بين قبلة السيسي على رأس الملك السعودي وقبلة تميم على نفس الرأس أحداث ولقاءات ومساومات، بين توجه الإعلام الحكومي والخاص الداعم للنظامين المصري والقطري وتغيير دفة نفس الإعلام بعد دعوة الملك السعودي إلى المصالحة لقاءات وبيانات واتهامات متبادلة. ما يقرب من 18 شهرًا والإعلام المصري الحكومي والخاص، مدعوم بتصريحات مسئولين في الدولة، يتحدث عن المؤامرة القطرية التركية الحمساوية ضد مصر، ما يفوق ال500 يوم وآلاف البرامج وملايين الكلمات تتحدث عن الدور القطري في زعزعة الاستقرار المصري وعلاقتها بالكيان الصهيوني والولاياتالمتحدة، بل وصل الأمر إلى حد الطعن في أشخاص حكام قطر. بعد تفاقم الأزمة بين الإمارات والبحرين والسعودية من جانب وقطر على الجانب الآخر، وبعد أن وصلت إلى حد سحب السفراء من الدوحة، صوَّر الإعلام المصري كأن الأزمة حول دعم قطر لجماعة الإخوان وأن الدول الخليجية تنتصر للدولة المصرية وتسحب سفراءها لإجبار قطر على التراجع عن دورها في دعم الجماعة. بمجرد توصل الخليج إلى حل لاحتواء أزمته وإعادة شمل مجلسه التعاوني، أمر ملك السعودية بإعادة السفراء والمصالحة الخليجية الشاملة ولم ينس أن يدعو الحكومة المصرية إلى المشاركة في المصالحة ودعمها، والتي لم تتأخر ساعات حتى تعلن قبولها للمصالحة ولم الشمل العربي ووحدة الصف. نسى المحللون المصريون أو تناسوا أن ثمة روابط وقضايا مشتركة على ملف دول الخليج أكثر اشتعالًا وفي حاجة إلى الحسم بخلاف الملف المصري الذي تم حسمه بتحرك الجيش في 3 يوليو، فتحالف قطروالإمارات والسعودية لدعم المعارضة السورية والعراقية الذي أدى لظهور داعش واستفحالها حتى استحالت خطرًا على أمن الخليج أولى بالتسوية بالإضافة إلى صراع النفوذ بين الإماراتوقطر في ليبيا وتونس. بالتأكيد علاقة قطر بتركيا من الأوراق المهمة في عملية التصالح، وخطر الحوثيين على الممالك الخليجية ورعب الشيوخ والأمراء من المد الإيراني، المنافسة في إرضاء الولاياتالمتحدة واستمالة الكيان الصهيوني لها نصيب أيضًا من الأزمة الخليجية. لا يتعدى الملف المصري كونه أحد الملفات التي تتم تسويتها بين شيوخ الخليج، ليس مركزًا للحوار ولا هو أصل الأزمة أو مفتاح الحل، وإنما مجرد ورقة ضمن أوراق مباحثاتهم، صراع على النفوذ داخل المنطقة وساحات معارك سياسية أو عسكرية اتخدتها دول المجلس، مستخدمة أموالها في تمويل صراعات تمزق الأوطان، وفي النهاية تصبح جلسة الصلح واجبة وتقسيم الغنائم سنة لم يخلفها الأعراب. قبلة على رأس جلالته تعود قطر الشقيقة الصغرى ويعود حكامها إلى أخوة في العروبة، مجرد انحناءة لجلالته تعود أغنيات الوطن العربي وقصائد لم الشمل وأحاديث الوحدة العربية، ابتسامة من جلالته كافية ليصبح الانقلاب الدموي إزاحة عن الحكم ويتحول الحاكم العسكري إلى رئيس منتخب. تحليل الفترة بين قبلة الرئيس المصري على جبهة جلالته حتى قبلة الأمير القطري على نفس الجبهة، يؤكد أننا نعيش في وطن بلا مبادئ أو ثوابت من أي نوع، لغة المصالح وحدها تجمع الشمل وتزرع الفتنة توقد الحرب وترسي السلم، لغة المصالح وحدها هي التي جعلت من الدولة المصرية تابعة لتابعي الولاياتالمتحدة، وحدها المصالح تحني جباه الأباطرة والمتجبرين تجاه وجه مجعد لشيخ يمتلك خزائن الذهب وأنهارًا النفط. في أوطاننا نقطة النفط أغلى من نقطة الدم، والذهب أغلى من حيوات الشعوب، ولذة الحكم أقرب إلى نفوس السادة من الكرامة والإباء.