وسط انتقادات الحكومة التركية للدول التي تصفها بالمقيدة للحريات، وهجوم الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" على الحكومة المصرية بحجة قمعها لجماعة الإخوان المسلمين وتقيد حرية التعبير، تدخل أنقرة في موجة احتجاجات وانتقادات جديدة بسبب القوانين التي ترغب في تمريرها لخلق قبضة أمنية أكبر على البلاد. تقيد حرية الصحافة والإعلام كانت السمة الأبرز لأنقرة خلال السنوات الماضية، حيث أكدت سابقا المنظمة الدولية للصحافة والإعلام أن تركيا هي أكبر سجن للصحفيين في العالم، ولكن يبدو أن هناك ما هو أكبر من تكميم الأفواه والذي تخفيه الحكومة، كما تحاول التدخل في أعمال السلطة القضائية لتسيس القوانين في صالحها. وبخ الاتحاد الأوروبي تركيا المرشحة لعضويته لتدخلها سياسيا في عمل القضاء، وقال في إن موقف أنقرة من فضيحة الفساد الحكومي والتي تورط بها "أردوغان" وبعض وزراء حكومته أضرت باستقلال السلطة القضائية وأضعف الحقوق المدنية. وفي هذا السياق، قالت صحيفة "توداي زمان" التركية إن نشطاء أتراك أعربوا عن قلقهم بشأن عمليات التعذيب وغياب حرية التعبير في البلد، في يوم حقوق الإنسان 10 ديسمبر، والذي كان شعاره " حقوق الإنسان 365″ حيث إن حقوق الإنسان طوال العام وليس ليوم واحد فقط. وتضيف الصحيفة أن ذلك اليوم اتى وسط ضياع الحريات في تركيا، حيث إنها حاليا تحت المجهر، موضحة أن منظمة حقوق الإنسان أصدرت تقريها حول الحقوق الإنسانية والتي كان من بينها، الحق في العيش دون تعذيب أو سوء معاملة، بالإضافة إلى القضية الكردية وحرية الفكر والتعبير والمعتقد، وحرية التنظيم وعقد الاجتماعات والمظاهرات، والعلاج المناسب. وتشير الصحيفة إلى أن الجمعيات الحقوقية التركية تطرقت إلى المخاوف البيئية والجنسية وعدم المساواة بين الجنسين، ومعاملة اللاجئين. من جانبه، قال حسنو أونول، محامي وعضو مجلس إدارة المنصة المشتركة لحقوق الإنسان:" هناك مكافحة خاصة بشأن التعذيب وسوء المعاملة، فالأرقام توضح تعرض 726 شخص لسوء العلاج والتعذيب، من بينهم 257 في عام 2014 فقط". دعى "أوندول" رسميا إلى توثيق الحقائق والتقصي بشأن التعذيب ووضع المبادئ التوجهية لتوثيق التعذيب وعواقبه والتي ينبغي اتباعها في أنحاء العالم، ويرى حليم يلماز، محامي حقوقي أن تركيا مثل الولاياتالمتحدة والسي آي أيه، والدول الأخرى المدافعة عن حقوق الإنسان والحريات، ولكن لها اتصال وثيق بعمليات التعذيب. وتوضح الصحيفة التركية أن المحاميان يتشاركان الرأي وقلقان بشأن حرية التعبير وتنظيم التظاهرات، حيث إن الحريات مهددة، فهذا العام اعتقل نحو 181 مواطن بسبب تعبرهم عن آرائهم، والأحكام التي صدرت بحقهم مجموع سنواتها 239 عاما وأربعة أشهر و29 يوما، وقد تم تبرئة 54 فقط. تلفت "توداي زمان" إلى أنه من مارس هذا العام، حين كان "رجب طيب أردوغان" رئيسا للوزراء، حجب موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" لمدة أسبوعين، رغم قرار المحكمة الدستورية بعدم قانونية الحجب، وهذا العام استهدف الصحفيين بشكل علني، مثل "امبريان زمان" و"جيلان يشينسو"، بالإضافة إلى التعتيم الإعلامي على احتجاجات جيزي بارك في عام 2013. وتشير الصحيفة إلى دور المحامين الأتراك في مواجهة القوانين المقوضة لحقوق الإنسان في البلاد، تجمع عدد من المحامين ورؤساء بعض النقابات أمام مبنى المحكمة الدستورية، لانتقاد سن الحكومة للقوانين التي تحد من الحريات والحقوق الأساسية وإعلان دعمهم للمحكمة. حضر إلى التجمع "محمود تنال" نائب عن حزب المعارضة الرئيسي "الشعب الجمهوري"، لاظهار تضامنه مع المحامين والمطالبة بالمزيد من الحريات وتقديم الدعم للمحكمة العليا التي ترفض تلك القوانين الحكومية، والتي دخلت تحت غضب "أردوغان" لإلغاء بعض القوانين التي تم سنها، وتلفت الصحيفة إلى بيان المحامين الذي انتقد تعامل الحكومة مع الحريات والنشطاء المناهضين لها، والتميز ضد العلويين من خلال عدم الاعتراف بحقوقهم وممارساتهم الدينية. من جانبها، انتقدت منظمة هيون رايتس ووتش، مشروع القانون التركي الذي يسعى لتوسيع صلاحيات الشرطة دون وجود أدلة ملموسة ضد الأفرد، مؤكدة أنه سيقوض حماية حقوق الإنسان في البلد، وتضيف الصحيفة أن في بيان صادر من المنظمة على شبكة الإنترنت، أوضحت أن القانون يعد اشكالية كبيرة بجانب حزمة القوانين التي تريد الحكومة تمريرها من خلال المحكمة، حيث إن الحكومة تريد استخدام القوانين لإعطاء نفسها سلطات أكبر من الأمن. أكدت المنظمة أن تركيا لها سجل حافل من المعاملة السيئة للشرطة والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، موضحة أن مشروع القانون يجعل الأمر سهلا على ضباط الشرطة من خلال اقتحام المنازل وأماكن العمل، كل ذلك فقط بنهمة "الأشتباه"، وتوضح المنظمة أن القانون يسمح أيضا لضباط الشرطة بإطلاق النار مباشرة على المتظاهرين الذين يلقون قنابل المولوتوف، دون استخدام طلاقات نار تحذيرية، بالإضافة إلى أن مستخدمي الألعاب النارية ضد ضباط الشرطة يواجهون عقوبة السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.