نشر عميد أكاديمية مركز "ويلسون ريمون غيلبين" في 31 أكتوبر الماضي دراسة شاملة عن تداعيات زيادة النفط في الولاياتالمتحدة عام 2013 و 2014 والتي أدت في انخفاض حاد بأسعار النفط العالمية من خانة المئات في بداية عام 2014 إلى 83 دولارا للبرميل بحلول نهاية اكتوب وتأثيره الهام على دولة نيجيريا. المنتجات البترولية..ركيزة الاقتصاد النيجيري وقال "ريمون" إن اقتصاد نيجيريا قائم على الموارد التي تعتمد على المنتجات البترولية بنسبة 95 في المئة من صادراتها و 75٪ من الإيرادات الضريبية، الأمر الذي يترتب عليه انخفاض في عائدات الصادرات الضغط (سواء الحقيقي أوالمضاربة) على الاحتياطيات الدولية بنيجيريا، والتي تقف حاليا عند الأصحاء 43 مليون دولار، وهناك تدهور في الوضع الاحتياطي وتقويض استقرار سعر الصرف نسبيا، والتي عززت المكاسب الاقتصادية الكلية الأخيرة في نيجيريا، بالإضافة إلى ذلك، بسبب الطفرة النفطية الأمريكية، انخفض نصيب الصادرات النفطية إلى الولاياتالمتحدة من 46 في المئة في 2008 إلى 18 في المئة بحلول نهاية عام 2012، واستمر في الانخفاض، مما أجبر نيجيريا على التنوع والتوجه نحو وجهات أكثر كلفة، وهذا بدون شك يؤثر على زيادة الميزان التجاري، ويمكن أن يمهد الطريق لعدم استقرار الاقتصاد الكلي حال استمر التراجع في أسعار النفط العالمية لعدة سنوات، كما يتوقع بعض المحللين. وتابع أنه من غير المرجح أن يكون شعر على المدى القصير الآثار المالية للتراجع، لأن السعر المطبق في الحكومة النيجيرية لأغراض وضع الميزانية هو 78 دولارا للبرميل، وهناك التراجع الذي طال أمده أن الانخفاضات أقل من 80 دولارا للبرميل يضر ويمكن أن يؤدي إلى الاقتراض المكثف وتسييل التمويل بالعجز، فإن التأثير المالي المباشر يكون انتقاص مستمر للأموال في البلاد التي تعبر تلك ثروتها السيادية (بتمويل من الفرق بين سعر والسعر العالمي السائد)، والتي تقف حاليا عند 3 مليارات دولار، بانخفاض من 9 مليارات دولار قبل عامين. الضيق المالي والاستقرار السياسي الضيق المالي في نيجيريا يمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي، في الفترة التي تسبق انتخابات فبراير عام 2015، حيث يتم فقدان ما يقرب من 10 في المئة من انتاج نيجيريا اليومي من 2.3 مليون برميل لسرقة النفط، ومنذ هذا الإنفاق فمن غير المرجح أن يتم تقليص وتراجع حصيلة الإيرادات مما قد يؤدي لدخول الفاعلين السياسيين في منافسة عنيفة على الموارد المتضائلة، لا سيما في منطقة دلتا النيجر المنتجة للنفط، الأمر الذي يؤدي إلى تصاعد أعمال العنف والتوترات بين المجموعات، وقدم الدكتور غيلبين سلسلة من التوصيات للحد من آثار انخفاض أسعار النفط التي يمكن أن يكون لها تأثير على الأمن في نيجيريا، قائلا يجب على الحكومة أن تتخذ خطوات فورية لمنع الأزمات الاقتصادية والسياسية المحتملة، كما ينبغي تحسين إدارة الإنفاق العام، وخاصة على المستويات المحلية وحكومة الولاية، كما ينبغي دعم ازدهار القطاع غير النفطي في البلاد وينبغي للسلطات الضريبية تحسين جهودها من أجل تحقيق أقصى قدر من العائدات. وأضاف أنه يجب على الحكومة أن تقاوم التوسع في فاتورة الأجور وزيادة الإنفاق في الفترة التي تسبق الانتخابات، ووضع تدابير لترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي عن طريق تجنب الاقتراض الداخلي والخارجي المفرط، ويمكن أيضا أن تتخذ خطوات ذات مصداقية لمنع العنف وتركيز الانتباه على أمن الفرد المنتج للنفط. 