رحلت وتركت وصمة العار تلاحق رجال الشرطة الذين استحلوا جسدها وتركوها لذئاب الوطنى يعبثون به ويتحرشون بها أمام أعينهم وأعين المتظاهرين أمام نقابة الصحفيين. فى ذكراها الخامسة لم تنسَ مصر فتاتها التى دفعت ثمن قهر واستبداد النظام المباركى من حياتها وجسدها. رحلت بعد صراع مع مرض السرطان الذى هاجم جسدها من القهر على ما حدث لها وحال بلدها الذى أصبح يستحل تعري النساء والتحرش بهن فى مقابل التمسك بكرسي الحكم، وليته صار طويلاً "فكل شىء إلى زوال". إنها الصحفية شهيدة القهر "نوال علي" ضحية الأربعاء الأسود "التى تم انتهاكها والتحرش بها وتمزيق ملابسها من قِبَل بلطجية الوطنى وبرعاية رجال الداخلية أمام نقابة الصحفيين أثناء تظاهر العشرات من حركة كفاية؛ احتجاجًا على التعديلات الدستورية التي كان نظام مبارك بصدد تمريرها تمهيدًا لتوريث حكم آل مبارك لابنه جمال. "كانت أيديهم تعبث بصدري، ويتحرشون بكل المناطق الحساسة من جسدي، مزقوا ملابسي واعتدوا عليَّ بأيديهم.. وقعت بوجهي على الأرض، وفوجئت بعدد كبير من هؤلاء البلطجية فوقي، يتحرشون بي مرةً ثانية ويعبثون بكل مناطقي الحساسة.. بدأت في الصراخ طالبةً النجدة وظللت أصرخ إلى أن فقدت الوعي. لم يكونوا يحاولون أن يضربوني، ولكنهم كانوا يعتدون عليَّ جنسيًّا، وكانوا يمزقون ملابسي بكل وضوح، وانتهى بي الأمر وأنا عارية تقريبًا، سحلونى وألقوا بي على الرصيف أمام جميع الضباط (كان منهم إسماعيل الشاعر رئيس مباحث القاهرة آنذاك) وكل من كانوا واقفين هناك". نتيجةً لتلك الكلمات التى ذكرت بها "نوال" واقعة الاعتداء عليها والتى من بعدها قررت أن تتقدم ببلاغ ضد من قاموا بهذه الجريمة، إلا أن الرد عليها كان تهديدًا واضحًا وصريحًا من ضباط أمن الدولة "إما سحب البلاغ أو مش هيحصل طيب". ولكنها رفضت وأبت أن يضيع حقها، وقررت مواجهة مصيرها لتصدم بالواقع المرير، فقد تم فصلها عن العمل وتشويهها عبر الفضائيات بأنها هى من قامت بتمزيق ملابسها بنفسها "عشان ترمي بلاها"! يتعاطف البعض معها، بينما يسأل كثيرون السؤال الخالد "وهي ايه اللي ودّاها هناك؟". يحفظ البلاغ، وبعد سنوات وعقب قيام الثورة بعامين تصدر اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب قرارها بإدانة الحكومة المصرية، وتطالبها بإعادة فتح التحقيقات في وقائع الأربعاء الأسود ومحاكمة المتهمين، فيما تم الحكم بتعويض المتضررات ماديًّا عن الضرر الذى لحق بهن نفسيًّا وجسديًّا. وقال "محمد مجدي" زوج "نوال" والمدير التنفيذي لجريدة "فيس مصر" إن حكم التعويض لم يرضه، وإنما يريد محاكمة الجناة الذين تسببوا فى هذه الواقعة، مؤكداً أن زواجه من "نوال" جاء عقب حادثة النقابة، وأنها كانت متزوجة حينها من ابن عمها كادر بالحزب الوطنى بمحافظة بنى سويف والذى خضع حينها للتهديدات التى تلقاها من قياداته؛ لإجبارها على التنازل عن البلاغ وعدم تصدر قصتها للرأى العام. وأضاف أنه كان على تواصل دائم بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية حتى تم الحكم فى القضية بالتعويض الذى رفض استلامه، حيث جاء الحكم بعد وفاتها، ولم يكن منصفاً بقدر ما تسببت هذه الواقعة لها من أذى.