بنهاية عام 2013 وبداية عام 2014 شهدت مدينة المحلة المدينة الصناعية الكبرى صورًا عديدة لاحتجاج عمال مصانع غزل المحلة، وسادت حالة من الغضب والاستياء بين صفوف عمال الشركة الأم ومصنع السجاد ومصنع وبريات سمنود، وردد العمال أكثر من مرة هتافات "إضراب إضراب" حتى تحقيق المطالب التي اعترف بشرعيتها الجميع، إلا أنهم فشلوا في تحقيقها إلا بعد أسابيع عديدة من توقف ماكينات المصانع عن العمل. ودخل أكثر من 13 ألف عامل وعاملة من عمال شركة غزل المحلة فى إضراب عن العمل واعتصام مفتوح داخل مقر الشركة، وذلك للمطالبة بصرف الشهرين المتبقيين من الأرباح السنوية، وتطبيق الحد الأدنى للأجور على عمال الشركة، وإقالة فؤاد عبد العليم حسان رئيس الشركة القابضة. بدأ العمال إضرابهم في السابعة صباحًا مع خروج الوردية المسائية ودخول الوردية الصباحية، حيث أعلنت الوردية المسائية الإضراب والاعتصام، وانضمت إليها الوردية الصباحية؛ ليصل عدد العمال المعتصمين إلى أكثر من 13 ألف عامل وعاملة، وأكد العمال تعمّد رئيس الشركة القابضة ورئيس مجلس إدارتها المهندس إبراهيم بدير عرقلة صرف باقي مستحقات العمال من الأرباح السنوية وقيمتها 60 يومًا، والتي كان مقررًا صرفها في شهر نوفمبر الماضي، وأنه تم تأجيل الصرف لحين انعقاد الجمعية العمومية التي كان من المقرر عقدها في 27 نوفمبر من العام الماضي، وتم تأجيلها حتى عقدت في 27 ديسمبر 2013، وأقرت صرف الأرباح السنوية للعمال، على أن يتم الصرف في الأسبوع الثاني من شهر فبراير 2014، إلا أن إدارة الشركة لم تقم بصرف دفعة الأرباح بدعوى عدم وجود سيولة مالية، وفي مقابلة تمت بين رئيس الشركة القابضة ووفد من عمال الشركة، أكد لهم أنه لا يمتلك قرار صرف الأرباح، وأن القرار لدى وزير قطاع الأعمال العام المهندس أسامة صالح. واتهم العمال رئيس الشركة القابضة فؤاد عبد العليم حسان بعرقلة أيّة خطط لتطوير الشركة عن عمد، وذلك لوجود ثأر قديم بينه وبين عمال الشركة، حيث إنه كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة غزل المحلة، وقام عمال الشركة بإقالته عام 2007 في إضرابهم الشهير، كما طالب العمال بتطبيق الحد الأدنى للأجر الذي تم إقراره في القطاع الحكومي بواقع 1200 جنيه شهريًّا، حيث إنه تم استبعاد التطبيق في شركات قطاع الأعمال العام، بحجة أن دخل العامل يتجاوز هذا المعدل، في حين أن هناك الآلاف من عمال شركة غزل المحلة يتقاضون متوسط 500 جنيه شهريًّا، مطالبين بعمل جدول تدريجي لاستفادة كل عمال الشركة من الحد الأدنى شأنهم شأن القطاع الحكومي. وفى 20 /2/ 2014 دعا عمال شركة غزل المحلة كمال أبوعيطة، وزير القوى العاملة آنذاك، إلى تنفيذ 8 مطالب حتى ينهوا الإضراب، وذلك عقب الاجتماع الذي عقدته القيادات العمالية بالنادي الاجتماعي بالشركة، بحضور محمد الصباغ، وكيل وزارة القوى العاملة. كان على رأس المطالب الثمانية، التي أرسلها العمال ب «فاكس» للوزير «إلغاء القرار الذي أصدره رئيس الشركة القابضة باستمرار المفوض العام في منصبه وتعيين 