انخفاض أسعار النفط .. لعبة سياسية تقودها واشنطن بعد استقرار دام لأكثر من 5 سنوات لأسعار البترول، عقبها انهيار لأكثر من 50% من قيمتها لينخفض من115 دولارا إلى 57 دولار للبرميل، وتفاقمت الأزمة خلال اجتماع مجموعة «أوبك» المنعقد في فيينا بدولة النمسا، نوفمبر الماضي، وضم جميع الدول المصدرة للنفط، والمسيطرة على قرابة 40٪ من السوق العالمية. ويعود تراجع سعر البترول نظرًا لارتفاع الإنتاج مما أدى إلى زيادة المعروض مقابل المطلوب بالأسواق، مما يدفعنا لقراءة المشهد بأن أمريكا بالاتفاق مع شركائها قادوا عملية التلاعب بأسعار النفط من خلال استمرار زيادة الإنتاج ورفض ترشيحات « أوبك » للحفاظ علي سعر السوق، ليتفجر لدينا سؤال ما الأسباب الرئيسية المؤدية إلى تلك النتيجة ؟! التعاون السعودي الامريكي تفاجئ أعضاء « أوبك» بتعنت السعودية على مقترح خفض إنتاج النفط للوصول لسعر متوسط يرضي المنتجين، وبمارستها سياسة زيادة الإنتاج، معلنة رفضها تسييس النفط واتخاذه ورقة ضغط، وذهب البعض إلى وجود أصابع أمريكية وراء ذلك القرار. وتساءل مسئول سعودي "لماذا نخفض الإنتاج؟، ونحن ننتج ما يتراوح بين 9.6 – 9.7 مليون برميل يومياً خلال الشهر الماضى"، وسط توقعات بزيادة الإنتاج مما يهدد باستمرار انهيار سعر النفط، كما دعمت امريكا موقف حليفتها السعودية بزيادة عمليات التنقيب واستخراج النفط من الصخر الزيتي مما أدي إلي ارتفاع كبير بالإنتاج يفوق حاجة السوق. في هذا الصدد قال المهندس شامل حمدي، وكيل أول وزارة البترول السابق، أنه خلال 5 سنواتاتجهت أمريكا إلى إنتاج الزيت الصخري وزيادة الإنتاج ليصل إلى 4 مليون برميل يوميا، ويذكر أن امريكا كانت تستورد 40 % والان أصبح 20%، بعدما سيطرت على السوق من خلال الزيت الصخرى، بالإضافة أن السعودية تنتج 10 مليون برميل يوميا و بالتالي لم توافق بالتعاون مع بعض دول الخليج على مقترح "أوبك" بخفض الإنتاج، خاصة ان السعودية و دول الخليج يملك تخمة من الارصدة مما يحقق استقرار يستمر إلي سنة حتي مع انخفاض سعر البرميل، مما يدفعنا للإشارة إلى دور أمريكا بالاتفاق مع شركائها فى التلاعب بأسعار النفط من خلال استمرارهم بالتمسك برفع معدلات الإنتاج. وقال الدكتور رائد سلامة الخبير الاقتصادي وعضو مجلس أمناء التيار الشعبي، أن مجموعة «أوبك» صارت الآن ألعوبة في أيدي الأمريكان المتحكمين فى أسعار النفط من خلال تأثيرهم السياسي على حكومات دول « الأوبك » فيتأثر السعر حسب أملاءات أمريكا. و أمريكا تضغط بما يحقق مصالح الشركات الاحتكارية الكبري لديها حتي تتمكن من الاستمرار و تنتعش أسهمها من جراء خفض نفقاتها التي يشكل النفط فيها عاملا كبيرا. كيف يواجه العالم ازمة انخفاض أسعار النفط أمنت السعودية والكويت والإمارات من الأزمة نتيجة امتلاكهم احتياطي آمن من النفط، فيما تواجه كلا من إيران والجزائر وفنزويلا صعوبات في تمويل الميزانيات الحكومية عند مستويات الأسعار الحالية مما يدفعهم لإدارة خاصة لتجاوز المرحلة بدون خسائر. في المقابل فان هناك فرصة تاريخية امام الصينيين لزيادة تواجدهم الاقتصادي من خلال زيادة الانتاج الصناعي