أثار قناع الملك توت عنخ أمون في المتحف المصري، جدلا واسعا داخل الوسط الأثرى، حيث نفت وزارة الآثار ما يتردد من أخبار عن تشويه للقناع، وطالب ممدوح الدماطي، وزير الآثار، بتحرى الدقة عن الأخبار التى تنشر عن الأمر. من جانبه، نفي غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للصيانة والترميم، وجود أي مشكلة في قناع توت عنخ أمون، مؤكداً أنه سليم بنسبة 100%، ومشيراً إلي أنه قام بتشكيل لجنه من أربع شخصيات لتقييم الترميم الذى تم بالقناع، وخلال ساعات ستقدم اللجنة تقريرها على وجه السرعة. على الجانب الآخر، حصلت "البديل" علي مستند يؤكد حدوث تشويه لقناع توت عنخ أمون، وهي مذكرة رفعت لمدير عام المتحف فى شهر أكتوبر الماضى 2014 توضح وجود اعوجاج فى ذقن القناع، وكذلك وجود مادة لاصقة بشكل ملحوظ ومبالغ فيه حول الذقن. وقال أحمد شهاب، نائب رئيس جمعية رعاية حقوق الأثريين،إن المذكرة ليست الأولى التى تفيد بوجود اعوجاج بالدقن، إضافة إلى وجود مادة لاصقة "الايبوكسى" بشكل ملحوظ، ما ينم عن عدم دراية بماهية القناع وتركيبه، وأن المصرى القديم كان يستخدم أسلوب الفك والتركيب الذى يشبه الباذل، ولم يستخدم أسلوب اللصق. كما طالب أسامة كرار، منسق الجبهة الشعبية للدفاع عن الآثار، بضرورة تشكيل لجنة من خبراء أثريين في العالم؛ للكشف عن القناع، هل هو الأصلي أم لا؟ حتي يطمئن قلبنا، مؤكدا أن الإهمال في وزارة الآثار لا حدود له. فى السياق، قالت سالي سليمان، مرشدة سياحية وصاحبة مدونة البصارة المهتمة بالآثار في مصر، إن نص شهادة المعاينة التي جرت بواسطة الدكتور محمد فهمي حسين للقناع الذهبي للملك توت عنخ أمون، أظهرت تعجنات غليظة بالجانبين الأيمن والأيسر سمكها يزيد عن واحد سنتيمتر لمادة بارزة شبه كروية "مبططة" متصلة ببعضها وكأنها لمادة لاصقة عضوية غير فلزية البريق لها لمعان البلاستيك "أى أنها كانت لمادة لاصقة سائلة تحولت مع التعرض للهواء إلى مادة صلبة كما يحدث فوراً لمادة سائل "أمير" وهو من مواد راتنيحات "إيبوكسى". وأكدت "سليمان" أن المادة اللاصقة متواجدة أعلى الجزء الخلفى من اللحية الاصطناعية نحو صدر القناع بأعلى حلقة ذهبية أصلية، سمكها نحو نصف سنتيمتر من الأمام وأكبر سمكاً بالخلف، واصلة ما بين قاع الذقن العادية وأعلى اللحية من الخلف، وتظهر تلك التعجنات الخلفية فى شكل نتوءات غير منتظمة ناتجة عن غزارة المادة السائلة اللاصقة المستعملة فى التثبيت من جهة خلف اللحية الاصطناعية بعد انخلاعها، مما يدل على شدة حماقة من قام بتثبيت اللحية بعد انخلاعها، مضيفة أن المعاينة أظهرت أيضاً أثار "سحجات" ناعمة عند أعلى الحلقة الذهبية المذكورة فى البند السابق رقم (1)، مما جعل هلالاً سمكه نحو نصف سنتيمتر يظهر بأسفل الذقن العادية نحو من يشاهد القناع من الأمام. وتابعت: «انطفئ بريقه الفلزى الذهبى المعتاد فى الذهب المصقول على عكس حال الخدود وأنف القناع الذهبى المصقولين منذ الأزل، مما يدل على أحد احتمالين أولهما أن يكون من ثبت اللحية المخلوعة لجأ لاستخدام ورقة صنفرة لكى يجعل المادة اللاصقة ترتبط باللحية المخلوعة فلا تنزلق عند ضغطه بيده على اللحية الاصطناعية لتثبيتها بأسفل الذقن العادية أثناء محاولته إجراء التثبيت الأحمق، وثانيهما أن من ثبت اللحية أراد إزالة الزيادة من المادة اللاصقة من الأمام بعد صبها فوق اللحية المخلوعة وبأسفل الذقن العادية؛ لكى يخفى الجريمة من الجزء الأمامى لذقن القناع فحدث أن تجاوز فى إزالته للزيادة من المادة اللاصقة، فاختفى بريق الذهب المصقول فى هذا الهلال». واستطردت: «الوضع الرأسى الذى كان بزاوية 90 درجة مضبوطة تماماً للحية الاصطناعية، فُقد إلى الأبد فصار عمود اللحية يظهر الآن بزاوية نحو 80 درجة، أى أصبحت اللحية الاصطناعية تميل جهة يمين من يشاهد القناع من الأمام بزاوية 80 درجة من جهة يسار القناع الذهبى ذاته»، لافتة إلى أن تقرير المعاينة أكد أن الإضاءة بالفعل ضعيفة، فقد لاحظت وجود عدد 18 لمبة "ليد" صغيرة ضعيفة الإضاءة للغاية موجودة فى قاع الصندوق الزجاجى المحيط بالقناع الذهبى من الداخل ومنهم واحدة محروقة وثلاث لمبات مستبدلة بلمبات أكبر حجماً بكثير من بقية اللمبات، مما يدل على تكرار فتح وإغلاق الصندوق الزجاجى بشكل عبثى دون مبرر. وأوضحت "سليمان" أن نصف عدد اللمبات والكشافات الضوئية القوية المثبتة على عوارض معدنية سوداء فى السقف الأسود لصالة عرض القناع هى لمبات وكشافات محروقة أو مفصولة التيار عن عمد دون أى سبب واضح، ولا يعرف أحد سرّ فتح الصندوق الزجاجى لتنظيف القناع من أصله، فالصندوق يعزل القناع عن الأتربة العالقة فى الهواء، لافتة إلى أن صالة العرض والدور الثانى بالمتحف وبها أهم مقتنيات توت عنخ أمون، خالية بالكامل من الحراسة مما يعنى أن أى شخص أو طفل مجنون بوسعه تحطيم أى صندوق وتخريب الرقائق الذهبية للأقراط والعقود وغرف الدفن الثلاثية الذهبية المتراكبة فى أى لحظة لغياب الحراسة. وطالبت "سليمان" بمحاكمة وزير الآثار وكل المسئولين؛ لأنه نفى ما حدث دون أن يشاهد بنفسه، لكن الدلائل تقول إن كارثة الخلع واللصق قد حدثت فعلاً وتمت محاولة إخفاء معالمها.