تتزامن الذكرى ال71 لاستقلال الجمهورية اللبنانية مع الأحداث التي تشهدها البلاد في ظل صراعات إقليمية وحروب أهلية ونزاعات طائفية ووضع أمني مضطرب ما زال قائما إلى يومنا هذا. للمرة الأولى منذ نهاية الحرب الأهلية التي ضربت لبنان لمدة 15 عاما من (1975 حتى 1990)، ألغت السلطات اللبنانية الاحتفال السنوي الرسمي بذكرى الاستقلال أمس السبت والذي أعلن فيه لبنان استقلاله عام 1943، منهيًا انتدابًا فرنسيًا استمر 23 عامًا، وذلك لاستمرار الفراغ في سدة الرئاسة، واقتصرت المراسم على وضع أكاليل الزهور ونشاطات للمجتمع المدني، وتم تنظيم مسيرة حاشدة نحو القصر الجمهوري في منطقة بعبدا احتجاجاً على إلغاء الاحتفالات، بدعوة من نقابة المحامين، وحركة التجمع المدني إضافة إلى جمعية "فرح العطاء" والمدارس الخاصة والرسمية في لبنان تحت عنوان "لغيتو الاحتفال بس إحنا الاستقلال". اعتبر رئيس الحكومة اللبناني "تمام سلام" أن "حال اللبنانيين اليوم نسبة للتاريخ الحديث المتمثل برجالات الاستقلال في تراجع وضعف كبيرين، فضلا عن ضعف العالم العربي من حولنا"، عازيا السبب إلى "سوء التصرف عاما بعد عام"، وشدد "سلام" على "السعي وعلى عدم الاستسلام في مواجهة التحديات لأن لبنان ذو تاريخ عريق وطويل مع السعي إلى حياة لائقة وكريمة، ومن هنا كان للبنان ما لم يكن لغيره من تمسك وتعلق بالحرية ضمن نظام ديمقراطي يؤمن له المناعة"، مضيفا "للأسف تم الإساءة إلى استخدام هذه الحرية من الداخل والخارج"، وأشار إلى أنه "لا يمكن إعفاء أحد مما وصلت إليه الأمور في لبنان ولكن المسئولية تقع على القيادات"، قائلاً "انا أقول في كل مناسبة هناك دول يسخر لها قيادات تدعمها وترفع من شأنها وهناك دول أخرى يسخر لها قيادات مع الأسف تأخذها إلى أماكن استضعاف فيها مخاطر لا تتوقف ليبدأ الانهيار من هنا وهناك". انتهت ولاية الرئيس السابق "ميشال سليمان" في 25 مايو، إلا أن مجلس النواب فشل في انتخاب رئيس جديد بسبب عمق الانقسام السياسي في البلاد على خلفية الأزمة في سوريا المجاورة، وتتطلب جلسة انتخاب الرئيس حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب "86 من أصل 128″، ولم يتمكن البرلمان رغم دعوته إلى جلسة انتخاب رئيس 15 مرة من دون تحقيق النصاب. تتأثر لبنان بالظروف السياسية والأمنية للدول المجاورة وخاصة سوريا، وما يزيد من تأثرها هو الفراغ الرئاسي في البلاد، وعدم قدرة الأحزاب على التوافق حول رئيس جمهورية يقود البلاد، حيث يشهد لبنان على المستوى الداخلي قلقا حول الوضع الأمني بالبلاد، خاصة مع استمرار خطف العسكريين اللبنانيين لدى الجماعات المسلحة في سوريا خلال الاشتباكات التي شهدتها بلدة عرسال الحدودية مع سوريا بين الجيش وعناصر مسلحة من جنسيات مختلفة من التنظيمات الإرهابية "داعش" و"النصرة"، خلال شهر أغسطس الماضي، وما زاد من وتيرة القلق بشأن الوضع الأمني بالبلاد الاشتباكات التي شهدتها بعض مناطق الشمال في شهر أكتوبر الماضي بين الجيش ومسلحين ونتج عنها سقوط عشرات الضحايا. يفتقد عيد الاستقلال لمعانية في ظل غياب رئيس الجمهورية، وبطء عمل الحكومة، وعجز المجلس النيابي عن القيام بدوره التشريعي، واختطاف العسكريين اللبنانيين لدى الجماعات الإرهابية، فكيف يحتفل لبنان باستقلاله وهو دولة بلا رأس ومؤسسات بلا قائد؟.