والناعش في اللغة من الفعل نعَش أي أنهض وأقام .. والناعش الذي يعمل على انهاض الداعش واقامته هو ذلك الذي يبرر له فعلته بدعوى أن الداعشي ما تدعش إلا لأسباب خارجية يتغاضى الناعش أمامها عن التفجير وترويع الآمنين وقطع رؤوسهم. ولعل النموذج الأبرز على وقوف (النواعش) وراء (الدواعش) يتجلى في حادثة مقتل شاب مصري يدعى أحمد الدروي في إحدى عمليات داعش بالعراق. فالدروي كان ضابطًا سابقًا في الشرطة المصرية زعم في كتابات سابقة على مواقع التواصل الاجتماعي أنه استقال منها في العام 2007 احتجاجا على ما يراه من ضلوع للشرطة في تزوير انتخابات العام 2005 قبل أن يترشح في انتخابات مجلس الشعب بعد ال25 من يناير على إحدى القوائم ذات الصلة بجماعة الإخوان. ورغم عدم نجاحه في هذه الانتخابات إلا أنه ظل يدافع عن هذا البرلمان حتى بعد حله بحكم من المحكمة كما عارض المسار الذي اختاره المصريون بعد ال30 من يونيو وعزل الرئيس السابق محمد مرسي قبل أن تنقطع أخباره بإدعاء سفره للولايات المتحدة للعلاج من السرطان ووفاته هناك قبل أن يخرج شقيقه قبل أيام معلنا مصرعه في إحدى عمليات مسلحي داعش في العراق وكاشفا أيضا أنه بمرتبة قيادية بين المسلحين وخلعوا عليه لقب (أبومعاذ المصري). وإذا كانت قصة الدروي تتشابه مع العديد من قصص الذين فضلوا الالتحاق بالإرهابيين فإن ردود أفعال الكثيرين ممن يدعون انتهاجهم الوسطية والدفاع عن حقوق الإنسان كانت صادمة من ناحية تعديد مناقبه وحسناته واعتبار انتهاجه الارهاب ما هو الا حدث هامشي يتضاءل أمام ما يرونه من احباط حل به نتيجة فشل مساراته السياسية. فهاهو أحد رفقاء دربه يصفه ب "الخلوق الشهم المهذب" ويقول انه غير معني بانضمامه لداعش أم لا ولكن ما يعنيه ما وصفه بكسر الحلم الذي يراه مبررا لحمل السلاح وقتل الأبرياء. وآخر يراه ما التحق بالداعشيين إلا نصرة للمظلومين وغيرهم يسوقون التبريرات متعللين بأنهم ما شاهدوه إلا صاحب خلق رفيع. وهذا "الخلق الرفيع" الذي دائما ما يتصف به الارهابي وسط أقرانه والمبررين له هو مفتاح التبرير للارهاب.. فطالما امتاز بهذا الخلق الرفيع فمن حقه أن يقتل ويحرق ويقطع الرؤوس من منطلق أن هذه الممارسات ما يمارسها الا مستهدفا أهل الشر وأن قطعه للرؤوس ما هو الا اختلاف في الأسلوب انما الغاية التي تجمعه ومبرريه تبقى واحدة. فالداعش والناعش أو الارهابي ومن يبرر له يجتمعان على أنهما أصحاب قداسة كلاهما من وفق تفكيرهما وما أنشئا عليه لا يخطئ وان صادف وأخطأ أو لقي عدم قبول لممارساته على الأقل في المرحلة الحالية فان هذه الممارسات ما هي الا رد فعل لما يرونه ظلم له وحرمانه من أحقيته في الحكم والتحكم. لا يعنينا تقسيمات الارهابيين لأنفسهم بين إرهابي طيب وآخر عنيف ولا يخدعنا من يسوق لنا نفسه على أنه (الوسطي المعتدل) لكن الأيام والحوادث سرعان ما تكشف أنه أبعد ما يكون عن هذه الوسطية وليس هناك ما يبرر أي جريمة فلو بحثنا وراء كل المجرمين سواء أن كانوا سارقين أو قاتلين أو مغتصبين نجد أن وراء كل منهم موقف أيقظ استعداده ورغبته في الإجرام.