تشهد الجامعات المصرية حالة من عدم التوازى على جميع المستويات، تصاحبها ضبابية فى الرؤية والتخطيط، فبعدما كانت الجامعة محرابًا للعلم، أصبحت مسرحًا للعراك السياسى والأمنى، «القمع والفصل والاعتقال»، باتت شعارات للجامعات المصرية. ووصل عدد الطلاب المفصولين من الجامعات الحكومية العام الماضي إلى 442، والعام الحالي نحو 184 طالبًا، لكن السؤال هنا، هل من الممكن عودة جميع الطلاب المفصولين إلى جامعاتهم مرة أخرى أو لا؟، خاصة بعد عودة عدد منهم تم فصلهم العام الماضي نتيجة تورطهم في أعمال وشغب داخل الحرم الجامعي، بعد تقدمهم بتظلم أمام محكمة القضاء الإداري، التى قضت بعودة بعضهم بسبب الخطأ الإداري في إجراءات الفصل. يقول الدكتور أحمد زراع، المتحدث الرسمي باسم جامعة الأزهر، إن قرار عودة الطلاب المفصولين إلى جامعة الأزهر من العام الماضي على خلفية أحداث العنف، جاء بعد تقديمهم طعنًا على أمر فصلهم من رئيس الجامعة أمام محكمة القضاء الإداري وحصلوا على حكم بإلغاء قرار رئيس الجامعة وعودتهم للدراسة وتأدية الامتحانات في لجان خاصة. وأضاف "زراع " أن الجامعة كانت قد أصدرت قرارا بفصلهم وفقًا للقانون رقم 103 لسنة 1961 لتنظيم الأزهر والهيئات التابعة له ومنها الجامعة، وهو قانون خاص بالأزهر يختلف عن قانون تنظيم باقي الجامعات، حيث صدر قرار جمهوري بإضافة المادة 184 مكرر التى تعطي رئيس الجامعة الحق في فصل الطالب بشكل نهائي حال ثبوت تورطه في أحداث عنف، لكن هذا التعديل حتى صدور قرار فصل الطالبة العام الماضي، لم يكن يشمل جامعة الأزهر، وبناء عليه طعن محامي الطلبة علي قرار الفصل وحصل على حكم بعودتهم. وتابع المتحدث باسم جامعة الأزهر، أنه تم فصل 50 طالبا بشكل نهائي خلال هذا العام الدراسي، وتم تحويل 64 آخرين للتحقيق، مشيرًا إلى أنه على الرغم من تعديل القانون الذي يسمح لرئيس الجامعة بفصل الطالب المخرب نهائيًا بمجرد التحقيق معه، إلا أن ذلك لم يحدث، فلم يصدر قرار بفصل نهائي للطالب مباشرة إلا بعد مثوله للتحقيق أمام مجالس التأديب القانونية داخل الجامعة. من ناحية أخرى، قال الدكتور عز الدين أبو ستيت، نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون التعليم والطلاب، إنه طبقًا لتعديل القانون لا يمكن أن يعود طالب صدر بحقه قرار بالفصل إلى الجامعة مرة أخرى دون حصول على حكم من المحكمة، لافتا إلى أن المادة رقم 49 لسنة 1972 من قانون تنظيم الجامعات تمنع التظاهر داخل الحرم الجامعى. وعن الموقف القانوني للطلاب المفصولين، يقول محمود عثمان، المحامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، إنه للأسف تم بموجب المادة 184 مكرر التى تم إصدارها بقرار جمهوري، إضافة لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972، فصل المئات من الطلبة، إذ تخول هذه المادة لرئيس الجامعة، فصل الطالب الذي يشارك في أعمال تخريبية تضر بسلامة وأمن الأفراد وكذلك المنشآت الجامعية فور إجراء تحقيق معه في الواقعة التي ارتكبها خلال أسبوع على الأكثر. وأوضح "عثمان" أن مجلس التحقيق لا يصدر قرارا بل توصية، إما بحفظ التحقيق أو إحالته لمجلس التأديب، كما يسمح التعديل القانوني للمادة، بتقديم الطالب تظلمًا على قرار فصله أمام مجلس تأديب الجامعة، لافتا إلى أن القانون الجديد يسمح بفصل الطالب مباشرة بعد التحقيق معه دون إحالته لمجلس التأديب. ومن ناحية أخرى أشد قسوة، اتخذ مجلس الجامعات الخاصة والأهلية برئاسة الدكتور السيد عبد الخالق، وزير التعليم العالي، قرارا بعدم قبلول الجامعات الخاصة للطلاب المفصولين تأديبا من الجامعات الحكومية والمعاهد، ليجد الطلاب المفصولون أنفسهم دون مأوي، ويكتفي اضطراريًا بشهادة الثانوية العامة. ولم تكتف السلطات التركية بمهاجمة النظام المصري، بل حاولت استقطاب الطلاب المفصولين من الجامعات المصرية إلى بلادهم؛ وذلك بتقديم منح تعليمية لهم لإكمال الدراسة الخاصة بهم، مما دفع مجلس التعليم العالي في تركيا لإصدار قرار يقضي بقبول نقل الطلاب الذين يدرسون في الجامعات المصرية من طلاب المعاهد المتوسطة والدراسات الجامعية على ألا تتجاوز نسبة المنقولين 10% من عدد الطلاب الكلي في السنة ذاتها وبنفس الاختصاص.