بعد نجاته من مذبحة الخصخصة، التي طالت معظم مصانع وشركات القطاع العام التي أطلقها الرئيس المخلوع حسني مبارك، أصبح مصنع ادفينا للأغذية المحفوظة بدمياط الوحيد الذي يقوم بهذا العمل ويتبع القطاع العام للدولة. حيث إن مصنع إدفينا للأغذية المحفوظة بعزبة البرج بدمياط، تم إنشاؤه في عام 1960 في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، في نفس التوقيت تم بناء مصنعين يحملان نفس الاسم، الأول في الإسكندرية، والثاني في بورسعيد، وكان الهدف من بناء الثلاث مصانع، الاستفادة من البيئة المحيطة ومنتجاتها، مثل الأسماك التي يتم صيدها من البحر الأبيض المتوسط وتصنيعها وتعبئتها وبيعها، وأصبحت هذه المصانع الركيزة الأساسية للأغذية المحفوظة التي يتم توريدها للقوات المسلحة والتصدير أيضًا إلى عدد من الدول العربية والأوروبية. وتبلغ مساحة المصنع التابع للشركة القابضة لقطاع الأعمال حوالي 11 ألف متر يقام عليها ثلاثة مصانع لإنتاج مسحوق بودرة الأسماك، ومصنع لإنتاج الثلج وآخر لإنتاج وتعبئة الأسماك، ويحتوى المصنع على7 ثلاجات لحفظ المنتجات الغذائية بواقع 500 طن لكل ثلاجة، تعتمد في صيانتها على تواجد مكابس تبريد تكلفتها مليون جنيه لكل مكبس، إلَّا أن المصنع متوقف عن الإنتاج منذ 7 سنوات، ويعاني العمال من ضعف الإمكانيات بالمصنع، الذي يقتصر العمل فيه على وحدة تعليب المنتجات التي تصل من مصنع إدفينا بمدينة الاسكندرية. ويفتقد المصنع لغلايات ومكابس تبريد وأجهزة تعقيم المنتجات، إضافة إلى مشكلة استئجار الأرض من مجلس المدينة بعزبة البرج، وكان المصنع يعتمد على السالمون المجمد المستورد من الخارج، أما الآن فمعظم العمل يعتمد على تعليب المنتجات الواردة من مصنع الإسكندرية، خاصة الفول والفراولة والجزر والبسلة، حيث نعمل بها طيلة العام وتعليب الأسماك يكون شهر فقط في السنة. والمصنع رغم كونه من أهم مصانع تعبئة الأسماك في مصر إلَّا أنه يعاني من وجود ماكينات وآلات تم شراؤها منذ عام 1972 أي منذ حوالي أربعين عامًا، مما أدى لتهالكها وعدم صلاحياتها للعمل . يقول المهندس محسن محمد أبو عمر، مدير عام مصنع إدفينا بدمياط: إن مصنع إدفينا فرع دمياط بعزبة البرج هو فرع من فروع شركة إدفينا للأغذية المحفوظة، ومركزها الرئيس بالإسكندرية، وهو متخصص في تعليب الأسماك وإنتاج المسحوق السمكي، وبعد تعثر استيراد الأسماك وعدم وجود آلية للاستفادة من الأسماك التي يصطادها أسطول عزبة البرج، ما أدى إلى ضعف إنتاج الأسماك المعلبة، وتم تعديل خطوط الإنتاج من أجل تشغيله، بجانب إلى ما سبق في إنتاج وتغليف الفول المدمس، حال عدم وجود أسماك مستوردة للتصنيع، وأيضًا إنتاج وتجميد وحفظ الخضروات، مثل الباميا والفراولة والجزر، وتم التعاقد مع بنك الطعام المصري على تصنيع خضار باللحم لصالح بنك الطعام، ووصل عدد العمالة المثبتة بالمصنع بالفعل إلى 122 عاملة، بجانب 60 عاملًا بطريقة العقود المؤقتة، ويوجد بالمصنع أيضا 7 ثلاجات لحفظ منتجات الشركة، أو استغلالها بالتأجير سعة تخزينية بها للغير، والمصنع يعمل بكامل طاقته الإنتاجية، لكن فى حالة التعثر فى الحصول على مادة المازوت، والتي ما زلنا نعاني كثيرًا في الحصول عليها؛ لعدم توافرها بانتظام وارتفاع سعرها الذي بلغ 1500 جنيه للطن، وهذا يؤثر على إنتاجنا. أكد أسامة ناصف، مدير التشغيل بالمصنع، أن هناك مجموعة من المستشارين تخطوا سن الستين يسيطرون على الشركة القابضة،وليس لديهم أي فكر لتطوير الشركة والقفز بها إلى مكانة أفضل مما هي عليه الآن، معتبرهم عقبة في طريق تطوير هذه الشركة، مطالبًا بربط التعليم الفني بهذه المصانع للتدريب العملي؛ حتى تساعد على تخريج جيل على قدر كبير من التدريب، يتم الاستعانة به في العمل بالمصانع كعمالة مدربة بطريقة علمية، كما كان يحدث من قبل، حيث كان مصنع ادفينا