تتصاعد التوترات خلال الأيام الجارية بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية بشكل ينذر بعواقب وخيمة على الطرفين ويظهر أن المواجهة بينهم قد اقتربت، خاصة بعد توجه السلطة الفلسطينية إلى المنظمات الدولية ومجلس الأمن، والتهديدات التي صدرت عن الاحتلال بعد تلك الخطوة. فشل مشروع القرار الفلسطيني لإنهاء الاحتلال في مجلس الأمن، نتيجة الضغوط الأمريكية التي تم ممارستها على الدول الأعضاء، بجانب استمرار إسرائيل في تهربها من عملية التسوية وفرض وقائع على الأرض أهمها التغول الاستيطاني وتهويد القدس، وقع الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" على 20 اتفاقية للانضمام إليها من بينها ميثاق روما والذي بموجبه تتمكن فلسطين من الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية ومحاكمة إسرائيل على جرائمها بحق الفلسطينيين. قررت إسرائيل احتجاز أموال الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية، والتي تقدر بنصف مليار شيكل، رداً على توقيع فلسطين على ميثاق روما وطلبها الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي، ونقل الموقع الالكتروني لصحيفة "هآرتس" الصهيونية، عن أحد المسئولين الإسرائيليين، إن الأموال عن شهر ديسمبر الماضي كان سيتم تحويلها يوم الجمعة لصالح السلطة الفلسطينية، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" اجتمع ببعض المسئولين، وقرروا تجميد هذه الأموال، كجزء من الرد الإسرائيلي على الخطوات الفلسطينية الأخيرة. تعتمد السلطة الفلسطينية على أموال المقاصة في تسيير أمورها خاصة رواتب الموظفين، ويشكل احتجازها أزمة على صعيد الرواتب ومؤسسات السلطة، وليست هذه المرة الأولى التي تجمد فيها إسرائيل التحويلات الشهرية، ففي ابريل 2014، فرضت عقوبات مماثلة بعدما تقدم الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" بطلبات انضمام لعدد من الاتفاقات والمعاهدات الدولية. أكد كبير المفاوضين الفلسطينيين "صائب عريقات"، أن القرار الاسرائيلي القاضي بتجميد تحويل ضرائب بقيمة 106 ملايين يورو لحساب السلطة الفلسطينية، جريمة حرب اخرى، ووصف القرار ب "القرصنة"، وقال "عريقات" "قبل بضع ساعات، أبُلغنا بشكل غير رسمي أن حكومة إسرائيل قررت عدم تحويل عائداتنا، التي هي وفقا للاتفاقات الموقعة، عائدات تجمعها إسرائيل نيابة عنا، وهي ملزمة بنقلها لنا"، وأضاف، أن الاحتلال الاسرائيلي يمارس القرصنة ضد القانون الدولي، مشيراً إلى أن "ما تم حجبه ليس مساعدات خيرية إسرائيلية للشعب للفلسطيني، لكنها أموالنا، وهي حق لنا"، مؤكداً أن "الفلسطينيين لا يتنازلون أمام الضغوط الاسرائيلية، ولن يوقفنا هذا الإجراء، سنواصل مسيرتنا نحو دولة مستقلة عاصمتها القدسالشرقية". في المقابل، هددت إسرائيل بفرض المزيد من العقوبات ضد السلطة الفلسطينية، قائلة إن قرار تجميد أموال عائدات الضرائب الفلسطينية لم تكن إلا خطوة أولية، وطالبت الولاياتالمتحدة بوقف المساعدات المالية المقدمة إلى السلطة في حال استمرت في توجهها للمحكمة الدولية في لاهاي. نقلت صحيفة "هآرتس" عن موظف إسرائيلي رفيع المستوى قوله، "إن قرار تجميد أموال عائدات الضرائب لم يكن إلا رداً أوليًا، وأن "الرد الجدي والواسع سيأتي في وقت لاحق"، وأضاف أن طواقم من مختلف الوزارات ستلتقي هذا الأسبوع لبحث سبل فرض العقوبات، وفي أعقاب ذلك ستجتمع الحكومة الأمنية المصغرة "كابينيت" لإقرار عقوبات أوسع ضد السلطة الفلسطينية، وقال المصدر إن "إسرائيل لن تسكت على السلوك الفلسطيني". ومن بين العقوبات المتوقعة، تقديم دعاوى قضائية ضد شخصيات فلسطينية من قبل إسرائيل رسميًا أو منظمات مؤيدة لإسرائيل في مختلف دول العالم، ونقلت "هآرتس" عن المصدر ذاته قوله "إننا لا ننوي فقط الدفاع عن أنفسنا في الساحة الدولية أمام التصرفات الفلسطينية، وإنما سنقوم بالهجوم ولدينا ما يكفي من الذخيرة".