فتاة جامعية تحدث صدمة للمجتمع بارتدائها فستان زفاف أبيض، وتسير بوسط البلد رافضة شعار "البنت مسيرها الجواز فقط". العادات والتقاليد التى صنعتها أجيال أصبحت تحت التراب، ولكن ما زالوا يتحكمون في الأحياء بأفكار بالية أصبحت مصبوغة بقداسة الدين الذى لا يخالف، ولكن فى وسط الظلام هناك إضاءات تكسر ذلك الجمود والقوالب والتنميط التى تواجه المراة المصرية. هى سماح حمدى فنانة تشكيلية خريجة قسم ديكور وأزياء مسرح من كلية الآداب جامعة حلوان، قررت أن تغرد خارج السرب من خلال تطبيق عملي لإحداث صدمة بالغة التأثير على المجتمع.. نزلت الشوارع مرتدية فستان زفاف أبيض، لتختصر به كل التنميط الذى يضع المرأة فى قالب الزوجة والأم فقط. تحكى سماح حمدى عن تجربتها الفنية قائلة إنها ابتكرت فكرة مشروع الإعداد للحصول على الماجستير من خلال تقديم عمل فنى متصل بفن الأداء، موضحة أن إحدى سمات هذا الفن هي أن يلغى الفواصل بين الواقع والفن، أو الفن والحياة، وقررت من خلاله تقديم نقد لنموذج اجتماعى صارخ وصادم للجمهور، وهو ارتداء فتاة لفستان فرح وتجوالها بالشوارع وممارسة حياتها الطبيعية. وأضافت أن المشروع الفنى الذى تحول إلى فيلم تحت عنوان "القولبة" استهدفت منه انتقاد كافة التابوهات التقليدية والصور النمطية التى يرسمها المجتمع للفتيات، وحصر أدوار الست فى مجرد فستان أبيض والحصول على لقب "متزوجة". وأوضحت أنها أرادت من خلال العمل الفنى تحقيق صدمة للمجتمع، بأن ترتدى له فستان زفاف، وتعكس معاناة الفتيات فى مصر اللاتي يلغى المجتمع كيانهن لمجرد أنهن غير متزوجات، وأنها اتخذت من فستان الزفاف نموذجًا معبرًا عن كل الأفكار والأدوارالتقليدية التى تحصر المرأة المصرية، والتى هي مطالبة دائمًا بأن تؤديها لإرضاء هذا المجتمع، سواء الأسرة أو الجيران أو الأقارب. وأضافت أن مطالبة الفتاة بالزواج وجمل مثل "عايزين نفرح بيكى، شدى حيلك واتجدعنى بقى، عايزين نشوفك بالفستان الأبيض، عايزين نشيل عيالك قبل ما نعجِّز، هى الست إيه غير بيت وعيال؟"، وغيرها من الجمل التى تضطر أى فتاة للاستماع إليها، خاصة بعد مرحلة عمرية معينة فى مجتمع يبيح زاوج القاصرات من سن 12 عامًا، فمن الطبيعى عندما تتأخر الفتاة فى الزواج عن 20 عامًا، يتم تسميتها بأنها "عانس"، وأنها لو تأخرت فى سن الزاوج تبدأ الهمسات السيئة من البنت "لازم يكون فيها حاجة أو معيوبة أو وحشة" أو أى سبب يرتكن إليه الأهل أو الجيران أو الأصدقاء. فسرت حمدى إصرار المجتمع على إجبار الفتاة على ارتداء فستان الزفاف فى سن معينة بأن "الناس اللى بيلوموا الفتيات عايشين فى خيبة، وما تم اجبارهم عليه يقومون بتصديره للآخرين، وعشان ما يحسوش إن هناك بنت لديها إرادة واستطاعت أن تقول لا ورافضة هذا التنميط". وأضافت أن الإعداد لمشروعها الفنى والتحضير استغرق سنة وشهرين منذ 2013، أما التنفيذ والتصوير بالشارع فاستغرق 3 أيام، بدأت تجوب فيها المترو بفستان الفرح ثم شوارع وسط البلد والهرم والمهندسين، وأنها لم تتمكن من النزول من بيتها بفستان الفرح، فكانت ترتديه فى أحد الكوافيرات، وكانت تجوب بالفستان فى الشارع وكأنها ترتدى ملابسها العادية، وتتنقل به فى كافة مشاويرها الاعتيادية اليومية. وأعربت عن أنها من خلال مشروعها الفنى تمكنت من التعبير عن مشكلات بنات كثيرة ما زالت تعانى، فهى شخصيًّا تعانى من بعض الضغوط المجتمعية، معربة عن أن أسرتها استقبلت العمل الفنى بتشجيع كبير. أما عن أبرز المواقف التى تعرضت لها اأناء السير بفستان الزفاف، فتقول سماح حمدى إن بعض الناس فوجئوا، وحدثت لهم صدمة، حيث ظلوا محملقين فيها فقط، واكتفوا بالمشاهدة، ولكن هناك بعض الفتيات فى إحدى عربات المترو قمن بعمل زفة ومواساتها؛ لاعتقادهن أن عريسها تركها. أما الباعة الجائلون بوسط البلد فكانوا أكثر ابتذالاً من خلال تعليقاتهم، ومنها "هو انتى عروسة المولد؟! هو سابك ومشى ولا إيه؟!"، وغيرها من التعليقات السخيفة. وأشارت إلى أن بعض المواطنين اعتقدوا أن زميلها المصور المساعد لها فى تنفيذ المشروع هو العريس، وأنه يطاردها بالكاميرا أثناء تصويرها لهذه المشاهد المختلفة فى الشوارع. وبسؤالها عن استفادتها من التجربة التى خرجت بها من العمل الفني، قالت "إن كل فتاة عليها ألا تنصت لوصايا الآخرين والعادات والتقاليد وغيرها من الصور التى يريد المجتمع أن يراها فيها، فهى حتى بعد ما ارتدت فستان الزفاف لم ترضِ هؤلاء الناس، فهو ينتقصون من كيان المرأة، وعليهم أن يعيشوا بأمراضهم، وألا يكون لهم تأثير على طموح الست المصرية فى العمل والنجاح". وأشارت حمدى إلى أن هذه الضغوط ليست سببها التربية والتنشئة، بل الخطاب الدينى والثقافى الذى يتبناه المجتمع تجاه النساء، والنظر إليهن فى مرتبة أقل وليست على قدم المساواة مع الرجل، والنظر إلى الرجل على أنه فى مرتبة أعلى عن الأنثى، وأن النساء مجرد جسد فقط، وينحصر دورها المجتمعى من خلال أدوارها البيولوجية من الحمل والإنجاب وتربية الأطفال. وأوضحت أن مدة الفيلم 5 دقائق و16 ثانية، وحصل على جائزة الشهيد أحمد بسيونى عن صالون الشباب فى ديسمبر 2014 من بين 300 عمل فنى آخر تتعلق بالفنون التشكيلية من جداريات ونحت.