ها هي خارطة الطريق، انتقلت من مرحلة الرضا العام بالدستور، إلي مرحلة رضا الأغلبيه بالرئيس، وهذه الأغلبية متفاوتة الولاء نسبيا، وقابلة للتمدد والانكماش، وفي حين تنتقل الآن خارطة الطريق مرحلتها الأخيرة إلي البرلمان، فإما أنه برلمان الإرادة الوطنية، أو أنه برلمان السخط الشعبي والنفور والحنق، وربما العصيان، بما يعني أن نظام المشير في مفترق طرق، وعليه أن يختار.. وحيث كانت نقطة الانطلاق إلى البرلمان من نصوص دستورية لم تحدد شكله أو نظامه الانتخابي، ولما كانت الخطوة الأولي علي هذا الطريق بقانون مجلس النواب الذي اختار للبلاد النظام المختلط بين القوائم المطلقة لتمثيل حزبي -في رأيي- يتناسب وقدرات الأحزاب في الواقع، والأكثرية للمقاعد الفردية،وهذا ملائم -نسبيا- للتكوين الاجتماعي المصري في ظل ضعف الأحزاب، ونحن الآن في انتظار قانون تقسيم الدوائر، ليضعنا أمام استحقاق واضح المعالم، ولتكون -إذن- دوائر محدودة المساحات الجغرافية، قليلة الكثافة العددية؛ لو أراد المشرع -وهو هنا النظام وليس البرلمان- تكافؤ فرص بين المرشحين، خاصة وهو يستهدف – أو نأمل أن يستهدف- انتخابات نزيهة، تتيح الفرصة للناخبين لتفتيش المرشحين من عقولهم إلي جيوبهم، الأمر الذي لا يتاح إلا في دوائر ضيقة، وبالتالي إفراز أنسب المرشحين لتمثيل شعبي من غير السياسيين في الغالب، وبالتالي يتجاوز (المشرع – النظام) إشكالية (وعي الناخبين) التي قد تكون عقبة أمام الديمقراطية الفعلية، وقد تكون الديمقراطية الفعلية في ذاتها هي العقبة.. إن لم يكن يستهدف النزاهة. وإن كان النظام الفردي علي أي حال لا يمكنه أن يتخلص من عيوب لصيقة به، كالترسيخ لصورة النائب الخدمي، وهي في حقيقتها نتيجة خلل في النظام -الديمقراطي- المعمول به، سببه الخلط بين دور البرلمان ودور الحكومة، بين دور النائب ودور الوزير.. و دور الدولة في البرلمان القادم إما هو دور الدولة المدنية الديمقراطية التي تحترم إرادة الشعب، وإما هي الدولة البوليسية الجبانة التي تميل إلي من هم أطوع للسلطة من بين المرشحين، فتميل بالنظام وتميل بالدولة، وتميل بشعبية الرئيس.