العرب وتواطئهم الدائم ووقوفهم بجانب دولة الاحتلال، لما كان للاحتلال الاسرائيلي هذا التغطرس وهذه الاعتداءات المستمرة بحق الشعوب العربية كافة وليس الشعب الفلسطيني فحسب" وتابعت خلود: "أكثر ما لفتني في خطاب نصر الله هو إشارته إلى المال العربي والسلاح الذي يظهر في الخلافات العربية العربية فقط، بينما يختفي هذا المال والسلاح عندما يتعلق الأمر بإسرائيل". وفي حوارٍ له مع البديل، قال المحلل السياسي محمود العجرمي معلقاً على الحادثة: "نتنياهو له تجربة شديدة المرارة مع حزب الله والمقاومة اللبنانية بعد الاحتلال عام 1978 واختراع المنطقة الأمنية، هناك عمليات كثيرة يدرسها نتنياهو جيداً، وكان يعتقد أنَّ حزب الله يحلق خارجها، حتى تفاجأ بهذه العملية، وهذا يعكس تخبطاً كبيرأ بعد هذه العملية الجريئة" وتابع العجرمي معلقاً على المخاوف التي قد يشعر بها نتنياهو جراء هذه العملية: "نتنياهو يحاول ألا تتصاعد الأمور حتى لا يحدث ما يمكن أن ينعكس سلباً على دولة الاحتلال وهو يحاول أن يعيد بعضاً من ماء الوجه في عملية القنيطرة، فقد كانوا يحاولون زيادة شعبيتهم من خلالها قبل الانتخابات في اسرائيل" وحول ما إذا كان حزب الله متوجهاً نحو مواجهة حقيقية مع دولة الكيان، تابع العجرمي: "هناك مصداقية عالية لدى حزب الله في مواجهة العدو، وهي جوهر سياسة حزب الله في المقاومة" وعن ما إذا كانت المقاومة تستطيع تحديد وقت المواجهة، أكَّد العجرمي: "هناك معادلة جيدة وجديدة تؤسس لها المقاومة منذ أكثر من عقدين من الزمن، وجيش الاحتلال لم يعُد قادراً على تحقيق أيِّ انجاز سياسي". التصريحات الاسرائيلية أفادت بأنَّ فكرة تطور المواجهة إلى حرب شاملة في هذا الإطار هي فكرة محدودة وغير مطروحة بقوة في هذه الأثناء، إلا أن مخاوف من تكتيك اسرائيلي مفاجئ قد يقلب الموازين، خصوصاً وأنَّ اسرائيل تستخدم غالباً أساليب التمويه في التغطية على حقيقة السياسات والضربات التي تنوي تنفيذها، إلا أنَّه وفي المقابل، يبدو واضحاً أنَّ المقاومة أيضاً تعدُّ عدَّتها، ما يعني أنَّ الخطأ الاسرائيلي، قد يُواجه بأخطاء جسيمة ستلحق بدولة الإحتلال إذا ما ذهبت أنظار الجيش الإسرائيلي إلى جانب التصعيد.