4 مهندسين في مجلس إدارة الشركة، وإقالة المفوض العام وتعيين المفوض العام السابق المهندس إبراهيم بدير، وتعيين 4 يتوافق عليهم العمال في مجلس إدارة الشركة، لحين عمل انتخابات مجلس الإدارة، وإقالة فؤاد عبد العليم رئيس الشركة القابضة، في أول جمعية عمومية للشركة، في مدة لا تزيد على شهرين». كما شملت المطالب «تعهد الدولة بالالتزام بتطبيق قانون الحد الأدنى للأجور على عمال شركات قطاع الأعمال العام، ومنها شركة غزل المحلة، وتثبيت موعد صرف الأرباح السنوية على 4 دفعات، واحتساب أيام الإضراب أيام عمل كاملة الأجر لكل العاملين وضمان عدم ملاحقة العمال أمنيًّا وإداريًّا». وجرت بعد ذلك اتصالات داخل أروقة الحكومة، وأعطى رئيس الوزراء أوامر بعرض المطالب على الوزراء المعنيين بالأزمة ونظر مطالب العمال. وفى نهاية شهر فبراير أنهى عمال شركة المحلة للغزل والنسيج إضرابهم، الذي استمر 9 أيام، بعد استجابة أسامة صالح، وزير الاستثمار، لجميع مطالبهم التي تتمثل فى تشكيل لجنة لإدراج الحد الأدنى للأجور وتطبيقه على العاملين بالشركة، وتشكيل لجنة من القيادات العمالية لمساعدة المفاوض العام بالشركة، وتطوير وإعادة هيكلة المركز الطبي بالشركة وتزويده بسيارة إسعاف مجهزة، ووحدة رنين مغناطيسي، وأحدث الأجهزة الطبية. وسادت حالة من الفرحة بين العمال فور سماعهم الاتفاق، وتعهدوا بسرعة العودة للعمل لتعويض الأيام السابقة. وفى 5 مارس 2014 زار رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب بصحبة كل من وزراء التخطيط والقوى العاملة والتنمية المحلية والإدارية والأوقاف مدينة المحلة الكبرى، معقل العمال المصريين، والتي تحتوى على أكبر نسبة عمالة فى مصر؛ وذلك نظرًا لكثرة مصانعها وتنوعها، واستعرض محلب خلال هذه الزيارة المشاكل التى يواجهها العمال، وناقش كافة السبل لمحاولة علاجها، كما أكد محلب على أهمية العمال وجهدهم المستمر لمواصلة البناء والتعمير، إذ جاء فى كلمته التى وجهها للعمال أن الحكومة لا تحمل عصا سحرية، بل إن السر يكمن فى العمال ذات أنفسهم بجدهم وعملهم الدائم. كما أكد محلب فى كلمته أنه مع العمال قلبًا وقالبًا، وأنه لا مجال لتطبيق نظام الخصخصة عليهم، ونوه بأن وزيري الصحة والتربية والتعليم سوف يتوافدان على المحلة لمناقشة أوضاع وأحوال العمال، محلب أكد أيضًا على أهمية العامل المصرى، إذ إنه هو الأساس وليس عليه أن يتعلم من الإندونيسى أو الكورى. أما عمال مصنع سجاد غزل المجلة فقد قاموا بالتجمهر أكثر من مرة أمام مبنى إدارة شركة مصر للغزل والنسيج؛ للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة منذ شهر أغسطس الماضي، ودخل المئات منهم في إضراب مفتوح عن العمل، كما أضرموا النيران في إطارات الكاوتشوك وقطع من الأشجار أمام أبواب المصنع، مانعين السيارات من المرور؛ احتجاجًا على تجاهل الحكومة ووزارة القوى العاملة البدء في صرف أجور شهري أغسطس وسبتمبر، وناشد عمال المصنع الرئيس عبد الفتاح السيسي والمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء