أصبح التضامن مع العمال "تهمة يعاقب عليها القانون"، ويحبس على أثرها الشباب على ذمة التحقيق، وهو ما حدث مع أيمن فخري أحد النشطاء بحلوان، بعد زيارته لاعتصام عمال الحديد والصلب للتضامن معهم، فقد تم إلقاء القبض عليه يوم 3 ديسمبر الماضي من أمام مصانع الحديد والصلب واحتجازه. وقال أنس صالح المحامي بالمفوضيةالمصرية للحقوق والحريات ل "البديل" إنه تم توجيه تهمتي "تحريض العمال على الإضراب وحيازة منشورات" لأيمن، وهو محتجز الآن بقسم شرطة التبين، وتم تحديد جلسة له يوم الأحد القادم بمحكمة مجمع نيابات حلوان. وأضاف المحامي أن الأوراق التي تم ضبطها بحوزة أيمن فخري هي أوراق جبهة عمال الحديد والصلب الخاصة بجمع توقيعات سحب الثقة من اللجنة النقابية. أيمن فخرى هو ناشط وعضو بحزب "العيش والحرية" بمجموعة حلوان، ومن قبله انضم لعدد من الأحزاب والحركات اليسارية، وقرر التوجه للاعتصام رغم علمه بالتشديدات الأمنية والتحذيرات حول الاعتصام، وخاطر بحياته وبوظيفته الجديدة التي لم يمر عليها أيام معدودة كما يقول أصدقاؤه؛ ليلاقي مصيره بالاعتقال؛ عقاباً له على زيارة العمال ومحاولة مؤازرتهم والوقوف إلى جانبهم. كان أيمن قد أسس هو زملاؤه حملة تضامنية مع عمال مصانع الحديد والصلب عبر "هاش تاج" على فيس بوك: "#انقذوا_الحديد_والصلب، #القطاع_العام_ملكنا_وملك_ولادنا"، وكذلك شارك في حملة تدعى "بلدنا حقنا مجموعة جنوبالقاهرة" التي قالوا خلالها "لن نسمح بانهيار آخر القلاع الصناعية"، واشتهر بوقوفه جانب زملائه في التضامن العمالي بمنطقة حلوان. وقال عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "الحديد والصلب ومصنعين كمان في حلوان لو اشتغلوا بكامل قوتهم، مش هيبقي فيه عاطل في حلوان وجميع أنحاء جنوبالقاهرة، ويمكن كمان جنوبالجيزة، لكن الواقع إن ما فيش أي تعيين لفنيين أو أبناء عاملين أو مهندسين من 2006 في نفس الوقت اللي بقيت العمالة بتعدي الخمسين سنة والإدارة والشركة القابضة بتراهن على إن العمال يخرجوا معاشات ويصفوا المصنع ويبيعوه". وفي تدوينة أخرى قال خلالها "فخري": "نشروا كلام وسط عمال الحديد والصلب إنهم هينزلوا ليهم قوات مكافحة الشغب عشان يفضوا التجمعات بتاعتهم داخل الشركة، وطبعًا المقصود إرهاب العمال في نفس الوقت اللي شغالين فيه حرب إعلامية على قيادات العمال الطبيعية إنها شوية إخوان وشوية إنهم ليهم أغراض سياسية، وبيقولوا: إحنا هنصرف لهم الفلوس خلاص آهو، قاعدين ليه؟، والعمال لسه ثابتين رغم إنهم مانعين حتى الإعلام يدخل المصنع ويشوف الوضع على حقيقته". وهو ما يوضح اهتمامه وخوفه على العمال ورغبته في التضامن معهم. كما قال عبر الهاش تاج ذاته : "الحديد والصلب من أوائل المصانع اللي صنعت انتفاضة الخبز 77 ورفضت الأحكام الهزيلة للمتسببين في النكسة في محاكمات 68، ووقفت ضد الغلاء وسياسات السادات وخليفته مبارك، وهو يعاني الآن في النزعات الأخيرة وما زال صامدًا أمام النظام وكل ممثليه، وتصفيته تعني تصفية تاريخ من الحركة الوطنية والعمالية في مصر والمنطقة العربية". ليتحول الهاش تاج بعد القبض على أيمن فخري إلى هاش تاج جديد "الحرية لأيمن فخري" منتشر على صفحات الفيس بوك بصورته. فيما أدان مصطفى نايض القيادي العمالي بشركة الحديد والصلب ما حدث لأيمن، مؤكدًا ضرورة إتاحة الحق لكل مواطن في التعبير عن رأيه بشتى الوسائل، مشيراً إلى أن الاعتصام هذا العام كان عليه تشديدات أمنية تمنع دخول الإعلاميين أو المتضامنين، خوفاً من اندساس عناصر تستغل اعتصام العمال في المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد وقت الاعتصام، وفي تكتم شديد تم إلقاء القبض على أيمن دون معرفة العمال. مضيفاً ل "البديل" أن اعتصام العمال لم يكن بسبب تحريض أحد، وإن كان كذلك فتكون إدارة الشركة بإمتناعها عن صرف الأرباح السنوية للعمال هي أكبر محرض على الإضراب والاحتجاج وغضب العمال. مؤكداً أن مطالبهم كانت بإقالة رئيس مجلس الإدارة، وصرف الحافز السنوي "الأرباح" بواقع 16 شهرًا، إضافة إلى صرف ثلاثة أشهر من حافز العام الماضي الذي لم يتم صرفه، وعودة نسبة 7% التي تم خصمها من الحافز الشهري، وعودة جميع العمال المفصولين الذين تم نقلهم وإيقافهم عن العمل خلال العام الماضي عقابًا لهم على مشاركتهم في قيادة الاعتصامات السابقة، وفتح ملفات الفساد داخل الشركة، وتوريد الفحم اللازم لتشغيل الشركة بكامل طاقتها. وهو ما يعيدنا لما حدث مع المتضامنين مع اعتصام عمال الحديد والصلب عام 1989، فقد شهد شهر أغسطس في ذلك العام العديد من أشكال التضامن، حيث شكلت لجنة تضامن من أحزاب التجمع والوفد والأحرار والناصري والشيوعيين والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ومراقب، ولجنة الحريات بنقابة المحامين، وعدد من الفنانين والكتاب، ولمواجهة هذه الحركة قام وزير الداخلية زكي بدر وقتها بحملة اعتقالات واسعة؛ لمنع فاعلية وأتساع دائرة التضامن، ووقتها تم القبض على نحو ثلاثة وستين شخصاً بتهمة تأسيس وإدارة حزب شيوعي، وأنه كان وراء الاعتصام، وهي ذات الشماعة التي تعلق عليها جميع التهم حتى الآن. وكان من بين المحبوسين عام 1989 د. محمد السيد سعيد، مؤسس جريدة "البديل"، ومدحت الزاهد، وكمال خليل، ولم تقف حملة التضامن عند هذا الحد، بل اكتملت الصورة بهيئة الدفاع التي كان على رأسها المحامي الراحل أحمد نبيل الهلالي.