100 ألف برميل يتم سرقتها يوميا وذكر تقرير أصدرته مؤسسة تشاتام هاوس العام الماضى أن ما لا يقل عن 100 ألف برميل يوميا تم سرقتها فى الربع الأول من 2013، وتعطل كثيرا الإنتاج أثناء إغلاق بعض خطوط الأنابيب لإصلاحها، وتسبب ذلك مع هبوط أسعار النفط فى تراجع إيرادات الحكومة 16.5 بالمائة فى سبتمبر، وذكر تقرير أصدره مؤتمر وطنى برئاسة جوناثان فى مارس أن البلاد تخسر ما يقدر بنحو 35 مليون دولار يوميا بسبب سرقة النفط. النفط والحملات السياسية جانبا من سرقة النفط يرتبط بمتطلبات تمويل الحملات السياسية، ومن ثم يتوقع محللون أن تزيد السرقة مع اقتراب الانتخابات، ويقول محللون إن سعر النفط اللازم للوصل إلى نقطة التعادل فى الموازنة أعلى بكثير إذ يتجاوز كثيرا 100 دولار للبرميل وتقدره رينيسانس كابيتال عند 111 دولارا للبرميل فى عام 2014، لكن بعض الخبراء الاقتصاديين يقولون إن نيجيريا ما زالت بعيدة عن الوقوع فى أزمة، وفى سياق عالمى يعانى فيه كثير من الاقتصادات الكبرى من الديون لا تزال نيجيريا تبلى بلاء حسنا. قال سمير جاديو رئيس استراتيجية أفريقيا لدى بنك ستاندرد تشارترد فى لندن، إن ديون نيجيريا تقل عن اثنين بالمائة من الناتج المحلى الإجمالى أو نحو تسعة مليارات دولار، وأضاف "فيما يتعلق بالقدرة على تلبية الالتزامات تبلغ الديون الخارجية على نيجيريا مستوى منخفضا للغاية إلى حد أنها لا تواجه أى مخاطر بشأن التخلف عن السداد." آثار النفط الاجتماعية في حقيقة الأمر ليس الصراع على النفط هو السبب الأساسي والوحيد لما تشهده الدولة من اضطرابات فمشكلة نيجيريا معقدة ولا يمكن اختزالها في سبب واحد، إلا ان النفط كان له أثر اجتماعي على نيجيريا وليس أثر اقتصادي وسياسي فقط، فيرى الكثير من النيجيريين وبخاصة علماء الاجتماع أن سوء توزيع العائدات النفطية تسبب في آثار اجتماعية سلبية على المجتمع النيجيري، فقد زاد من حدة الصراع الطبقي، حيث يوجد في المجتمع شرائح اجتماعية مترفة أصبح لها ثقافتها الخاصة وأساليب معيشتها التي تتناسب مع دخولها المرتفعة، ونجم عن ذلك مظاهر لا تخطئها العين في أماكن السكن ووسائل المواصلات، هذه الفوارق الطبقية تسببت في مشاعر من الحنق لدى الغالبية من الشعب النيجيري والذي راح بدوره يكيل الاتهامات لهذه الشرائح تارة بالفساد وأخرى باحتكار الثروة في دوائرها الضيقة التي لا تخرج عن الأقرباء والمعارف. سياسيون يلعنون النفط تسبب اعتماد الاقتصاد النيجيري على النفط في بروز سمات نفسية غلبت على الكثير من أبناء جيل وصفته وزيرة المالية نديدي عثمان بأنه "جيل من الكسالى"، ولخصت آثار اعتماد هذا الجيل على الدخل السهل الناجم عن النفط بقولها "لقد جعلنا البترول كسالى.. فعندما كنت طفلة تعلمت أنه يجب أن أستخدم عقلي وأجتهد كي أنجح.. أما جيل البترول الحالي فلا يهتم بذلك ولا حتى يفكر فيه.. لقد أفسدنا البترول". لم تكن وزيرة المالية وحدها التي انتقدت ما أحدثته العوائد النفطية من تأثيرات سلبية -اجتماعية ونفسية- في المجتمع، فقد وصل أمر الشعور بالغضب من سوء استخدام هذه العوائد إلى الحد الذي دفع الرئيس النيجيري نفسه "أولوسيغون أوباسانجو" للقول أمام حشد جماهيري في نوفمبر 2003 "لقد أعمانا البترول والغاز وأبعدانا عن قيمنا، بل جعلنا أكثر توحشا وقسوة".