يتعمّد الكيان الصهيوني منذ أن وطئ بقدميه أرض فلسطين، طمس الوجه العربي للمكان من مدن وبلدات، وشوارع، وغيرها، فجعلَ الحرفَ العبري فوق الكلمات العربية في الإعلانات وحرّف أسماء المدن، قصداً. وشرع الصهيانة فى تسمية المستوطنات بأسماء كنعانية قديمة، بعد ادعاء عبرانيّتها، بحيث تبدو الأسماء العبرية الجديدة مقاربة لأسماء البلدات العربية المقامة تلك المستوطنات على أراضيها، مثل "قدوميم" بجانب كفر قدوم، و"بركان" قرب بروقين و"تسوفيم"، ومنطقة شرقي قلقيلية أسماها "صوفين". كانت بداية تجرؤ الكيان الصهيوني على مناقشة جعل العبرية لغة رسمية، وطمس العربية، في عام 2010، حينما صادق الكنيست على قانون بالقراءة الأولى، الذى يستهدف اللغة العربية بشكل خاص، حيث يلزم المواطنين العرب بكتابة إعلاناتهم التجارية واليافطات باللغة العبرية، لكنه لم يُعتمد بالقراءة النهائية، ولا يزال العرب في الداخل يكتبونها بالعربية. وفي الوقت الحالي، يعتزم الكيان الصهيوني إحياء مشروع "قانون القومية" والذي يسعى إلى تعريف إسرائيل بإنها دولة قومية لشعب اليهود، وذلك عن طريق عدم اعتبار العربية لغة رسمية، وإنما منحها "مكانة خاصة"، وتشجيع الاستيطان في جميع أنحاء ما يسمى "إسرائيل" وعدم التعهد بتنفيذ أعمال بناء للعرب، وأن تشكل الشريعة اليهودية المصدر لسن القوانين وللمحاكم. يقول الدكتور مختار الحفناوي، أستاذ الإسرائيليات بجامعة القاهرة، إن تهويد فلسطينوالقدس على وجه الخصوص، محاولات للكيان الصهيوني من أجل نزع الهوية العربية الإسلامية من قلوب الأطفال والكبار وكل المتواجدين في المدينة، وذلك يأتي تدريجيًا عن طريق طمس اللغة العربية في البداية، وهو ما ناقشه الكيان الصهيوني في الكنيست أمس. وأضاف "الحفناوي" أن تهويد القدس هو حلم لإسرائيل، ولن يسمح لهم أحد بطمس العربية، مشيرًا إلى أن اللغة العربية مازلت قوية في قلوب الفلسطينيين، وأكبر دليل على ذلك الجامعات الفلسطينية التى تعمل على تعزيز دور اللغة العربية من خلال الأنشطة الثقافية المكثفة. من جانبه، أوضح الدكتور منصور عبد الوهاب، أستاذ الإسرائيليات بجامعة عين شمس، أن إنهاء الوجود العربي ومحاولة تهويد فلسطين، ليست وليدة اللحظة، وإنما منذ عام 1967، مشيرًأ إلى أن حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة عملت على تنفيذ توصية اللجنة الوزارية لشؤون القدس لعام 1973، وكان في وقتها جولدا مائير، رئيسة الوزراء والتي تقضي بألا يتجاوز عدد السكان الفلسطينيين في القدس 22% من المجموع العام للسكان؛ وذلك لطمس العربية. وأكد "عبد الوهاب" أن الكيان الصهيوني غير قادر على طمس الهوية العربية، حتى إن أقر الكنيسيت الإسرائيلي ذلك، موضحًا أن اللغة الإسرائيلية "العبرية" المستخدمة في الوقت الحالي، بعيدة عن لغة التوراة، وبالتالي فهي الأحق أن تندثر وتختفي مع تطور الأجيال وليست العربية. وأشار أستاذ الإسرائيليات، إلى أن الكيان الصهيوني يعلم جيدًا دور اللغة العربية وتغلغلها في نفوس الشعب الفلسطيني، ويدرك تماما أن اللغة العبرية مهما تطورت ومهما أصدروا قوانين لتفعيلها لن تتوغل في فلسطين، ولن يستطيعوا محو اللغة العربية.