: الحملة هدفها تقبل "البدينات" لأجسادهن والثقة بأنفسهن المجتمع المصري عنصري يريد أن تتشكل الفتيات على هواه لإرضائه أشعر بحزن الفتاة السمينة عند تعرضها لسخافات في الجامعة مثل "يا فيل" فتاة عشرينية يفوح منها الأمل والطموح، رسامة رقيقة المشاعر، ذات أنامل مبدعة، تتمتع بأفكار لا تقل إبداعًا عن ألوانها من حيث العذوبة والإخلاص والإحساس بالآخرين، مهتمة بحقوق النساء واتخذت من الفن وسيلة للتعبير عن مشكلاتهن، دقيقة التأمل والملاحظة، حيث تبنت قطاعًا كبيرًا من البنات في مصر وهن "البدينات" الفئة الأكثر تهميشًا وإقصاءً، لتطلق حملة "حبي جسمك.. إنتي جميلة" لتدفعهن للثقة بأنفسهن. بسنت القاسم طالبة في كلية إعلام جامعة القاهرة، 22 عامًا، الفنون بالنسبة لها هواية لازمتها منذ وقت طويل ولم تدرسها بكليات أو معاهد الفنون الجميلة، ومنعتها مرحلة الثانوية العامة من ممارسة هوايتها لكنها عادت إلى الرسم من جديد بعد التحاقها بالجامعة.. وكان ل"البديل" حوار معها لنقترب أكثر من فنها وطموحاتها. كيف بدأت حملة "حبي جسمك.. إنتي جميلة" وما الهدف منها؟ بدأت أرسم فعليًّا عن "البدينات" منذ ثلاثة شهور، وإن كانت الفكرة تراودني منذ سنتين. والهدف من شعار الحملة تشجيع الفتيات البدينات على أن يحببن أجسادهن، ويتقبلن بدانتهن، وأن يتجاوزن السخرية بمنتهي الثقة. وفي الحقيقة أنا أحب رسم البورتيرهات والكارتون والكاريكاتير، ولكن دائمًا هناك جانب من رسوماتي يكون مساحة للتعبير عن إحساسي تجاه مواقف أو قضايا معينة؛ سواء يتعرض لها الآخرون أو تواجهني شخصيًّا. لماذا البدينات من الفتيات لفتن نظر بسنت القاسم؟ لاحظت أثناء جلوسي مع أصدقائنا في الجامعة كم السخرية والإهانة التي تلحق بالبدينات أثناء مرورهن أمام الشباب، من خلال عبارات سخيفة مثل "فيل"، وكانت تؤلمني هذه العبارات على الرغم أني لم أكن بدينة مثلهن، ولكن أتخيل دائمًا إحساس هؤلاء الفتيات حتى من صديقاتي وتقبلهن للسخرية بابتسامة وضحكة، ولكن عند العودة لمنازلهن سيعانين من مشاعر حزينة وقاسية والشعور بالاكتئاب والبكاء. ماذا لو أصبحت بدينة مثل الشخصيات التي تضمها لوحاتك؟ بالفعل زاد وزني في أحد الأوقات ولا يزال، ولكنه طبيعي "normal"، حتى إنني لم أرغب في العودة لجسمي الأول، فأنا سعيدة بشكله الجديد وزيادته الطبيعية، على الرغم من تعرضي لإحدى المضايقات من أحد المارة بالشارع، وهو ما شجعني ودفعني أكثر للاستمرار في رسم البدينات بمنتهي التلقائية والعفوية. لماذا تتعرض رسوماتك للهجوم؟ الذين يهاجمونني لم يفهموا رسوماتي بالشكل الصحيح، فهم يتهمونني بتشجيع الفتيات على زيادة وزنهن والاستمرار على ذلك الشكل، وعدم الاهتمام بالصحة الغذائية، رغم أن الكثير من البدينات يعانين من سمنة؛ بسبب الهرمونات والغدد وليس بسبب زيادة الأكل. هل المجتمع المصري من وجهة نظرك عنصري، يجبر الفتيات على التعديل في هيئاتهن لإرضائه؟ بكل تأكيد المجتمع يمارس عنفًا ضد النساء، ويريدهن دائمًا موديلز لإعلانات، فالمجتمع يكره الفتاة ذات الشعر الخشن؛ لأنه يضع صورة نمطية للفتاة الجميلة صاحبة الشعر الناعم الطويل، والفتاة النحيفة البيضاء ذات الأعين الملونة. ما هي التفاصيل التي تركزين عليها في رسوماتك عن البدينات؟ أركز بقوة على طريقة وقفة الفتاة بمنتهي الثقة والثبات وعدم الاختفاء أو الابتعاد عن الأعين، وضحكاتهن المليئة بالسعادة والبهجة، إظهار ملامح وتفاصيل أجسادهن بانطلاق حتى لو أن هناك بدينات تكره ذلك وتفضل دائمًا تغطية أجسادها بقدر ما استطاعت وكأن جسمها عيبًا أو عورة. بما أنك فتاة جامعية.. هل ترين أن الفتاة المصرية تمارس حريتها في الشارع؟ لا لا، وبكل قوة أؤكد حرمانها من هذه الحرية، حيث تواجه كمًّا هائلًا من التحرش والإيذاء اللفظي والمعنوي والجسدي، سواء كانت بدينة أو نحيفة، محجبة أو سافرة، فالبنت المصرية مجبرة أن تمشي بجوار الحائط دائما مثل القطة؛ لكي تتجنب السخافات ومع ذلك لا تنجو في كل الأحوال، فلكي أن تتخيلي كيف لسائق دراجة نارية يمر خلفك ويضربك على أحد أجزاء جسدك ويفر هاربًا دون محاسبة، لدرجة أنني مررت بفترة من حياتي باكتئاب وكراهية للنزول للشارع وقررت عدم النزول من البيت. هل تعتقدين أن قانون مكافحة التحرش الجنسي الجديد سيحد من الظاهرة؟ بصراحة، لا أعتقد أنه كافٍ بدون التوعية المستمرة في المدارس والجامعات، وتنمية وعي الشباب بخطورة الظاهرة، وعدم إلقاء اللوم على الضحية "الفتاة" واتهامها بأن ملابسها السبب، لدرجة أنني تابعت أحد المواقف المسيئة بتحرش لفظي لسيدة ترتدي النقاب من شابين حيث قال أحدهما للآخر: "كعب رجلها حلو أوي"!! هل تواجه "البدينة" مشكلات في الملبس أو الزواج؟ بكل تأكيد هناك أفكار تقليدية للمجتمع يمارسها ضد البدينات، فمثلًا يرفض الشباب الزواج من الفتاة السمينة؛ حتى لا يتعرض لسخرية في الطريق وهو يسير معها، بل تلقيت إحدى الرسائل من فتاة مخطوبة وبدينة تتعرض لمشكلة مع خطيبها؛ لأنه يرفض الخروج معها في الشارع أو المتنزهات، ويسمح لها بالتنزه معه بالسيارة دون التمشية في الشارع، بل إنه يوجه لها عبارات مهينة أمام أهلها وأهله، لدرجة أن الفتاة تشعر بالحزن والأسى من هذه المعاملة المهينة التي تجرحها وتجعلها لا تثق بنفسها. ماذا تتمنين ل"البنت البدينة" في المجتمع المصري من حقوق وحريات؟ أتمني لهن حرية الحركة في الشارع دون أي إيذاء لفظي من تحرش أو سخرية أو إهانة، والانخراط في العمل بكل ثقة، وأن تختفي تلك المواصفات التي تضج بها الوظائف الشاغرة بموظفة حسنة المظهر، وأن يحل بدلًا منها معيار الكفاءة والجودة في العمل، وأن ينتهي التعامل مع السيدات في مصر على أساس "أنها بضاعة ملفوفة وحلوة" واللي يدفع أكتر ياخدها، فإحدى صديقاتي تتعرض لضغوط من والدتها لتقبل عريسًا غنيًّا رغم أنه لا يناسبها. ما موقف عائلتك من رسوماتك وحياتك الفنية التي تبدئين خطواتها الأولى؟ والدتي تشجعني كثيرًا، وسألتني ذات مرة "إيه حكايتك مع البنات التخينة"؟ واستطعت أن أقنعها بفكرتي، ولكن أبي يخشى إهدار وقتي في الرسم وعدم التركيز في دراستي. خطتك في الفترة المقبلة؟ أنتوي المشاركة في معارض تضم لوحاتي كافة عن البنات البدينات، بل لن اكتفي بلوحات لبورتريهات فقط، سأرسم قصصًا مصورة عن المواقف اللواتي يتعرضن لها في الشارع أو المنزل؛ لأن العائلة عليها دور كبير في تشجيع الفتاة على قبول جسمها وعدم توبيخها أو السخرية منها. أتمني بعد الانتهاء من دراستي للإعلام الالتحاق بالدراسات الحرة بكلية فنون جميلة، ثم السفر لألمانيا لاستكمال دراسة الفنون بها، وأن افتتح الجاليري الخاص بلوحاتي. تقولي إيه لكل بنت مصرية؟ أقول لها ألا تخجل من جسمها، وتحب شكلها؛ لأنها لو لم تحبه لن يحبه أحد، وأن تسير في الشارع واثقة من نفسها.