سرعة التدخل لإنهاء مشكلة صرف أجورهم من صندوق طوارئ القوى العاملة؛ كي يتمكنوا من قضاء حوائجهم، لافتين إلى أنهم يعانون من غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة. ومن جانبه أكد عبد الله زايد أحد القيادات العمالية بمصنع السجاد أن حالة من الغضب والاحتقان الشديدين قد اجتاحت زملاءه بسبب تجاهل الدكتورة ناهد العشري وزيرة القوى العاملة والهجرة مطالبهم، مؤكدًا أن العمال يعانون من تجاهل تام من قِبَل المسئولين بالدولة؛ مما قد يعرض حياه أبنائهم وذويهم إلى خطر التشرد والضياع بالشارع. 11 شهرًا بدون أجور بدأت مشكلة عمال مصنع وبريات سمنود في سبتمبر 2013، وتمثلت في توقف الإنتاج لنقص الموارد وعدم صرف الرواتب، واحتج العمال للمطالبة بحل أزمة المصنع من نقص المواد الخام، وضعف الموارد وعدم ضخ استثمارات جديدة لمواصلة العمل والإنتاج بعد فشل ممثلي الحكومة في اجتماع الجمعية العمومية للشركة في التوصل لحلول مع الحكومة، وهددوا بالاعتصام أمام مجلس الوزراء. يذكر أن بنك الاستثمار القومي يملك 52.5% من أسهم الشركة، فيما تملك وزارتا الأوقاف والتخطيط باقي الأسهم. ورغم قيام بنك الاستثمار بضخ 63 مليون جنيه و14 مليون أخرى ضمتها وزارة الأوقاف، فضلًا على دفع 40 مليونًا ديونًا متأخرة، إلا أنه لم يتم صرف المتغير الأساسي منذ سبتمبر، بالإضافة للأجر الأساسي الذي لم يتم صرفه منذ خمسة شهور ماضية. وعلى أثر ذلك قام العمال بالاعتصام بمقر الشركة في الثالت والعشرين من يوليو 2014، وحاصروا مكتب رئيس الشركة المهندس "أحمد ماهر"، احتجاجًا على رفضه صرف الأجر الأساسي والمتغير الذي قدمه العمال في مذكرة له لصرف مستحقاتهم كاملة قبل عيد الفطر. واستأنف العمال اعتصامهم بمقر الشركة مرة أخرى في العاشر من أغسطس، ولجؤوا إلى قطع طريق السكة الحديد لمدة نصف ساعة تقريبًا؛ للاستجابة لمطالبهم، وبعد عدة أيام من الاعتصام قام مهران فراج رئيس اللجنة النقابية للعاملين بشركة وبريات سمنود وأعضاء الشركة بالكامل بتقديم استقالاتهم من عضوية النقابة؛ احتجاجًا على عدم صرف الأجور وتقاعس اللجنة العامة للنقابة العاملين بالغزل والنسيج عن المناداة بحقوقهم المهدرة طوال الأشهر والسنوات الماضية. من جانبه قال هشام البنا أحد القيادات العمالية بالشركة إن العمال قاموا برفع دعوى للمطالبة بصرف اشتراكهم بالنقابة العامة طوال الأعوام الماضية، وهو مبلغ اثنين جنيه ونصف يخصم من مرتب كل عامل شهريًّا، دفعه العمال طوال فترة خدمتهم بالشركة، ولم يجدوا من النقابة إلا غلق الأبواب في وجوههم وقت الحاجة إليها على حد قوله، وأكمل أن العمال يواجهون ظروفًا صعبة، وطالب بضرورة الاستجابة لمطالبهم. ومع انتهاء عام 2014 يأمل عمال الغزل والنسيج بمدينة المحلة في مرحلة جديدة من تطور الطبقة العاملة المصرية في السياسات والقوانين وفي بنية الطبقة العاملة ووضعها في المجتمع وعلاقات العمل، والقدرات النضالية للعمال، سواء في نشاطهم النقابي أو في الدور السياسي للطبقة العاملة.