بدأ الرئيس الفنزويلي "نيكولاس مادورو" جولة دولية خلال الأيام القليلة الماضية، تضمنت عدد من دول الشرق الأوسط وآسيا، حيث كان العنوان الرئيسي لهذه الجولة "البحث عن حل لأزمة انخفاض أسعار النفط"، لا سيما وأن فنزويلا تُعد من أكثر الدول تضررا من هذه الأزمة التي عصفت بالبلاد وتؤثر بشكل فعال على الاقتصاد الفنزويلي. إيران كانت أولى الدول التي بدأ منها "مادورو" جولته الدولية من أجل البحث عن مخرج لأزمة انخفاض أسعار النفط، ثم أعقبها بزيارة السعودية والجزائر ومن ثم الانطلاق نحو روسيا، في محاولة لتقريب وجهات النظر لحل هذه الأزمة، مؤكدًا خلال زياراته على ضرورة منع استعمال النفط كسلاح لإخضاع الدول، بعد انهيار الأسعار في السوق العالمية التي بدأت تؤثر على الدول المصدرة. بشكل قوي تعتبر فنزويلا أولى ضحايا تدهور أسعار النفط، حيث تتجه وبعجلة متسارعة نحو الإفلاس في العام الجديد 2015، وحسب بيانات أعلنها البنك المركزي الفنزويلي قبيل نهاية العام 2014، بلغ معدل التضخم 63.6% وتباع العملة الفنزويلية "بوليفار" في السوق السوداء بأكثر من 20 ضعفاً من سعرها الرسمي، كما تواجه الحكومة صعوبات متزايدة في تلبية احتياجات المواطنين من السلع الأساسية، وبلغ سعر "بوليفار" في السوق السوداء، 173.6 بوليفارا للدولار، وبهذه الصعوبات يتوقع محللون أن يدخل الاقتصاد الفنزويلي في مرحلة الركود خلال العام الجاري، بعد انكماشه للربع الثالث على التوالي. وأعلن البنك المركزي الفنزويلي أن الاقتصاد تقلص بنسبة 2.3% خلال الربع الثالث من العام الماضي، وحسب إحصائيات معهد التمويل الدولي الأخيرة، فإن فنزويلا تخسر نحو 800 مليون دولار سنوياً، مقابل كل دولار يخسره برميل النفط. وحثَّ مادورو دول الشرق الأوسط التي زارها إلي وضع آلية لعودة أسعار النفط إلي معدلاتها الطبيعية، وخلال زيارته إلى طهران، أعرب روحاني لمادورو عن أمله في نجاح التعاون والتنسيق بين البلدين ووقف تدهور أسعار النفط ورفعه إلى مستويات منطقية في 2015 وبعد انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية منذ النصف الثاني من العام الماضي ، كان من المتوقع من الدول المنتجة للنفط خفض حجم إنتاجها من النفط لإرساء توازن في الأسواق بين العرض والطلب، لكن دولا منتجة للنفط في مقدمتها السعودية والإمارات والكويت لم تخفض الإنتاج، ويرى بعض الخبراء أن الهدف من تدني أسعار النفط هو توجيه ضربة إلى منتجي النفط الصخري في الولاياتالمتحدة، لكن غيرهم يعتقد أن هبوط أسعار النفط يرمي إلى توجيه ضربة إلى الاقتصاد الإيراني والروسي. ومن الطبيعي أن تبقى اقتصاديات الدول المنتجة للنفط مثل الكويت والإمارات في منأى من آثار الأزمة، نظرا لارتفاع حجم الاحتياطي النقدي، بجانب كبر حجم ميزانيات تلك الدول، لكن دول مثل إيرانوروسياوفنزويلا، تتأثر بأسعار النفط المتدنية التي تساهم في بروز مشاكل علي مستوي الاحتياطي من العملات الأجنبية. وفي معرض الحرب النفطية المشتعلة بين دول الأوبك ، ظهر وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه، مؤكداً بأن ما حدث كان "مؤامرة سياسية"، وأوضح بأن دولاً خليجية قادتها وضغطت على أوبك لإبقاء الإنتاج من دون تغيير عند 30 مليون برميل يومياً، في حين يقول محللون بالسعودية إن المملكة تعمل على ضرب شركات النفط الصخري الأمريكي المنافس الرئيسى لها في إنتاج النفط. وبحسب خبراء اقتصاد، فإن حرب النفط الدائرة بين دول الخليج وأمريكا من جهة وإيرانوروسيا من جهة أخرى، ستشتعل أكثر خلال الأسابيع المقبلة، في ظل تهاوٍ مستمر للأسعار، وهو ما يفاقم الأزمات على الجميع، ويفتح باب الحرب النفطية الدولية على مصراعيه.