لديهم بسبب خفض اسعار ما يستوردونه من نفط. اما بشان روسيا و ايران فلا شك انهما سيتضررا من الامر لاعتمادهما على تصدير النفط بشكل رئيسي وهو ما سيهوي بموازناتهما التي تم إعدادها مسبقا على أساس أسعار مرتفعة، كما يلجئا إلى خفض الإنتاج من النفط بشكل مستقل أو الحركة بصورة مختلفة مع دول البريكس لضبط موازينهم السلعية حتي انتهاء الأزمة. ويؤدي انخفاض أسعار النفط إلى إلغاء مشاريع الصخر الزيتي في الأرجنتين والمكسيك، ويجبر الظهر قطع استكشاف الرمال النفطية الكندية وبعض الحقول الروسية النائية. فإن شركات النفط الكبرى أن إلغاء المشاريع حتى لو كسب المال مع سعر مزيج برنت الخام دون 80 دولارا. وتكهن المهندس شامل حمدي، بأن خفض سعر البرميل قد تكون لعبة سياسية للتصدي لروسيا لانها تنتج 10 ملايين برميل يوميًا وتعتمد علي تصدير الزيت الخام. ولكن من جانب آخر سيحدث رواج اقتصادي من خلال خفض سعر المنجات النفط و الترويج للشق الصناعي مما سينعكس بشكل ايجابي علي الدول الصناعية كالصين و غيرها. مصير مصر من انخفاض سعر النفط قال الدكتور رائد سلامة "مصائب قوم عند قوم فوائد"، ليتم تقييم الدعم بالموازنة المصرية على أساس الأسعار العالمية وخفض السعر العالمي سيعود بالنفع علي موازنة مصر لان قيمة الدعم ستنخفض تلقائيا و بالتالي سيقل العجز بها عما كان مخططا له اضاف المهندس شامل حمدي أن تأثير الانخفاض علي مصر ايجابي لاننا نستورد المزوت و السولار و الغاز مما يقلل سعر الاستياد بالاضافة أن هيئة البترول تشتري من الشريك الاجنبي حصة من الانتاج مما يخفض السعر و يعد تأثير ايجابي. بجانب أن اتجاه مصر لاستيراد الغاز الان بالتزامن مع الاسعار يعد انعكاس جيد للبلد بالاضافة ان تلك الاسعار ستؤثر علي موازنة البلد الراهنة و القادمة من خلال خفض بند الدعم مما يؤثر يزيل عن الحكومة عبئ كبير آلية إدارة الشركات الكبرى خلال المرحلة الراهنة أشار رائد سلامة أن آلية إدارة شركات المالكة و الشركات خدمات البترولية خاصا في إطار تصريحات الشركات بتخفيض العمالة إلي ما يتراوح بين 20% مضبوط لكنها ستعوض فروق الأسعار من خلال زيادة الإنتاج. وخفض تكاليف الشركات سيكون خلال تسريح العمال هو المعيار الأساسي وكذلك استخدام معدات قديمة ومستهلكة دفتريا. قال المهندس شامل حمدي أن الشريك الأجنبي سينتج نحو تخفيض العقود و تقليل هامش ربح المقاولين و الاتجاه نحو تسريح العمالة مما سينتج بالتأكيد إلي تقليل عمليات التنقيب حلال المرحلة الراهنة و قد تلجئ شركات الخدمات البترولية إلي تقليل الجودة مما يهدد دائرة العمل خاصا ان الشركات تعمل في المقام الاولي علي معيار الأمان و لكن ستكون مرحلة انتقالية عابرة لهم فقد عملت الشركات فالسابق حين كان سعر البرميل 17 دولار. وتوقع المهندس حمدي أن الأزمة ستنتهي خلال عام ليعود سعر البرميل إلي ما يتراوح بين 80 إلي 100 دولار للبرميل خاصا أنه يتوقع عدم صمود أمريكا بإنتاج الزيت الصخري الذي تبلغ تكلفت استخراجه من 40 إلي 85 دولار أمام تكلفة البرميل البترول التي تبلغ تكلفة استخراجه 10 دولار، مما سيعود بالسوق إلي الاستقرار من جديد.