أصبح طبيعيًا عند مطالعة صفحات الجرائد كل صباح قراءة «إحباط محاولات للتنقيب عن الآثار والقبض علي المتورطين في أعمال الحفر»، الأمر الذي يهدد الآثار المصرية بالضياع، إذا نجحت عملية الحفر في إخراج الآثار دون علم الجهات الأمنية. التنقيب غير الشرعى عن الآثار والتجارة بها، أمر يراود الكثير من اللصوص للحصول علي الأموال، وتحقيق حلم الثراء السريع، متناسين أنهم يبيعون تاريخ بلادهم إلي بعض الدول التي تسعي للحصول علي الآثار بأي ثمن؛ لبناء حضارة بآثارنا التي لا تقد بثمن. يقول أمير جمال، عضو حركة سرقات لا تنقطع، إنه منذ قيام الثورة، لم تتخذ وزارة الآثار أى خطة لمواجهة تلك الحفريات التى تتم داخل الأراضى الأثرية، موضحا أن مديرى المواقع لم يتم تغييرهم، فنفس السياسة ونفس الإهمال ونفس التجاهل واللامبالاة مستمرة. وأضاف "جمال" أن هناك كثيرا من المسئولين مشتركون فى تلك الحفائر بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة بتجاهل الأمر، وكأن المسئولية بعيدة عنهم، مؤكدا استمرار الحفائر حتى الآن، ليس بسبب الانفلات الأمنى، وإنما بسبب عدم اتخاذ أى إجراء لمواجهة الظاهرة، وبقاء نفس الفئة التى أهملت وأفسدت فى مواقعها بلا أى تغيير أو محاسبة. من جانبه، أوضح أسامة كرار، منسق الجبهة الشعبية للدفاع عن الآثار، أن استمرار التنقيب عن الآثار بطريقة غير شرعية، نظرا لتقاعس الأمن وشرطة السياحة في حماية المواقع الأثرية، مشيراً إلي أنه يجب عودة الشرطة وزيادة أعدادها لحماية الآثار من السرقة والحفائر الخلسة. وأكد "كرار" أن من يسمح بالحفر الخلسة هم مديرى المناطق؛ لأنهم لا يبلغون فورا عن أي عمليات حفر تحدث في الأماكن الأثرية التابعة لهم؛ خوفاً من أن يتم توقيع جزاءات عليهم. وفى نفس السياق، قال أحمد عامر، الباحث الأثري، إنه بعد ثورة 25 يناير، حدث انفلات أخلاقي وأمني، صاحب هذه الفترة تعديات صارخة علي الأراضي التابعة لوزارة الآثار، وأيضاً ظهور ما يعرف بالحفر الخلسة في الكثير من المناطق الأثرية، ليس هذا فحسب، بل أيضاً سرقة بعض المقتنيات الأثرية من مخازن الوزارة. وطالب "عامر" بضرورة تعديل القوانين وتشديد العقوبات علي من تسول له نفسه التعدي علي أراضي وأملاك ومتاحف وزارة الآثار، مؤكدا أن الآثار لا تقل أهمية عن المناطق العسكرية التابعة للجيش؛ لأنها تتحدث عن حضارة عظيمة، وأيضاً لابد من تعديل المنظومة الأمنية للوزارة في التعامل مع تلك المواقف من خلال تدعيم الناحية الأمنية بكوادر ذات خبرة وتسليحها وتغيير المنظومة الاستراتيجية للفكر الأمني بالوزارة. الجدير بالذكر أن قانون حماية الآثار ينص على "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألفا، كل من نقل بغير إذن كتابى صادر عن المجلس، أثرا مملوكا للدولة أو مسجلا أو نزعه من مكانه، أو حول المبانى أو الأراضى الأثرية أو جزءا منها إلى مسكن أو حظيرة أو مخزن أو مصنع أو زرعها، أو أعدها للزراعة أو غرس فيها أشجارا أو اتخذها جرنا أو شق بها مصارف أو مساقى أو أقام عليها أية إشغالات أخرى أو اعتدى عليها بأية صورة كانت دون ترخيص طبقاً لأحكام هذا القانون". كما ينص قانون حماية الآثار أن العقوبة تكون على من استولى على أنقاض أو سماد أو رمال أو مواد أخرى من موقع أثرى أو أراض أثرية دون ترخيص من المجلس، أو تجاوز شروط الترخيص الممنوح له فى المحاجر، وأضاف إلى الموقع أو المكان الأثرى أسمدة أو أتربة أو نفايات أو مواد أخرى، أو جاوز متعمداً شروط الترخيص له بالحفر الأثرى، واقتنى أثراً أو تصرف فيه على خلاف ما يقضى به القانون، وزيف أثراً من الآثار القديمة. وطالب أحمد سعد، عضو النقابة المستقلة للأثريين، بضرورة تغيير قانون حماية الآثار، ليتم محاسبة المخطئ، كما طالب أيضا بإلغاء التمويل الذاتي للآثار، ووضع قانون لاختيار القيادات بعيداً عن المحسوبية، مشيراً إلي أنه لابد من تغيير صلاحيات الأمانة العامة للمجلس، وإلغاء قطاع المشروعات.