ومصنع الغزل والنسيج مثلًا يستقبلان طلبة المدارس الفنية للتدريب والاستعانة بالمتميزين منهم بالتعيين في المصانع. وطالب بتدريب العمال وتثقيفهم وكذلك تحديث الآلات، وتوفير سيولة لتحديث المصنع، على أن يساهم العمال في التحديث، حتى ولو باكتتاب، وتفعيل دور النقابات مع مجلس الإدارة، مشترطًا حصول من ينضم للنقابات العمالية على شهادة الإعدادية على الأقل، كذلك زيادة الأجور بحيث تكون متساوية مع جميع قطاعات الدولة، بكادر يطبق على الجميع وتساوى العلاوات الاستثنائية، وطالب بتفعيل قانون ال5% لتعيين ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدًا أن كل الأضرار التي وقعت على مصانع الدولة منبعها واحد، وتراجعها جاء بمؤامرة على القطاع العام بأكمله. ويرى المهندس أيمن أبو العينين، إخصائي جودة أول، أن القطاع العام بشكل عام وادفينا بشكل خاص يعاني من سوء الإدارة، فمثلًا المصنع كان يستورد أسماكًا من الخارج، من أمريكا والمغرب ومن الأسطول الروسي بالعملة الصعبة، ونحن نستورد أسماكًا معينة فقط هي التي تصلح للتعليب، مثل "السردين الماكريل والتونة" ويقول: تقدمت باقتراح لعمل خط للتونة، كونها متوفرة، ويصطادها أسطول عزبة البرج وله سوق ضخم وستكون إحدى مصادر الربح للشركة، لاسيما أننا نستورد كميات محددة في أوقات محددة فقط، وتستنزف الكثير من العملة الصعبة، واقترحت عليهم أن يجهز المصنع "تنظيف أسماك" محلية، وتعبئتها وتجميدها بثلاجات موجودة داخل المصنع حاليًا تعمل لمدة 24 ساعة حتى فى فترة التوقف، مثل الجمبري والمرجان والبربوني وخلافه، ففي الإمكان أن نستغني عن هذا الاستيراد ونعمل فى تجهيز الأسماك بكل أنواعها، التي يصطادها أسطول دمياط للصيد ويمثل 65% من أسطول الصيد بمصر، ويباع هذا الإنتاج مجمدًا إلى فنادق وقرى مصر السياحية، بأثمان أرخص من التي يباع بها الآن، خاصة أن إنتاجنا سيكون مطابقًا لمواصفات الجودة الغذائية، وهذا يفيدنا في عدة أمور، الأمر الأول أننا سنعمل طوال السنة وبخطوط إنتاج أكثر؛ لأن صالة الإنتاج غير مستغلة بالكامل، وهي عبارة عن أكثر من فدان ونصف، ثانيًا سيعمل في المصنع عمال أكثر من المتواجدين حاليًا، ثالثًا سنبيع أرخص من السوق؛ لأننا سنشترى بالجملة وسنستفيد من أسطول عزبة البرج، رابعًا لن نستورد أسماك بالعملة الصعبة. أيضا نعمل في "الفراولة" فهي لا تحتاج في تصنيعها إلى طاقة "تشغيل الغلايات" وتصنيع الفراولة يحتاج خطوتين فقط لا غير، الغسيل للتخلص من الرمال الموجودة بالفراولة، والتجميد، فلو ركزنا على هذا التشغيل فقط سنصنع 20 طنًّا يوميًّا، والموسم 4 شهور، والمعلومة المهمة لو تم تصدير هذا المنتج مجمد يصل ربح كيلو الفراولة إلى 20 جنيهًا. عم سيد عباس حسين يعمل فى المصنع من سنة 1963 ورغم خروجه على المعاش، إلَّا أنه يعمل رئيس عمال لقسم تغليف العلب باليومية، لخبرته الطويلة فى هذا المجال، وعن الفارق بين المصنع الآن وقديما يقول: إن المصنع كان يعمل 3 ورديات فى الستينات، وكان يعتمد على السردين، والآن يعمل وردية واحدة، فى أكثر من معلب، مثل اللحوم والفول والأسماك، والجوافة والبامية، ومنذ 10 سنوات بدأت مذبحة المعاش المبكر للعاملين فى المصنع، وهذا ما أضر بالمصنع؛ لأنه حدث تفريغ للخبرات. ويضيف عم سيد عباس أن من ضمن الأضرار التي لحقت بالمصنع إغلاق مصنع العلب الملحق بالمصنع، الذي كان يكفي المصنع من العبوات المطلوبة، خاصة الصفيح بكل مقاساته، وتم تسريح العمالة التي تدربت لسنوات واكتسبت خبرات عالية. ويظل مصنع الأغذية المحفوظة ادفينا بعزبة البرج شاهدًا على الفساد الذي طال مصانع وشركات القطاع العام، فبعد أن كان يعمل به ما يقارب 1800 عامل فى ثلاث ورديات على مدار الساعة، أصبح الآن يعمل وردية واحدة بحوالي 120 عاملًا مثبتًا، بالإضافة إلى حوالي 60 عاملًا بنظام العقود المؤقتة.