قالت دائرة الأرصاد الجوية، أنَّ منخفضاً جوياً سيصل الخميس المقبل، حيث سيبدأ تساقط الأمطار المصحوبة بعواصف رعدية وستستمر حتى الجمعة والسبت المقبلين. وتوقعت أن تشتد الأمطار يوم الأحد، من شمالي فلسطيني المحتلة حتى النقب وقطاع غزة، حيث أنَّ هناك خشية من حدوث سيول في المناطق المنخفضة، كما سيكون الجو ليلاً شديدَ البرودة. هذا وقد أثار المنخفض الجوي الذي يعصف بالأراضي الفلسطينية مخاوف العديد من أهالي قطاع غزة الذين يستقبلون هذا المنخفض وسط الكثير من الأوضاع الإنسانية الصعبة التي خلفتها الحالة السياسية الفلسطينية والعدوان الاسرائيلي الأخير، ففي كل منطقة من مناطق القطاع تستطيع ملاحظة الاستعدادات البسيطة التي يحاول الغزيون من خلالها حماية أنفسهم من البرودة الشديدة التي قالت الأرصاد أنها ستصل درجة الصفر مئوية، إضافة إلى سرعة الرياح التي تجاوزت السبعين كيلومتراً في الساعة. فريق البديل في غزة توجه إلى بعض المناطق المنكوبة، كمنطقة خزاعة جنوب القطاع على سبيل المثال والتي نزح عدد كبير من أهلها إلى الكيبوتسات والكرافانات التي سرعان ما تسبح في المياه بعد أول زخة للأمطار. كانت خزاعة قد تعرضت للغرق أول فصل الشتاء وأغرقت المياه جزءً من الكرفانات والخيام وآثاث المواطنين، وقامت عقبها البلدية بوضع سواتر ترابية حتى لا يتكرر المشهد، إلا أنَّ المواطنين يتخوفون مع قوة المنخفض وازدياد الأمطار أن لا تقوى تلك السواتر على حمايتهم، وحينها يحدث ما لا يُحمد عقباه. ووصف أهالي المنطقة لمراسل البديل الوضع بالكارثي، حيث قال أسامة النجار أنَّه رغم استعدادات الطواقم والدفاع المدني لهذا المنخفض، إلا أنَّ البنية التحتية المدمرة للمنطقة لن تسمح للسكان بأن يكونوا في مأمن عن مياه الأمطار التي قد تغرق المنطقة بأكملها، وأضاف النجار: "نحن لا نستطيع النوم خوفاً من أن تغرقنا الأمطار ونحن نائمين، لا نريد موتاً جديداً، أريد لأطفالي السلامة، وهذه البيوت لن تحمينا من أي شيء، إضافة إلى مشاكل الكهرباء والمياه التي لا تنتهي، ليس لدينا المقدرة على مواجهة هذه الظروف ولا هذا البرد القارس". متمنياً أن تمر هذه الأيام دون فقدان واحدٍ من أطفاله أو أطفالٍ آخرين. أما عن رولا الشامي التي تسكن حي الشجاعية شرق مدينة غزة، فقد عبَّرت عن قلقها إزاء المنخفض الذي يضرب بالمدينة، قائلة: "فصل الشتاء هذا العام صعب للغاية، خصوصاً بعد الحرب الأخيرة، منزلنا و منزل أخي بالطابق العلوي أصيبا بعدد من القذائف أثناء الحرب وأصبح هناك عدة فتحات بالسقف والجدران التي أصبحت تدخل المياه إلى المنزل وتسبب الضرر للأثاث المدمر أصلا من القذائف. واليوم في الشتاء يترك أخي بيته ويعيش معنا في منزلنا الذي تعرض للضرر أيضاً ولكن بشكل أقل، حياتنا صعبة.. الشوارع مدمرة والمياه تتجمع فيها ونجد صعوبة في الخروج حتى لنجلب احتياجاتنا اليومية". وعن حالتهم في البيت، تابعت رولا: "الجميع يتجمع في غرفة واحدة كباراً وصغاراً وانقطاع