قبل عدة أيام وبعد أن كان من المقرر إجراء مهرجان تأبين ضخم تخليداً لذكرى الراحل ياسر عرفات أبو عمار، والذي استعدت حركة فتح لتنفيذه بتاريخ 11/11/2014، تفاجأت الحركة بقيام مجموعة من المجهولين بتفجير منصة المهرجان، ما أدى إلى إلغاء المهرجان بشكل كامل بقرار من اللجنة المركزية لحركة فتح. تباينت ردود الأفعال حول هذه العملية، وتحول الأمر إلى قضية أمر عام، كثير من المواطنين قالوا أنه لا بد من اجراء المهرجان رغماً عن أنفس كافة المحبطين والذين يريدون الالتفاف على الجمهور الفلسطيني الذي يحب أبو عمار، وآراء أخرى قالت أنه لا بد من توخي الحذر خوفاً من تصاعد الأزمة في القطاع وسط الأحداث الجارية. وفي ذات الوقت، تبادلت الاتهامات لتطال مجموعة من الناس والتنظيمات التي نفت جميعها بدورها أن يكون لها أي صلة بالتفجيرات التي حدثت في عدة أماكن بمدينة غزة من ضمنها منصة الشهيد أبو عمار. النائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح د. فيصل أبو شهلا قال إن هذه الفئة هي فئة مسيرة لتدمير حالة المصالحة والوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الفلسطيني، وأقر أبو شهلا بنجاح الفئة التي قامت بالتفجيرات بغزة في تأجيل المهرجان، مؤكداً أنَّ لحركة فتح نية لعقده في الفترة القادمة ولكن نحن بانتظار نتائج التحقيقات والكشف عن الفاعلين لأننا يجب أن لا نترك هذه الفئة تتحكم في قرارات شعبنا الفلسطيني. ودعا أبو شهلا حركة حماس إلى عدم العودة إلى مربع الانقسام وأن يواجه الجميع الفئة التي أرادت الإساءة للمصالحة والوحدة الوطنية والإخلال بالأمن في قطاع غزة مؤكداً على أن الاتصالات مع حركة حماس مستمرة في كل الأوقات للوصول إلى حلول مناسبة والحفاظ على المصالحة الوطنية. وبعيداً عن السياسة، اختار الناس في غزة طريقتهم الخاصة للتعبير عن حبهم للرئيس الراحل ياسر عرفات، لأنهم يؤمنون بفكرة أنَّ هذا الزعيم لم يكن شخصاً عادياً بالنسبة لهم، بل إنه يشكل فكرة وحالة لن تنتهي بوفاته أو اختفائه عن الأنظار، أعداد من الناس تجمعوا في مناطق متفرقة وبشكل عفوي، وقد زينوا سياراتهم بصور للرئيس أبو عمار وأشعلوا الكاسيت في الشوارع العامة، وعدد آخر قام بتشغيل الأغاني الوطنية الخاصة بالزعيم على أبواب البيت، إضافة إلى المؤسسات التي عقدت ورشاً وندوات للحديث عن التاريخ النضالي للرئيس الراحل. وفي ذات الوقت امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بصور الشهيد وأقواله وآراء الناس الشخصية بما يمثله عرفات بالنسبة لأبناء الشعب الفلسطيني. هذا وقد وأحيت جامعة الأزهر في غزة أمس الذكرى العاشرة لرحيل عرفات بحضور رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عبد الخالق الفرا وأعضاء مجلس الجامعة ورئيس ومجلس نقابة العاملين وأعضاء الهيئتين الأكاديمية والإدارية بالجامعة وأعضاء من الهيئة القيادية العليا لحركة فتح، وحشد كبير من طلبة الجامعة. واشتملت الفعاليات على تعليق العمل الإداري والأكاديمي بالجامعة لمدة ساعة، وعلى كلمات ورثاء القائد أبو عمار من قبل إدارة الجامعة ونقابة العاملين، واختتم المهرجان الحاشد بأغنيات وطنية قدمها الفنان سامي الحرازين. وبدأ المهرجان بقراءة عطرة من القرآن الكريم تلاها الشيخ الأستاذ إبراهيم أبو جلمبو، ثم تلا ذلك الوقوف للسلام الوطني الفلسطيني وقراءة الفاتحة على روح أبو عمار وشهداء فلسطين. وخلال المهرجان ألقى الأستاذ الدكتور عبد الخالق الفرا كلمة أبّن فيها الشهيد الراحل، مستذكراً نضاله وكفاحه المتواصل في سبيل قضية شعبه، مؤكداً أن جامعة الأزهر ستبقى وفية لذكرى مؤسسها هذه الذكرى التي تمثل مناسبة لاستخلاص دروس في التضحية والفداء، نستلهم منها ومن سيرة القائد الشهيد كيف نصنع المستقبل، وكيف نواصل المضي على طريقه ونهجه، لنصل للدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. أبو عمار لم يذهب عن عقول الفلسطينيين للحظة واحدة، فهم يذكرونه مع كل عيد ومع كل ابتسامة، لأنَّ الابتسامة كانت هي الطريقة التي يتواصل بها مع أبناء شعبه، إلا أنَّه قد ذهب بعيداً الآن؛ ليتابع ما قد يحدث لأبنائه في غيابه.