في الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل عن استنفار قواتها الأمنية على الحدود وفي ظل حالة التأهب القصوى التي أعلنتها منذ أيام، نجح "حزب الله" اللبناني في نصب كمين لموكب إسرائيلي داخل مزارع شبعا المحتلة الأربعاء الماضي، وذلك في إخفاق استخباري وعملياتي من الدرجة الأولى منت به القيادة العسكرية الإسرائيلية. إسرائيل نحو التهدئة فور انتشار نبأ عملية المقاومة في مزارع شبعا، انهالت اتصالات على وزارة الخارجية اللبنانية للتأكيد على أهمية لملمة الوضع وعدم التصعيد، حيث تلقى وزير الخارجية "جبران باسيل" اتصالات من السفراء والدبلوماسيين المعتمدين في لبنان، وفي مقدمهم السفيران الأمريكي "ديفيد هيل"، والبريطاني "طوم فليتشر"، ومنسقة الأممالمتحدة "سيغريد كاغ"، والقائد العام لليونيفيل "لوتشيانو بورتولانو". بدأت سلسلة من الاجتماعات الأمنية المصغرة على أكثر من مستوى في مقر وزارة الدفاع بتل أبيب وفي قيادة المنطقة الشمالية في صفد لبحث الاحتمالات المقترحة للرد على حزب الله، حيث وصل رئيس الأركان الجنرال "بني جانتس" إلى قيادة الجبهة الشمالية في صفد للوقوف على تفاصيل الوضع وصياغة تقدير موقف، كما قطع رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو"، زيارته إلى مستوطنة سديروت على الحدود مع قطاع غزة، ليصل سريعاً إلى مقرّ وزارة الحرب في تل أبيب لإجراء مشاورات. على الرغم من توعد "نتنياهو" بعد عملية شبعا ب"دفع الثمن كاملاً" إلا أنه سريعًا ما تدارك خطئه وتراجع عن تهديده، فقد كان الخط البادي في جميع المداولات أن وجهة إسرائيل ليست نحو التصعيد، فنتنياهو لن يُعرض إسرائيل لصواريخ حزب الله لأن ذلك سينعكس سلبًا بالضرورة على شعبيته قبل سبعة أسابيع من الانتخابات، ومع ذلك فإن "نتنياهو" لن يتوانى عن استغلال هذا الهجوم على أكثر من جبهة، واستعماله لصالح حملته الانتخابية، لتسويق نفسه بصورة الرجل القوي القادر على تحقيق الردع لإسرائيل. فزع الاحتلال بدا الوجوم قاتماً على أوجه القيادات العسكرية الإسرائيلية، فهرعت إلى تعزيز قواتها شمال فلسطينالمحتلة على الحدود مع لبنان وفي الجولان المحتل، معلنه المنطقة الحدودية في الجولان منطقة عسكرية مغلقة، بالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع في سماء جنوبلبنان، وفي محاولة للتخفيف من هلع سكان المستوطنات المحاذية للحدود مع لبنان، بدأ الجيش الصهيوني عمليات حفر موسعة حول مستوطنة "زرعيت" التي يزعم المستوطنون فيها أنه بعد عدوان تموز 2006 أنشأ حزب الله مبان قرب الحدود يعتقد أنها تحوي أنفاقا، ويشتكون من أنهم يسمعون ضوضاء في الليل ناجمة عن حفر الأنفاق. المقاومة تلتحم توالت ردود الفعل بعد تأكيد نجاح عملية "شبعا"، حيث باركت لجان المقاومة في فلسطين العملية ووصفتها ب"النوعية"، مؤكدة أن خيار المقاومة هو الأنجع لردع العدو وأن زمن العدوان بلا رد وردع انتهى، كما باركت "سرايا القدس" العملية ووصفتها ب"البطولية"، وكذلك حركة "حماس" أكدت أنها تبارك هذه العملية وكل عملية مقاومة ضد الاحتلال، أيضاً الجبهة الشعبية رأت أن حزب الله أكد من خلالها صدقيته وقدرته على رد الصاع صاعين، وجددت الجبهة دعوتها إلى إنشاء جبهة مقاومة موحدة لقوى المقاومة في فلسطين والمنطقة العربية، كذلك أشادت فصائل تحالف القوى الفلسطينية بالعملية البطولية، ورأت أنها تمثل أولى خطوات الرد على جرائم الاحتلال. أرسلت الفصائل الفلسطينية في غزة رسالة واضحة، مفادها أن الوحدة بين المقاومة الفلسطينيةواللبنانية في وجه الاحتلال الإسرائيلي باتت ملحة، وهو ما يرسخ لمرحلة قادمة قد تغير من شكل التطورات السياسية والميدانية، فقد أكدت الفصائل دعمها الكامل للمقاومة في لبنان، وحقها في الرد على خروقات الاحتلال داعية إلى رفع مستوى العلاقات بينهما، حيث قال الناطق الرسمي باسم حركة حماس "سامي أبو زهري"، "جنود الاحتلال دفعوا هذا اليوم ذات الثمن الذي دفعوه من قبل على أطراف غزة بسبب غباء نتنياهو"، كما قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي "خالد البطش"، "نحن نؤكد على أهمية وحدة جبهة المقاومة، ليس فقط على مستوى فصائل المقاومة، ولكن على مستوى كل فصائل المقاومة في العالم العربي والإسلامي"، وجددت الفصائل التأكيد على الشعار الذي لطالما رفعته المقاومة أن الاحتلال لا يفهم سوى لغة القوة. موقف القيادات السياسية لم تكن بمعزل عن الموقف الشعبي، حيث عمت الفرحة والاحتفالات في قطاع غزة، توزيع الحلوى ورفع رايات حزب الله ابتهاجاً بعمليته في مزارع شبعا، مشهد سيطر على مفترقات الطرق وسط المدينة. أما إيران فقد أكدت للمقاومة، وشدد الحرس الثوري الإيراني على أنه سيقف إلى جانب مجاهدي المقاومة الإسلامية في جميع ساحات المواجهة ضد الاحتلال. ردود فعل سياسية عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا مساء الأربعاء بطلب من فرنسا لبحث التطورات بين كيان الاحتلال وحزب الله على الحدود اللبنانيةالفلسطينية، وندد المجلس بمقتل الجندي الاسباني في قوة "اليونيفيل" والذي قضى خلال قصف إسرائيلي على مناطق تواجد قوات "اليونيفيل". أما الولاياتالمتحدة فقط عادت لتمارس ازدواجية المعايير التي أصبحت جزءا من سياستها الخارجية، حيث أدانت الخارجية الأمريكية هجوم حزب الله، فيما دعمت ما أسمته "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وقالت المتحدثة باسم الخارجية، "ندعم إسرائيل ونواصل حث جميع الأطراف على احترام الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان" وأضافت "ندعو جميع الأطراف إلى تفادي أي عمل يمكن أن يؤدي إلى تصعيد الوضع"، ومن ناحيته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" إلى "ضبط النفس والهدوء" وحث على "العمل بشكل مسئول من أجل الحول دون حصول تصعيد في مناخ إقليمي متوتر".