الكهرباء زاد الأمر سوءً، ونخشى من أن تأتي الكهرباء وتحرق البيت كما فعلت في بيوت أخرى". وطالبت رولا كافة المسؤولين بأن يقومو بمهامهم من أجل خدمة أبناء الشعب. مختتمة حديثها بالقول: " بيكفي لإنه اللي فينا بيكفينا". عايشة رزق 21 عاماً من حي التفاح قالت أيضاً شهادتها للبديل: "أنا طالبة جامعية وهذه أيام صعبة بسبب بدء الامتحانات النهائية وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، ولا تأتي إلا أقل من أربع ساعات والظلام يحلُّ باكراً. لا نستخدم الشموع لأن البيت فيه اطفال صغار ولا نستطيع شراء أجهزة التوليد UBS لأن ثمنه مرتفع، والدي يعمل في الحكومة بغزة ولم يتلقي راتبه منذ حوالي 7 شهور وأجواء البرد صعبة جداً، حين أكون في غرفتي أفكر بالذين فقدوا بيوتهم والآن يعيشون في المدارس والكرفانات والخيام فوضعهم صعب جداً ولا أحد يهتم لأمرهم، وكأنهم عاشوا الحرب وحدهم". وأضافت عايشة: "أتمنى ألا تحدث أزمة كما العام الماضي وأن لا تغرق الشوارع والبيوت وتجدد معاناة الناس". من جهته أكَّد وزير الأشغال العامة والإسكان الدكتور مفيد الحساينة على جاهزية الوزارة للتدخل في طوارئ المنخفض الجوي، موضحاً أنَّ غرف الطوارئ في مديريات الوزارة قد باشرت عملها منذ مساء أمس الثلاثاء بحيث تم فحص جاهزية الآليات للمرة الأخيرة وتزويدها بالديزل وفحص كاسحات الثلوج والتنسيق مع أصحاب الآليات في القطاع الخاص كل في محافظته لاستخدامها حسب الأصول. وناشد الوزير الحساينة المواطنين التزام منازلهم وعدم الخروج إلا لحالات الضرورة القصوى حتى تتمكن فرق الطوارئ من توفير الخدمة الأفضل والتدخلات المناسبة دون أيِّ أعاقة، وستقوم الوزارة بموافاة الإعلام بتقرير يومي عن حالة الطرق الرئيسية والرابطة وبين المدن والرابطة داخل المحافظات لكي يكون الجميع على اطلاع بأحوال الطرق. ورغم هذه الاحتياطات، إلا أنَّ حديث المواطن أسامة النجار كان قريباً من الحقيقة، حيث نقلت طواقم الاسعاف إصابتين إلى مجمع الشفاء الطبي نتيجة سقوط خزانات المياه عليهم في المنزل، لتكون هذه الحادثة أولى الأحداث التي قد تنتج عن المنخفض الجوي الذي أطلق عليه اسم "هدى"، عوضاً عن انقطاع الكهرباء في مناطق متعددة بسبب سقوط الأمطار على محولات الكهرباء. يُذكر أنَّ رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله قد هاتف اليوم مدير عام الدفاع المدني اللواء محمود عيسى، للإطلاع على الإستعدادات وجاهزية الدفاع المدني في مواجهة الطوارئ خلال المنخفض الجوي الذي يستمر تأثيره على الأراضي الفلسطينية، وذكر تقرير لإدارة العلاقات العامة والإعلام في الدفاع المدني أنَّ رئيس الوزراء ثمن جهود وعمل ضباط وأفراد ومتطوعي الدفاع المدني، مع الإشارة إلى أنهم نموذجاً في العمل والعطاء المتواصل رغم كل الظروف الصعبة بالإمكانيات المتاحة التي لم ولن تكون حاجزاً أمام عمل الدفاع المدني الذي يعتبر عملهم جزء من العمل الوطني والإنساني في أصعب الظروف.